تحقيقات وتقارير

أطلق دعوة الظهور العلني لعناصره (الوطني).. هل يخرج المارد من قمقمه؟

أطلقت قيادات عليا في حزب المؤتمر الوطني المحلول بأمر لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989م المجمدة، الدعوة إلى عناصرها الحزبية بالظهور وممارسة النشاط السياسي بصورة علنية، مشيرين إلى أن قرار حل الحزب غير مقبول وغير ممكن.
وفي ظل تسارع الأحداث وُجهت خلال عدة لقاءات رمضانية بين عناصر ينتمون لحزب المؤتمر الوطني وقادته، وجهت انتقادات عنيفة إلى العملية السياسية الجارية برعاية وتسهيل الآليتين الرباعية والثلاثية، فيما حذروا من جر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه.
في وقت شدد فيه أمجد فريد مساعد كبير مستشاري رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، بضرورة مشاركة جزء من الإسلاميين في قضايا التحول الديمقراطي الطويلة كنظام الحكم والدستور، فهل يخرج (الوطني) من قمقمه ويعاود نشاطه السياسي؟
(1)
وبالعودة إلى الوراء قليلاً استهدف قانون تفكيك نظام الإنقاذ مجمل البنية السياسية وشبكة علاقات القوى التي بناها النظام في السودان، وهو النظام الذي جاء في أعقاب الانقلاب الذي قاده البشير على السلطة الشرعية المنتخبة بالسودان في 30 يونيو 1989م واستمر في الحكم ثلاثة عقود.
ونص قانون التفكيك على حل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في عهد البشير وحذفه من سجل التنظيمات والأحزاب السياسية في السودان، فضلاً عن حل مجمل الواجهات التي كان يستخدمها والمنظمات الأخرى التابعة له أو لأي شخص أو كيان مرتبط به، فيما أقرَّ القانون العزل السياسي بحق من سماهم (رموز نظام الإنقاذ أو الحزب) بمنعهم من ممارسة العمل السياسي لمدة لا تقل عن عشر سنوات.
وتضمن القانون كذلك مصادرة ممتلكات وأصول الحزب لتصبح ملكيتها تابعة لحكومة السودان وفق ما تقرره لجنة إزالة التمكين. وأعطى القانون هذه اللجنة حق الملاحقة القانونية ومصادرة الممتلكات وتحديد طريقة التصرف فيها.
ويرى أمجد فريد أن هناك إسلاميين لم يرتكبوا جرائم، وأن المشكلة مع الذين ارتكبوا جرائم وأفسدوا، فمن أجرم يجب أن يدخل السجن ومن كانت له مسؤولية سياسية ينبغي أن يتحمل المسؤولية كاملة، ومن أفسد يحاسب، لكن يتم ذلك بالمحكمة وليس بلجنة إدارية.
وقطع المتحدث الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير جعفر حسن في مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع، بأن لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو قادمة بقوة وبأسنان عقب التوقيع على الاتفاق النهائي للعملية السياسية التي تواجه تحديات في ما يخص عملية إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية ودمج قوات الدعم السريع والحركات المسلحة في الجيش.
(2)
وخرج القيادي بالمؤتمر الوطني إبراهيم غندور، عقب إفطار رمضاني يخص الجماعة قائلاً إن انحناءهم للعاصفة في ذلك الوقت كان من أجل الوطن وليس الوطني، وأن ما يقلقهم ويهمهم الآن هو التدخلات الأجنبية غير المسبوقة في تاريخ السودان، مشيراً إلى أنهم يمدون أياديهم بيضاءً للفرقاء السياسيين للخروج بالبلاد إلى بر الأمان من أطماع اقتسام ثروات الوطن وتمزيقه وطمس هويته، في حين طالب أنصار حزبه بالتضحية والجهر بانتمائهم لحزب المؤتمر الوطني وأن يكونوا مستعدين لدفع الثمن.
الحركة الإسلامية والوطني
ومن جانبه يمضي القيادي بالحزب المحلول إبراهيم محمود، أثناء مخاطبته مجموعة محدودة بمنطقة جبل أولياء، إلى أنه لا يحق لأي أحدٍ أن يمنعهم كحزب من ممارسة السياسة أو تنظيم أنفسهم وأن حزبهم ليس محظوراً كما يشاع، لافتاً إلى أن المؤتمر الوطني حق دستوري وفق القانون الدولي، بينما دعا عناصر الحزب إلى الخروج للشارع والإتيان بحقوقهم وحقوق الشعب السوداني أيضاً، وأن لا خلاف بين (الحركة الإسلامية) و (المؤتمر الوطني) حيث تحكم اللوائح والقوانين الارتباط بينهما.
(3)
وتواجه العملية السياسية التي بدأت بعد إجراءات 25 أكتوبر 2021م التي قام فيها قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان بقلب الطاولة على حكومة ائتلاف الحرية والتغيير ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، تواجه عقبات حقيقية في عملية دمج الجيوش المتعددة وأولها قوات الدعم السريع التي قال عنها البرهان في أحد لقاءاته الجماهيرية إن سبب قبولهم العملية السياسية أنها ستفضي لدمج الدعم السريع في الجيش.
وفي غضون ذلك يعتقد المستشار بأكاديمية الدراسات الاستراتيجية والأمنية اللواء المعتصم عبد القادر المحلل السياسي، أن لقاءات قادة حزب المؤتمر الوطني المحلول أقرب إلى النشاط الاجتماعي منه إلى السياسي، كما أن نشاط الحزب الاجتماعي يتم دون تنسيق مع مجلس السيادة كمثال، للضغط على أية جهة كانت، فالحزب محلول منذ عام 2019م وصودرت كل دوره وهو خارج العملية السياسية الآن.
ويرى عبد القادر أن المؤتمر الوطني ليس هو حزب عام 2015، ويعاني منذ ذلك الوقت من مشكلات داخلية مارس بسببها النقد الذاتي لقياداته وطريقة عمله كحزب كان يدير دولاب الدولة في ذاك الوقت. وتوقع المحلل السياسي عدم تأثير المؤتمر الوطني كثيراً في الساحة السياسية، فحتى من الناحية الفكرية قد تم سحب البساط من تحت قدميه بواسطة تيارات إسلامية أخرى فارقته.
ويشير المعتصم بوضوح إلى أن ظهور المؤتمر الوطني في الساحة الآن سببه الفراغ بالساحة السياسية من قبل القوى السياسية التي فشلت في مخاطبة الجماهير وحل إشكالات المواطنين والوصول إلى حكومة ترعى معاش الناس. فهذا الفراغ العريض هو ما سيسمح بعودة المؤتمر الوطني إلى الساحة السياسية مرةً ثانيةٍ، حسب خبير الدراسات الاستراتيجية والأمنية.

تقرير : محمد عبد الحميد

الانتباهة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى