آراء

محجوب مدني محجوب يكتب: لا أحد مخطئ

 

ظهر لنا اليوم إبراهيم غندور متحدثا باسم المؤتمر الوطني ال(ما محظور) مهددا ومتوعدا لكل من يمس هذا الحزب بسوء، وأن هذا الحزب سيمارس نشاطه كاملا، ومن يعترض عليه فحزبه جاهز للحفاظ على كل حقوقه في الممارسة السياسية.
ذكر إبراهيم غندور حديثه هذا دون أن يتطرق ولو تلميحا أن هناك ثورة بطولها وعرضها حرقت هذا الحزب.
لم يتطرق الدكتور أنه ومن معه من قادة الحزب أنهم عملوا على الأقل إعادة ترتيب وتنظيم هذا الحزب؛ ليستوعب على الأقل المواطن البسيط الفرق بين ما قبل ثورة ديسمبر وما بعدها.
لم يتطرق لشيء مثل هذا إطلاقا.
وقف إبراهيم غندور بثوب وعمامة غاية في البياض والنصاعة؛ ليقول للناس أن مؤتمرنا الوطني مثله مثل ثوبي وعمامتي هذه لم يمسه سوء.
وبهذا الخطاب يعلنها الدكتور إبراهيم غندور مدوية بألا أحد يمكن أن يقترف ذنبا.
لا أحد يخطئ في هذا الوجود؛ لأنه ما دام المؤتمر الوطني لم يظهر له خطأ، فهذا يعني مباشرة أنه ليس ثمة شيء اسمه خطأ.
ما دام حزب المؤتمر الوطني ظهر بدون أخطاء طيلة هذه الثلاثين سنة وبعد أن غادر المسرح السياسي رغما عن أنفه إثر ثورة شعبية، وبغض النظر عن نوع هذه الثورة ولتكن مصنوعة ولتكن كرتونية ولتكن سرابا ففي النهاية هي من أسقطت هذا المؤتمر الوطني وقذفته خارج العمل السياسي.
كل هذا تجاوزه الدكتور إبراهيم غندور بلبس ثوب أبيض وعمامة بيضاء، ولم يفعل شيئا غير ذلك.
فقد جاء إبراهيم غندور بذات الخطاب الذي تحمله الإتقاذ.
جاء بذات الخطاب الذي أردى بالإنقاذ الهلاك وكأن شيئا لم يكن.
هل هذا الثوب الأبيض وهل هذه العمامة البيضاء التي ظهر بها إبراهيم غندور ذاكرا عظمة وفضل المؤتمر الوطني.
هل يمكن أن يزيل هذا الثوب الأبيض كل البقع السوداء التي وضعها المؤتمر الوطني على مسيرة السياسة السودانية؟؟؟
هذه البقع التي وصلت إلى الدرجة التي غيرت فيها شكل خارطة السودان.
هل بمقدور ثوب إبراهيم غندور أن يغيرها أو يستطيع محوها؟
لقد أوجد إبراهيم غندور في خطابه اليوم قانونا وحقيقة جديدة على البشرية لم يكن أحد يعرفها من قبل.
وبذلك بإعلانه بخطابه اليوم عن المؤتمر الوطني بأنه جسم سياسي له الحق في ممارسة عمله السياسي بكل قوة ولا أحد يستطيع أن يقصيه من الساحة؛ ليعلن بذلك ألا أحد يجب أن يقر بخطئه.
ألا أحد مخطئ على الإطلاق في هذا الوجود، وأنه ليس ثمة شيء اسمه خطأ.
لأنه إن كان المؤتمر الوطني لم يخطئ، فمن الذي أخطأ؟
قطعا لا أحد.
حزب قلعته ثورة ليس مرة واحدة بل مرة مع عمر البشير ومرة مع عوض بن عوف ومرة مع كمال عبد الرؤوف ومرة مع البرهان ومازالت هذه الثورة مستمرة في قلع رموز المؤتمر الوطني.
كل هذا يأتي إبراهيم غندور؛ ليقول بثوبه الأبيض ألا أحد يستطيع أن يمس المؤتمر الوطني بسوء.
أي سوء بقي يادكتور للمؤتمر الوطني حتى لا يمس؟
هل بقي له سوء؟
إن بقي له سوء فهذا يعني أنه لا يوجد سوءا أصلا.
لا يوجد خطأ أصلا.
لقد أعلنها لكم أيها المخطئون الدكتور إبراهيم غندور أنه لا يوجد ثمة خطأ بالمؤتمر الوطني وبالتالي لا يوجد خطأ اصلا.
فما دام المؤتمر الوطني بلا خطأ، فليفرح كل المخطئين وما عليهم إلا أن يظهروا على الناس بثياب وعمامات بيضاء ويعلنوا أنهم بلا أخطاء مثل ما فعل الدكتور إبراهيم غندور بالضبط.

 

 

صحيفة الانتباهة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى