الطاهر ساتي يكتب: الخيارات محدودة ..!!
:: (عودة الوعي)، كأن يؤمن خالد عمر، القيادي بقوى الحرية، بأن اتساع قاعدة الانتقال المدني الديمقراطي واحدة من عوامل نجاح الانتقال، ولا مصلحة لديهم في قاعدة انتقال ضيقة، أو كما كتب في صفحته بموقع التواصل.. وما وصل إليه خالد اليوم هو ما يطالب به عقلاء السياسة منذ عام ونيف، وأن يتوصل إليه خالد أخيراً خير من أن يظل ناشطاً مثل عرمان وآخرين..!!
:: وقد صدق خالد، فالحاضنة السياسية الضيقة تعني (حكومة ضعيفة ومعارضة قوية)، وهو وضع لا يؤدي إلى الاستقرار السياسي المرتجى، بل يعتبر من مهددات الأمن الوطني والتوغل الأجنبي (أكتر من كدا).. وكما تعلمون فإن المرحلة الانتقالية، ليس في بلادنا فحسب، بل في كل الدول، مرحلة خطرة وقابلة للإنفجار في أية لحظة، والشواهد كثيرة بعد ثورات الربيع العربي..!!
:: والسودان لا يختلف عن ليبيا والعراق واليمن وسوريا من حيث تعدد الجيوش والصراع القبلي والاستقطاب السلبي وغيره من عوامل الانفجار، ولذلك كان – ولا يزال – حرصنا على مناشدة القوى السياسية الفاعلة باليقظة والعمل على تماسك الجبهة الداخلية – ببناء أكبر تحالف سياسي ممكن – لحين عبور هذه المرحلة الحساسة، ولتجنب محارق تلك الدول..!!
:: وبعد نجاح الثورة، كان إعلان الحرية والتغيير التحالف السياسي الأكبر في البلد، وكان التحالف المرتجى في بناء قاعدة المشاركة الواسعة، ولكنهم سقطوا في امتحان السلطة، وأصيبوا بداء الاحتكار ثم الانسلاخ.. نعم، احتكار أربعة أحزاب لمطابخ صناعة القرار تسبب في إضعاف حكومة حمدوك وساهم في توسيع قاعدة المعارضة وتمددها بحيث شملت قوى الثورة والثورة المضادة..!!
:: وحكومة حمدوك لم تسقط يوم 25 أكتوبر كما يكذب النشطاء، بل تم إسقاطها – من داخل حاضنتها السياسية – بمعارضة برامجها ومحاربة مشاريعها منذ ميلادها، وكذلك تم إسقاطها بتعيين أضعف الكوادر فيها والمهرجين، ثم بتغييب أجهزة الرقابة والمحاسبة، ثم بتكبيل سلطات حمدوك، و..و.. باختصار أسقطها عجزهم عن تخطي مرحلة النشطاء إلى مرحلة رجال الدولة..!!
:: وبالتفكير في توسيع قاعدة الانتقال فإن خالد يتخطى تلك المرحلة .. ونتفق معه، بحيث يجب توسيع قاعدة الانتقال، ولكن بمعايير سياسية واضحة، ودون التفكير في المحاصصة و(قسمة الكيكة).. والمؤسف، كما وضح للجميع أن الخلاف الراهن بين المجلس المركزي والكتلة الديمقرطية حول (نسب المشاركة)، وليس حول الأفكار والبرامج، ولا بين قوى المؤمنة بالثورة والفلول، أو كما كانوا يخدعون أنفسهم بمظان خداع الناس..!!
:: والصراع حول نسب المشاركة يعني التفكير في المحاصصة، ثم السعي لاحتكار القرار وإعادة إنتاج الفشل، وكأنهم لم يتعظوا من دروس ما قبل 25 أكتوبر، أي تناسوا أسباب إضعاف وإسقاط حكومة حمدوك.. وعليه، لكي لا يُعاد إنتاج تلك الأسباب، وليكتمل الوعي، ناقشوا معايير المشاركة، وليس نسب المشاركة.. هذا أو ارحلوا جميعاً، فكما أن القطاعات المدنية حبلى بالكفاءات المستقلة، فإن القوات المسلحة أيضاً تضج بالفرسان..!!
صحيفة اليوم التالي