تحقيقات وتقارير

تطورات الأحداث بغرب دارفور.. هل عجزت الدولة عن وقف نزيف الدماء؟

مجدَّداً اتسعت رقعة العنف في ولاية غرب دارفور، خلال اليومين الماضيين، إثر اشتباكات بين مواطنين ومليشيات مسلحة في محلية “سربا”، التي تبعد حوالي 23 كيلومتراً، شمال مدينة الجنينة عاصمة الولاية، وأسفر عن مقتل خمسة أشخاص وتشريد المئات من السكان، فيما يتساءل كثيرين عن تطور هذه الأحداث وعجز حكومة الولاية والإقليم في ضبط الأمن ومحاصرة المجموعات المسلحة التابعة لبعض الحركات والتي تنشط في تزكية الصراعات القبلية..فمن يوقف نزيف الدماء؟

حالة طوارئ

وأعلنت حكومة الولاية أمس الأول، حالة الطوارئ وحظر التجوال الليلي في جميع مناطق غرب دارفور لمدة شهر قابلة للتجديد، ووفقاً لما جاء بالقرار الذي نشرته حكومة ولاية غرب دارفور”بعد الأحداث التي شهدتها مدينة “فوربرنقا” ومقتل شخصين، إضرام النار في أجزاء كبيرة من الأحياء الشرقية للمنطقة ونزوح السكان، وأوضح بيان رسمي، أن الخطوة تجيئ تعزيزاً للسكينة والطمأنينة والسلامة العامة للمواطنين، حيث أصدر والي الولاية الجنرال خميس عبد الله أبكر، إعلان حالة الطوارئ العامة، كما نص القرار على حظر تجوال وتحرُّك المواطنين في جميع أنحاء ولاية غرب دارفور اعتباراً من يوم الاثنين ولمدة أسبوعين من الساعة السابعة مساءً إلى السابعة من صباح اليوم التالي.

قديم متجدَّد

وقال أمين شؤون رئاسة لحركة العدل والمساواة الموقعة لوثيقة الدوحة للسلام في دارفور بقيادة اللواء بخيت دبجو. دكتور النور عز الدين لـ(الصيحة): إن النزاع في دارفور قديم متجدِّد، وهي سابقة لتوقيع اتفاقية السلام وتشكيل حكومة الإقليم، ولربما سابقة حتى للنظام البائد، وأوضح أن هذه الصراعات ذات طابع قبلي ونزاعات الحواكير، وزاد: لكن اعتقد أن الهشاشة الأمنية الحالية، وانتشار خطابات الكراهية، والأثنية، إضافة إلى انتشار النهب المسلح، والصراع حول الموارد، المرعى والكلأ كل هذه الأسباب جعلت من البيئة في دارفور أرض خصبة للنزاع، وهذه بالتأكيد خارجة عن سيطرة الدولة، أو وجود الحركات المسلحة، وحتى توقيع اتفاقية السلام، وأبان أن غرب دارفور، ولاية ممتدة وأن حدودها لاتنفصل عن غرب شمال دارفور منطقة “التينة” وحتى “فوربرنقا ” وجزء من الجنينة مما يجعل من انتقال الصراع بين هذه المناطق متوقع.

صراع مفتعل

وقال النور الحركات الكفاح المسلح ليست لديها يد في الصراع، وأضاف: حتى أن هنالك حركات نفذت جزء من بند الترتيبات، ودمجت أكثر من 6 آلاف من مقاتليها مثل حركة (دبجو)، لكن لاتزال الصراعات في تلك المناطق موجودة، وتابع لكن هذا لاينفي أن وجود بعض الحركات المسلحة غير الموقعة على سلام جوبا، ساهم في تأجيج الصراع وأن وجود هذه الحركات ( زادت الطين بلة)، لكنه اتهم بعض الدوائر ومسؤولين في الدولة لم يذكر اسم لهم دور في تحريض القبائل على بعض مما حول بعض النزاعات إلى صراع مفتعل،إضافة إلى انعدام الثقة بين القبائل الأثنية القاطنة في تلك المناطق، وأصبح الصراع يزكى بسبب جهل بعض المواطنين عبر محاولات الصد والدفاع لقبائلهم دون النظر في دوافع وأسباب اندلاع الصراع، وأضاف هذا بالتأكيد ناتج من غياب الوجود الأمني، والانفلات،وأكد بأن والي غرب دارفور خميس أبكر، ونائبه القادمان من اتفاقية سلام جوبا، ووفقاً لوجهة نظري هما حريصان على حل مشكلة النزاع في الولاية، ولكن يهزمهم انتشار فقدان الثقة وخطابات الكراهية بين المواطنيين وبالتالي أرى أن السبب ليس عجز الحكومة وإنما من جهل بعض المواطنين.

اضطراب أمني

وفي الجانب الآخر يرى محلِّلون أنه وعلى الرغم من توقيع اتفاق السلام السوداني في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان في أكتوبر 2020، إلا أن الأوضاع في دارفور لا تزال تشهد اضطراباً أمنياً كبيراً وهشاشة واضحة ظهرت ملامحها بقوة في الأحداث التي اندلعت في ولايتي غرب وجنوب دارفور خلال الأشهر الأخيرة والتي أدت لمقتل وإصابة آلاف المدنيين العزل بينهم نساء وأطفال، وبعد مرور مايقارب من الثلاث أعوام على توقيعه، لم ينجح الاتفاق حتى الآن في وقف آلة الحرب التي اندلعت في عام 2003 وحصدت أرواح مئات الآلاف وشرَّدت الملايين في دارفور، ولا تزال المعاناة وعمليات القتل مستمرة، مما أثار انتقادات كبيرة للاتفاق، وتساؤلات عديدة حول الأسباب التي أدت إلى إخفاق الاتفاق في تحقيق تطلعات أصحاب المصلحة الحقيقيين، كما يثير تشظي الحركات المسلحة وتكاثرها مخاوف كبيرة ويلقي ظلالاً قاتمة حول إمكانية نجاح جهود الاستقرار في المناطق التي عانت نزاعات أهلية استمرت أكثر من ثلاث عقود. وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 87 حركة مسلحة في السودان 84 منها في منطقة دارفور وحدها، ووفقاً لمراقبين، فأن تأخر تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية والبحث عن الامتيازات والمناصب جعل من مناطق مثل دارفور أرضاً خصبة لتوالد المزيد من الحركات مما يهدِّد بنسف العملية السلمية ويعيد البلاد إلى مربع الحرب من جديد.

أسباب فشل الدولة

المحلِّل السياسي والمراقب للعملية السلمية في دارفور عبدالله آدم خاطر، يرى أن عوامل عدة أدت إلى فشل الحكومة في وقف نزيف الدماء بدارفور، تتمثل في عدم مقدرة الحكومة على السيطرة على المليشيات المسلحة، إلى جانب الأزمة الاقتصادية الخانقة وقصور الظل الإداري وعدم دعم حكومة وشرطة الإقليم للقيام بمهامها في حفظ الأمن، إضافة إلى فشل الحوار بين أبناء دارفور وعدم توقيع كل الحركات المسلحة على اتفاق سلام جوبا، واتهامها للحركات الموقعة بالخيانة، أضف إلى ذلك عدم التزام الحكومة بتعهداتها تجاه أزمة دارفور وتجاه اتفاقية السلام، وأوضح خاطر، حالياً هنالك واقع جديد يساهم في الخروج من دائرة الأزمة التاريخية، باعتبار أن كل السودانيين على قدم المساواة، ورؤيتهم الخروج من دائرة الازمة ومن ثم الاتفاق على نقاط رئيسة، أهمها أن الديموقراطية هي الأساس، وأن ثورة ديسمبر رفعت شعار” يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور”.

تقرير : نجدة بشارة

الصيحة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى