أبرز العناويناقتصاد

لغز الأسعار وشماعة الدولار.. خبراء يتهمون «تجار الأزمات» برفع أسعار سلع متوافرة ويُحددون وسائل ضبط السوق

باتت أزمة ارتفاع الأسعار وعدم استقرارها تؤرق جميع المواطنين، فعلى الرغم من ثبات سعر الدولار والبنزين مؤخرا، والذي يسهم بدوره بصورة مباشرة في استقرار أسعار السلع والبضائع التي تتأثر بصورة مستمرة بتحركات الصرف، إلا أن أسعار السلع تواصل الارتفاع خلال الفترة الأخيرة.

ويشكل ارتفاع أسعار السلع بكل أشكالها أزمة كبيرة، وهو ما يرفع معدلات التضخم بشكل قياسي ليس في مصر فقط، ولكن على مستوى العالم في ظل الأزمة الاقتصادية التي سيطرت على العالم بعد جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.

وتشهد أسعار الدولار استقرارا مقابل الجنيه المصري في البنوك المصرية خلال الفترة الأخيرة، ففي أكبر بنكين محليين من حيث الأصول والتعاملات البنك الأهلي وبنك مصر، استقر سعر صرف الدولار ليسجل اليوم 30.75 جنيه للشراء، و30.85 جنيه للبيع.

عدم استقرار الأسعار التي تشهدها السوق المصرية غير مرتبطة بسعر الدولار، بحسب أحمد الوكيل رئيس الغرفة التجارية بالإسكندرية، فيرجع السبب إلى سياسية العرض والطلب، وحجم المعروض من البضائع الذي انخفض بسبب تراجع الوفرة الدولارية وحتى الآن لم يعد إلى المستويات التي تتماشى مع تلبية حجم الطلب، وستستغرق فترة من الوقت حتى تستطيع تلبية احتياجات السوق المحلية.

ويوضح رئيس الغرفة التجارية، أن الحكومة عليها أن تعمل خلال الفترة القادمة على دفع الطاقات الإنتاجية للمصانع، بالإفراج الفوري عن البضائع عند وصولها، وهو ما سيدعم عودة التوازن مرة أخرى بين العرض والطلب بالأسواق.

ولكن تبرر بعض الشركات زيادة أسعار السلع بارتفاع تكاليف الإنتاج على الرغم من استقرارها، فيؤكد حازم المنوفي عضو الشعبة التجارية، أن أسعار السكر ارتفعت رغم توافره بالسوق المحلي وعدم استيراده، بالإضافة إلى البن الذي رفعه التجار بنحو 10% رغم امتلاك مخزون ضخم منه، قبل تطبيق رسوم رسم التنمية عليه، فلماذا ارتفعت هذه الأسعار رغم توافرها؟.

وأثر عدم استقرار الأسعار والارتفاعات التي تحدث بصورة شبه يومية، سلبا على دوران رأس مال التجار، فيوضح “المنوفي”، أن القدرة الشرائية للتاجر من البضائع انخفضت بشكل كبير، حيث لا يستطيعون تحمل زيادات الأسعار التى تحدث من قبل الشركات.

وأكد خبراء الاقتصاد، أن أزمة ارتفاع الأسعار هي نتاج الأزمة الاقتصادية العالمية، وذلك نتيجة تداعيات أحداث كثيرة متتالية أثرة على الاقتصاد العالمي، وأزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا كانت سببا رئيسيا في التداعيات الاقتصادية السلبية التي شهدها العالم خلال الفترة الأخيرة.

ويرتبط سبب ارتفاع سعر الدولار أو انخفاضه بعوامل داخلية وخارجية، من بينها – بحسب الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي- ضغط المستثمرين على الدولار نتيجة حاجتهم إليهم، والدولار يشكل جزءًا فقط من تكوين المنتج المصري وليس إجمالي التكوين.

ولكن أثبتت أزمة ارتفاع الأسعار الحالية رغم استقرار سعر الدولار، أن الأزمة يسببها التجار واستغلالهم وليست الدولار فقط، فتجار الأزمات يعلقون كل زيادة في الأسعار على ارتفاع الدولار، فالتجار يقومون برفع الأسعار حاليا دون أي مبرر على الرغم من توفر السلع، فهم يخلقون الأزمات لاستغلالهم بشكل عام للمواطنين ورفع الأسعار عليه، ومنها تحصيل أكبر ربح ممكن لهم.

كما أثرت الأزمة الاقتصادية على بلدان صناعية واقتصادية كبرى وليس مصر فقط، ويؤكد “الإدريسي”، أن تجار الأزمات هم من يساعدون في تفاقم الأزمة الاقتصادية، حيث إنهم يستغلون الوضع لتحقيق أرباح مالية، والمواطنون عليهم مسئولية الإبلاغ عن أي ضرر بشأن التسعير أو ارتفاع الأسعار.

وقال الدكتور مصطفى أبو زيد الخبير الاقتصادي، إن هناك مشكلة في سعر الصرف في الدولة المصرية، وهي أن تقييم سعر الصرف نفسه يختلف ويتغير في كل صناعة ومنتج، فالنسبة المحتكرة للصناعات تتحكم في سعره كيفما شائت، مما يسبب العديد من المشاكل، وكل تاجر يكون تفكيره في الحفاظ على نسبة الربح التي يجلبها من صناعته ومنه يقدر سعر الدولار.

ويتسبب غلاء الأسعار، في عدم شعور المواطن بأي زيادة مالية تقوم الدولة بها، مما يجعلنا نسير في حلقة مفرغة، لذا يؤكد الدكتور مصطفى أبو زيد، على ضرورة تفعيل دور الأجهزة المعنية والتفتيش أكثر من الوقت الحالية، وطالب بتعديل قانون حماية المستهلك أو إضافة تعديلات عليه، وإعطاء صلاحية للدور الرقابي بأن يتخذ قرارات تمنع استغلال التجار الذين يبالغون في أسعارهم.

وتعمل لجان الضبطية القضائية لجهاز حماية المستهلك في المرور على الأسواق للتصدي للمخالفات وعدم مغالاة التجار في الأسعار، ويستقبل الجهاز شكاوى المواطنين على الخط الساخن 19588، أو من خلال الموقع الإلكتروني للجهاز أو من خلال خدمة الواتساب للجهاز.

ويتضمن قانون العقوبات مواد تشرح عقوبة رفع الأسعار واحتكار السلع، من خلال المادة 345 من قانون العقوبات التي تنص على أن “الأشخاص الذين تسببوا في علو أو انحطاط أسعار غلال أو بضائع أو بونات أو سندات مالية معدة للتداول عن القيمة المقررة لها في المعاملات التجارية بنشرهم عمداً بين الناس أخباراً أو إعلانات مزورة أو مفتراه أو بإعطائهم للبائع ثمناً أزيد مما طلبه أو بتواطئهم مع مشاهير التجار الحائزين لصنف واحد من بضاعة أو غلال على عدم بيعه أصلاً أو على منع بيعه بثمن أقل من الثمن المتفق عليه فيما بينهم أو بأي طريقة احتيالية أخرى يعاقبون بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط”.

وضاعفت المادة 346 الحد الأقصى لعقوبة الحبس في المادة السابقة، تصل لسنتين، إذا احتال التجار لرفع الأسعار خاصة فيما يتعلق بسعر اللحوم أو الخبز أو الوقود والفحم أو نحو ذلك من الحاجات الضرورية، أما المادة 8 في قانون حماية المستهلك 181 لسنة1821 فنصت على حظر حجب المنتجات المعدة للبيع عن التداول بإخفائها أو عدم طرحها للبيع (التخزين) أو الامتناع عن بيعها بأي صورة.

وتنص المادة 43 من القانون أنه يحق لجهاز حماية المستهلك تلقي جميع الشكاوى والبلاغات بأنواعها في مجال حماية المستهلكين والتحقيق فيها، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، كل من يحتكر سلعة ويمتنع عن طرحها للبيع، وفق المادة 71 من القانون.

وتنص المادة 71 من قانون حماية المستهلك على أنه في حالة تكرار البائع للجريمة، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات وتضاعف قيمة الغرامة، أمّا عن عقوبة رفع أسعار السلع، فتتراوح من غرامة 5 آلاف إلى 50 ألف جنيه، وتاجر الجُملة من 500 ألف وتصل إلى مليون جنيه.

وطالب الخبراء الاقتصاديين، الدولة بوضع تسعيرة جبرية يلتزم بها كل التجار سواء جملة أو موزعين، وذلك تماشيا مع سياسة الدولة في ضبط الأسعار وعدم استغلال حاجة الناس، وذلك مع تفعيل الدور الرقابي بشكل صارم، وعقوبة غير الملتزمين لذلك، وتطبيق القوانين عليهم.

“بوابة الأهرام”

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى