حوارات

رئيس حزب التحالف الوطني اللواء معاش كمال اسماعيل: * البرهان يواجه ضغوطا كثيرة من داخل الجيش والمؤسسات الاخرى

* الدعم السريع اشتّرط الإصلاح قبل الدمج باعتبار أن هناك عناصر من النظام المباد يجب إبعادهم
* قحت ليست مسؤولة عن الخلافات بين الجيش والدعم السريع، لكن توافقت رؤية حمديتي معها في استعادة مسار الانتقال
* تحويل قيادات الانقاذ الى محكمة مدنية يؤكد أن الأجهزة القضائية تابعة للنظام البائد
* تأجيل العملية السياسية مضر وسينفرط العقد وسيزداد الشارع اشتعالا

 

كشف لـ(الجريدة) ، رئيس حزب التحالف الوطني اللواء معاش كمال اسماعيل، ومسؤول قوى الحرية والتغيير في ورشة الإصلاح الأمني والعسكري تفاصيل الخلافات بين الجيش والدعم السريع، وكيفية تحقيق الاصلاح داخل المؤسسة العسكرية وكيفية تجاوز سيناريو الحرب الأهلية وقضايا أخرى تتعلق بالانتقال الى الدولة المدنية فالى مضابط الحوار:
* هل كنتم تتوقعون انسحاب الجيش من ورشة الاصلاح الأمني والعسكري؟
– لم نكن نتوقع انسحاب الجيش، لكن كنا متابعين؛ فكما هو معلوم فقد تم تشكيل لجنة سداسية ثلاثة من الجيش وثلاثة من الدعم السريع، وكنا متابعين الاشياء التي حدث فيها اتفاق واصطدم الاتفاق في المصفوفة الزمنية فالقرار السياسي والشعبي هو مع جيش واحد، وعندما جئنا الى المصفوفة الزمنية كان هناك تباين كبير بين الجيش والدعم السريع حيث طالب الاول بعامين للفترة الانتقالية بينما تمسك الدعم السريع بعشرة أعوام، بالإضافة إلى تمسكهم، بالإصلاح اولا ثم الدمج ثانياً.
* اتضح من الشروط أن كل من الجيش والدعم اوردا نقاط ضعف كل منهما في ورقتي الإصلاح؟
– ليس هناك ارادة سياسية وأصبح هناك تباين اكبر في الرؤى بين الجيش.
* هناك من يرى أن الدعم السريع ليس من حقه أن يفرض شروط على الجيش؟
– الدعم السريع أصبح واقعا، ونحن نتعامل مع الواقع ولذلك طالما هو موجود وساهم في التغيير، والترتيبات الأمنية نصتّ على أن دمج الحركات يتم في الجيش والشرطة والأمن وكذلك الدعم السريع إذا هو فعلياً بات واقع موجود.
* هناك من يرى أن النقاش تطرق للدمج واغفل التسريح؟
– هذا غير صحيح فأي شخص لا تنطبق عليه شروط الدمج يتم تسريحه، الاتفاقية لم تكتمل بالمصفوفة الزمنية الدعم يقول الإصلاح قبل الدمج باعتبار أن هناك عناصر من النظام المباد يجب إبعادهم، اذا فنقاط الخلاف تنحصر في الدمج والإصلاح كل من الجيش والدعم متمسك بموقفه، واقول أن هناك مشكلة ارادة سياسية ولو توفرت لتعززت الثقة المتبادلة بين الجميع، لكن الوضع الحالي نتج عنه تزايد التباين بين الجيش والدعم السريع وتعمق هذا الأمر بعدم الوصول لاتفاق بينهما.
* ألا ترى أن اقتراب قوى الحرية والتغيير من الدعم السريع فجر الخلاف بينه وبين الجيش؟
– قوى الحرية والتغيير لم تتسبب في الخلافات، ولم تسعى للتقرب مع الدعم السريع ولكن ما حدث فعليا أن الدعم السريع توافق مع رؤيتها في استعادة مسار الانتقال، وبالتالي هذا التقارب حدث نتيجة تقارب مواقف، وليس نتيجة اتفاقات أو تفاهمات. في ذات الوقت نحن نحترم تاريخ المؤسسة العسكرية ولا ننكر ذلك وبشكل فعلي نتعامل في الوقت الراهن مع الظروف التي أنتجها النظام المباد، خلال سنوات حكمه الثلاثين في كل المؤسسات المدنية والقضائية والعدلية، والمؤسسة العسكرية أحد مكونات الدولة التي طالها تخريب الإنقاذ والتي تستوجب الإصلاح أسوة بغيرها من المؤسسات العامة، وانا كنت عضوا في مفاوضات الترتيبات الأمنية حيث نصت تلك الترتيبات على وجوب الإصلاح اولا للمؤسسة العسكرية، وكان النقاش هل يتم هذا الأمر بواسطة العسكريين ام المدنيين ولذلك اعتقد أن هذا الأمر يقوم به العسكريين، لانه ببساطة لا يمكنني كشخص ذو خلفية عسكرية أنا أطالب باشراكي في إصلاح القضاء مع وجود عامل اضافي ثاني، وهو عدم الثفة بين العسكريين والمدنيين ولذلك فيجب أن ينتقل الإصلاح في الجوانب والشق الفني لاصحاب الشأن من العسكريين.
* كيف يمكن أن يتم تنقية الجيش من الاسلاميبن ؟
– القرار السياسي الجيش واحد هذا مربط الفرس ولكني اعتقد حتى في حال وجود اسلاميين داخل الجيش، فعملية الإصلاح والتنقية لا تتم بين يوم وليلة وانما على فترات معينة، حتى يحدث إحلال وأبدال وهذه متروكة للمؤسسة وقياداتها الحالية دخلت قبل نظام الإنقاذ كالفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان وغيره والذين كانوا ضباط قبل انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م ولذلك يجب أن يجلسوا لإدارة اي خلل لأنهم لم يتسببوا في ذلك الخلل ولكنهم وجدوه وعندما دخلوا كانوا رتب وسيطة.
* هل من السهل فرز الاسلاميين؟
– طبعا هناك أدلة حدثت فاختراق القوى السياسية للجيش لم يبدأ في الوقت الحالي فقط بل بدأ مبكرا وعندما جاء؛ لرئيس السابق جعفر نميري كان اليسار اخترق الجيش وكانت هناك قوائم وتمت إقالات لضباط وحتي بعد فشل انقلاب الرائد هاشم العطا، وحينها كنا طلابا بالكلية الحربية كانت أيضا هناك قوائم ولكن بالتأكيد فإن نظام الحزب الواحد الأيديولوجي ينتج دكتاتوريته اكثر من النظام العسكري، لانه يمكن أعضاء حزبه وبالتالي الحزب الذي يأتي عبر الانقلابات، هذا حزب لا يؤمن بالديمقراطية ويدرك انه عندما تأتي الانتخابات فلن يفوز لذلك يأتي بقوة السلاح وحماية الانقلاب.
* ولكن هناك من يرى أن الاسلاميون مسيطرون على الجيش، وماذا عن تطهيره منهم هل توجد قوائم جاهزة؟
– لا علم لي وليست هناك قوائم محددة، ولكنني اعتقد أن تعزيز الثقة في القيادات العسكرية القديمة يعينهم باعتبار أن هذا جزء من عملهم، وهناك أشياء كثيرة ومن بينها أن الضابط عندما يدخل وهو منتمي في النهاية يرمي انتمائه ويصبح انتمائه عسكريا فقط خاصة الفنيين لكن ليس كلهم.
* هناك من يفسر مراوغة البرهان بسبب سيطرة الاسلاميين عليه؟
– عندما تأتي في القيادة صعب ارضاء كل الأطراف، وأعتقد أن البرهان يواجه ضغوطا كثيرة من كل الاتجاهات حتى داخل الجيش والمؤسسات الاخرى يحاول ارضاء كل الأطراف وهذه صعبة.

* هل مازال الاخوان متمكنون من المؤسسة العسكرية؟
– الاخوان متمكنون في كل مؤسسات الدولة خاصة بعد انقلاب ٢٥ اكتوبر، تمكنوا اكثر والدليل على ذلك رغم أن حزبهم محلول ينتظمون ويعقدون افطارات جماعية ويطلقون تصريحات نارية، وهذا كله ضد رغبة الشعب واتمنى أن تتعامل معهم السلطات بما يحفظ حقوق الثورة والثوار، وإلا ستحدث مواجهات نحن في غنى عنها، لأن الشعب لن يقبل بحكم الاخوان مرة أخرى في ظل نشاطهم الحالي سيظهر نشاط آخر مضاد له والدولة يجب أن تحسم هذا الموضوع قبل أن يتطور.

 

* كيف تنظر للمحاكمات التي تجري لقادة انقلاب الانقاذ؟
ـ أي شخص يحاكم بالقانون الذي يتبع له المدني يحاكم بالقانون المدني والعسكري حينما قام بالجرم وهو عسكري يحاكم بالقانون العسكري، وهذا هو التراخي الذي بدأ لأن القانون العسكري والإجراءات العسكرية تختلف عن القانون المدني، بحيث أن القانون العسكري اكثر صرامة من المدني لانه يحاكم من يحملون السلاح وفي المحكمة العسكرية وليس هناك محامي بل هناك صديق المحامي، لا يتكلم بل يتحدث ويسمى بالصديق ولا يسمح للمتهم بالذهاب للمستشفيات والمكوث فيها لمدة شهر !! وهذه غير موجودة والقانون العسكري قانون صارم كالمحاكمات الايجازية يحاكم في ثلاثة او أربعة دقائق، وهو قانون واضح جدا يوم فقط ولا نعلم كيف جاء تخفيف الحكم على انقلابيي الإنقاذ ومن الذي قرر أن تحول محاكمتهم إلى محكمة مدنية، وهذا يؤكد أن الأجهزة القضائية مازالت اجهزة النظام البائد، تعمل لصالحهم وتخفف الإجراءات ولذلك إحالة العسكريين لمحكمة مدنية ويحاكمون على جرم ثابت وباعترافاتهم لأربعة سنين؛ بينما نحنا وشهداء و٢٨رمضان وغيرنا تمت محاكمتهم في ثلاثة دقائق وعشرة دقائق وتم إعدام ثمانية وعشرين ضابطا لمحاكمات صورية من قبل الإنقاذ ونظامها المباد، ولذلك اعتقد أن هذا التعامل المتراخي بجعلهم يفكرون في الخروج للعلن طالما هناك تساهل وتهاون.

* ذكرت أن العلاقة بين المدنيين والعسكريين بدأت عدائية؟
– نعم واعتقد أن العلاقة بينهما بدأت بعد التفاوض علاقة عدائية ولم أكن موجودا كنت في رحلة علاجية بالقاهرة وكان على قوى الحرية والتغيير أن تصطحب معها ضباط ناضلوا معها في التفاوض من أجل الاستفادة من مقدرتهم في تأسيس تفاهمات، بناء عل اللغة المشتركة مع العسكريين ولذلك فمنذ التفاوض بدأت العلاقة عدائية، وهناك حزب معين رفض إشراك العسكريين في التفاوض ولا اريد أن اذكر اسمه في الوقت الحالي، ونتيجة لذلك أصبحت الشراكة غير صحيحة كان من الممكن أن يشارك في التفاوض ضباط سودانيين يساهموا في التفاوض حتى يوجدوا أرضية مشتركة، فغابت الحكمة في أن تكون شراكة حقيقية وبالتالي أصبحت شراكة عدائية.
* كيف تنظر للمخرج لخلافات الجيش، والدعم السريع؟
– قدمت مقترح طرف ثالث ورشحنا رئيس حزب الأمة القومي اللواء فضل برمة ناصر وشخصي إلى جانب عسكريين ناضجين لرؤية نقاط الخلاف والعمل على تقريب وجهات النظر ولم نجد رد لكن نحاول نضغط في هذا الاتجاه في الأيام القادمة.
* تكرر تأجيل اعلان التوقيع على الاطاري ما تعليقك؟
– التاجيل مضرّ بالعملية السياسية والوطن لابد أن نصل لحل؛ واستمرار التأجيل سيضعف ثقة الناس في العملية السياسية ومستقبلا قد تفقد هذه العملية ثقة الناس وبالتالي سينفرط العقد وسيزداد الشارع التهابا واشتعالا ويعود المشهد مجددا لحالة الانسداد الكامل ولذلك يجب العمل علي حل القضايا الخلافية والتوقيع على الاتفاق النهائي واستعادة الانتقال المدني، وهذا يعني بكل تأكيد إنهاء انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر وفتح الطريق مجددا لإكمال الانتقال الديمقراطي، وتأسيس مؤسسة الحكم المدني الديمقراطي واستعادة التعاون الدولي مع الجهات الإقليمية والدولية وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة في الحرية والسلام والعدالة في دولة مدنية ديمقراطية .
* كيف يمكن تجاوز تهديدات الفلول بالتصعيد ضد الاتفاق الاطاري؟
– هناك غياب كامل للدولة في الامن والمعيشة وليس هناك هيبة للدولة وهي مسؤولة عن حفظ الأمن، ومنع التفلتات كيف يغلق أحدهم الشارع لتجويع الشعب
وكيف حزب محلول ينظم افطارات ويطلق التهديدات أين الدولة؟ واذا كان مافي دولة سيحكم قانون الغاب ويجب، مساعدة الحكومة المدنية ذات السلطات لانه الآن مافي دولة ولو كان هناك دولة مافي شخص يستطيع أن يغلق شارع، منذ الترتيبات الامنية وتأخير الدمج لم يكن يحق لأي شخص في الجبهة الثورية يأتي وهو يرتدي رتب لان هذه الرتب تخضع لمقاييس واتفاق وتمنحها القوات المسلحة بموجب الاتفاق الذي تم، نتيجة للتراخي في هذه المسألة ظهرت قوات درع الوطن وخلافها وكذلك لغياب الدولة. فمن يرتدي رتبة عسكرية ولا علاقة له بها فهو شفته غير قانوني يجب محامته فورا لانتحال الشخصيه. لان الكاكي ليس ملك الجيش وإنما ملك الدولة يرتديه عبر مؤسسات الدولة بمؤهلات محددة بالقانون.

* اعلان ضباط سابقين تكوين مليشيات تعطي انطباع أن خطوتهم مدعومة من المؤسسة العسكرية؟
– لا اتحدث عن أن هناك جهة تقف خلفهم ولكني اتحدث عن الدولة، اذا كان هناك شخص أعلن تكوين مليشيا فيجب أن تلقي القبض عليه فورا لان ذلك انتحال ويجب أن يتم إلقاء القبض عليهم وكان يجب على القوات المسلحة والاجهزة الامنية أن تلقي القبض على مؤسس المليشيا ومحاكمته محاكمة صارمة.
* هل يعامل الضباط المعاشيين الذين قاموا بتأسيس هذه المليشيات كمتمردين؟
– الضابط عندما يحال للمعاش يتحول إلى مدني يخضع للقانون المدني، لو أراد تكوين مليشيا يجب محاكمته بالقانون المدني، ولكن تهاون الحكومة مع قيادة المليشيات وعدم حسمها يزيد وتيرة اتهامات وقوف الدولة خلفهم، التراخي يعطي كثير من التفسيرات حول أن هناك أفراد يقفون، خلفهم أو الدولة وحتى اقطع تلك التبريرات من يقوم بذلك يجب محاكمته.
* ولكن هذه المليشيات العسكرية تعزي ظهورها إلى أن اتفاقية جوبا همشت الشمال؟
– هذا التبربر غير صحيح فلا يمكن أن تبرر تشكيل مليشيا وانت لديك الكثير من الوسائل اللجؤ للقضاء، التعبير بالوسائل السلميه، الشكاوى وغيرها من الوسائل الاخرى ولكن ليس من حقك تبرر وتتخذ قرار بناءا على تبريرك الخاطئ.
* هناك من يربط بين النهدبدات التي تطلق من فترة لأخرى والانفلاتات الامنية ويرى انها اصبحت مؤشرات لانفجار قادم؟
– كل الأشياء التي تؤدي للحرب الأهلية الآن موجودة، فالحرب تبدأ بالكلام ثم حشد والان هناك حشود غير طبيعية موجودة وبالتالي هذه رسالة أن هناك قادم سيئ.

* كيف يمكن تجنيب البلاد من الانزلاق في الحرب الأهلية؟
– للخروج من ذلك يجب أن يجلس الناس جميعا، والاحزاب الكبيرة التي رفضت التوقيع على الاتفاق الاطاري كالشيوعي والبعث لابد أن يشعروا بالخطر عليهم وعلى من يعارضونهم ولابد من وحدة القوى المدنية هي وحدة الشعب، وهي ضمان لعدم انزلاق البلاد في الحرب الاهلية، الآن القوى السياسية مقسمة، والقوى العسكرية مقسمة وكذلك الجبهة الثورية مقسمة وهذا كله باعث للانفجار في أي لحظة.
    حاورته: سعاد الخضر

الخرطوم: (صحيفة الجريدة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى