أبرز العناوينتحقيقات وتقارير

وريد الذهب، منطقة تمتد من السودان شرقا إلى موريتانيا غربا والسبب الرئيسي وراء صراع المليشيات في أفريقيا

المعدن الأصفر، الذي يعتبر أهم الاحتياطيات في خزائن الدول، وهو المحرك الرئيسي للصراعات في كثير من مناطق العالم، والتي من بينها القارة الأفريقية والتي تعتبر من أغنى المناطق  بالذهب.

ويعتبر الذهب هو المحرك الخفي للصراع في منطقة الساحل والصحراء في أفريقيا، والذي بسببه تتقاتل الجماعات المسلحة والمليشيات المتطرفة لبسط نفوذها على مناجمه الممتدة عبر صحراء القارة السمراء.ومنذ عام 2012، تم اكتشاف وريد غني بالذهب يمتد عبر الصحراء من الشرق إلى الغرب. ومنذ ذلك الحين، زادت الاكتشافات الجديدة في تشاد والنيجر ومالي وبوركينا فاسو من إنتاج وبيع هذا المعدن.

وفي مالي تقدر أرقام  استخراج الذهب ما  بين 20 و50 طنا سنويا ومن 10 إلى 30 طنا في بوركينا فاسو، وهو ما يعادل مبلغا يتراوح بين 2000 و4.500 مليون دولار سنويا.

وكشفت  تقديرات مجموعة الأزمات الدولية، في تقرير لها أن هناك أكثر من مليوني شخص في مالي والنيجر وبوركينا فاسو منخرطين بشكل مباشر في تعدين الذهب الحرفي، على الرغم من أن عدد الأشخاص العاملين بشكل غير مباشر أعلى بثلاث مرات.

وبهدف السيطرة على تلك المنطقة الغنية بالذهب  زادت حدة الصراع ما  بين الجماعات الإرهابية نفسها، وبين مجموعة “فاجنر” الروسية، وشركات التعدين المتعددة الجنسيات من أجل بسط النفوذ في هذا الجزء.

وعند النظر إلى خريطة انتشار الذهب في القارة الإفريقية تجد أكثر المناطق التي تتمركز فيها جماعات إرهابية، وتكثف فيها عملياتها، هي ما سُمي بالوريد الصحراوي للذهب، والذي يمتد  من السودان شرق القارة إلى موريتانيا في أقصى غربها.وتسبب الصراع على الذهب وبسط النفوذ في دولتي  مالي وبوركينا فاسو، في اندلاع صراع كبير بين الجماعات الإرهابية وليس فقط شن هجماتها على مؤسسات الحكومة والمدنيين.
ومن  أشهر المتصارعين حول الذهب جماعات محسوبة على تنظيم القاعدة مثل “نصرة الإسلام والمسلمين”، وأخرى محسوبة على داعش مثل “داعش الصحراء الكبرى”.وليس ذلك فحسب بل نشب صراع بين هاتين الجماعتين  و مجموعة “فاجنر” التي تنشر عناصرها في عدة دول بالوريد الصحراوي والساحل، وتُتهم بأنها تمارس أنشطة تعدينية بجانب مهمتها الأساسية التي تعاقدت الحكومة معها، وهي “مكافحة الإرهاب”.قالت منظمة الأزمات الدولية (منظمة دولية مقرها بروكسل، تقدم تقارير لتقييم الأزمات للحكومات والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي)، إن الجماعات المسلحة تستولي على مواقع التنقيب عن الذهب منذ عام 2016 في المناطق التي تكون فيها الدولة ضعيفة أو غائبة.وتجدر الإشارة إلى أن منجم إنتاكا في غاو شمالي مالي والذي يعتبر من أكبر المناطق في استخراج الذهب، تشهد انتشارا لداعش و”نصرة الإسلام والمسلمين”، لذا بات يقع المنجم خارج سيطرة الحكومة، وذلك عكس المناجم في جنوب وغرب البلاد، التي لم يكتسب الإرهابيون فيها نفوذا بعد.في بوركينا فاسو، فإن مجموعة نوردجولد الروسية التي كانت تدير موقعا للذهب في وسط وشمال البلاد، تركته بعد زيادة الاقتحامات الإرهابية للموقع، بحسب ما نشرته جريدة” إيكونوميست دو فاسو” البوركينية.”نوردجولد” حصلت على تصريح آخر بالعمل لمدة 4 سنوات في ييميوغو، شمال بوركينا فاسو، وفقا لتقرير مجلس الوزراء بتاريخ 7 ديسمبر 2022.في 6 نوفمبر 2019، قتل هجوم إرهابي على حافلات تقل عمال منجم بونجو التابع لشركة الذهب الكندية “سيمافو” 38 شخصا وأصاب 60 آخرين.يمثل التعدين في بوركينا فاسو ثلثي عائدات التصدير، و12 % من الناتج المحلي الإجمالي، بخلاف دوره في توفير 61 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة.وفق المحلل السياسي المتخصص في شؤون منطقة الساحل وغرب إفريقيا، غوتييه باسكيت، فإن دخول “فاجنر” للمنطقة زاد من اشتعال صراع الذهب.وجه آخر للصراع، ,هو بين شركات التعدين نفسها، حيث توجد 6 شركات دولية منافسة للروس تعمل في مناجم ذهب مالي، وبعضها تتخذ من كندا مقرا لها، وبعضها الآخر مقرها ببريطانيا، وهناك شركات مقرها في جنوب أفريقيا.وفي السودان ينتشر معدن الذهب في أغلب مدن الشمال، وتعد وتحديدا من أقصى الشمال وحتى قرب العاصمة الخرطوم، ومن الساحل الشرقي على البحر الأحمر وسلسلة جبال البحر الأحمر إلى أقصى الغرب بالقرب من جبل عوينات والطينة في دارفور.

وتسبب  تنوع طبوغرافيا السودان من أراض صحراوية وسلاسل تلال وجبال بركانية إلى تنوع المعادن بها خاصة الذهب الذي يتواجد بنسب عالية في شمال السودان من وادي حلفا وحتى عطبرة ناتج من تحول الصخور البركانية والرسوبية التي ترجع إلى العصر البروتوزوي المتأخر في شكل عروق مع معادن أخرى مثل النحاس والزنك والحديد.

ويوجد الذهب بتركيزات عالية تصل في بعض الأماكن إلى 100جرام/طن  في جبال البحر الأحمر يوجد مصحوبا بالفضة بجنوب النيل الأزرق “ولاية النيل الأزرق” فيوجد الذهب الرسوبي الذي يتم التنقيب عنه بالطرق التقليدية.

وتجدر الإشارة إلى أن عملية التنقيب التقليدية عن الذهب، أو التنقيب الأهلي في مختلف مناطق السودان  تشهد الكثير من المخاطر بل والمعاناة تنتهي ربما بكميات قليلة من الذهب، أو قد يحالف البعض الحظ ويظفرون بنحو 5 إلى 10 كيلوجرامات من الذهب ويصبحون أثرياء، لكن أحيانا تنتهي التجربة بمرارة حيث تتحول آبار التنقيب إلى خيبات أمل أو مقابر جماعية لاستخدامهم وسائل بدائية وخطرة مثل الزئبق السام، وقد تنهار عليهم الابار وهم بداخلها، وتكون حياتهم عرضة للخطر، إذ يقضون الليالي الطويلة في مناطق لا توجد بها أي مرافق صحية، فيموت الكثير من العطش أو لدغات العقارب.

وينتشر قطاع التعدين الأهلي أو التقليدي للذهب في معظم أنحاء السودان، ويعمل فيه أكثر من مليوني شخص ينتجون حوالى 80 % من كمية الذهب الإجمالية المستخرجة في البلاد.

وساهم انفصال جنوب السودان الغني بالنفط عن السودان في انتشار التعدين التقليدي وازدهاره، خصوصا في ظل معاناة السودانيين من الظروف الاقتصادية الصعبة وعقوبات دولية تحت حكم الرئيس المخلوع عمر البشير الذي أطاحه الجيش في نيسان/إبريل 2019 إثر احتجاجات شعبية حاشدة.

ويشكّل التلوث الكيميائي الناجم عن استخراج الذهب أخطارا صحية على مجتمعات التعدين والمقيمين قرب الأماكن التي تنشط فيها أعمال التعدين.

المصدر: بوابة فيتو

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى