Site icon كوش نيوز

محجوب مدني محجوب يكتب: كيف ندرك أننا ناجحون؟

 

(ربح البيع أبا يحيى) كررها رسولنا الكريم ثلاث مرات للصحابي الجليل صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه حينما وصل المدينة صفر اليدين. نعم صفر اليدين لم يترك من ثروته خلفه في مكة شيئا.

أعطاها كلها لمن اعترضه في طريق هجرته إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبل من اعترضهم البيع.

أي أن يتركوه ويخلو سبيله مقابل أن يتخلى عن كل ثروته.

ورغم أنه وصل رضي الله عنه المدينة (يد وراء ويد قدام) إلا أنه استقبله رسولنا الكريم بقوله:

(ربح البيع أبا يحيى) (ربح البيع أبا يحيى) (ربح البيع أبا يحيى).

من منا لا يربد أن تقال له هذه العبارة؟

من منا لا يريد أن تقال له هذه العبارة مقابل كل ما يملك.

بل من منا لا يريد أن تقال له هذه العبارة مقابل أن يفقد روحه وحياته؟

قد يقال أن هذا الحوار وهذا الحدث دار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين صحابي جليل.

فأين نحن من هذا المعنى؟

صحيح أننا لا يمكن أن نصل لهذه المرتبة إلا أننا يمكن أن نجعل منها مقياسا.

مقياسا؛ لندرك بها هل نحن أدركنا النجاح أم لم ندركه؟

هل نحن نمارس عملا يحقق لنا النجاح؟

فمن خلال هذه القصة يتضح تماما أن النجاح ليس بالضرورة أن يكون بامتلاك الأشياء.

أن النجاح ليس بالضرورة أن يكون بالتفاف الناس حولك.

وبالمقابل ليس بالضرورة إن رأوك الناس مفلسا يعني أن ذلك قمة الفشل، فربما تكون رضيت بهذا الفلس مقابل ألا تمارس حراما.

مقابل ألا تمارس رذيلة.

فلتفرح بما حصلت عليه من ثروة.

فلتفرح بما حصلت عليه من بيوت فخمة إلا أن هذه الثروات، وهذه الممتلكات قد لا تكون بمقياس رسولنا الكريم ربحا ونجاحا.

قد لا تكون بمقياس رسولنا الكريم عزا وشرفا وسؤددا، فهذا هو الصحابي الجليل رضي الله عنه ربح بيعه وهو معدم وهو تارك لكل أملاكه وثروته.

هذا الحديث قطعا ليس دعوة للفقر.

ليس دعوة لأن يترك الإنسان ما يملك حتى يكون ناجحا.

ليس دعوة بأن الفقير والمعدم هو الناجح والفائز.

إطلاقا.

وإنما هو دعوة بأن ندرك أن امتلاك الأشياء ليس بالضرورة أن يكون نجاحا.

كما أن عدم امتلاكها ليس بالضرورة أن يكون فشلا.

الملاحظ والملفت الآن والواضح جدا هو أن النجاح عندنا يعني كم رصيدك في البنك.

صار الموضوع (العاضي) عندنا هو ذلك الموضوع الذي ليس من ورائه أي مكسب مادي.

الموضوع (العاضي) عندنا هو ذلك الموضوع الذي ذهبنا إليه بأرجلنا وعدنا منه بأرجلنا.

الموضوع (العاضي) عندنا هو ذلك الموضوع الذي لا نكافأ عليه ماديا.

يا أخي هذا موضوع (عاضي ساي)

أما الموضوع الجامد فهو الموضوع الذي حصلنا من ورائه مبلغا ضخما أو أي مبلغ.

ولا أحد يسأل عن الموضوع.

المهم المبلغ.

صار الموضوع الجامد عندنا إذا نظرنا إليه فقط من خلال شكله.

لدرجة أن (فسخ البشرة) صارت من أهم اولويات بناتنا.

من الذي ساهم في تغيير معايير قيمنا؟

من الذي ساهم في أن كل اهتمامنا وأعلى تقديرنا من خلال الشكل فقط؟

لا نتجاوز هذا الشكل إطلاقا، وليس لدينا أدنى رغبة في أن نكتشف ما وراءه.

صار هو المعيار لكل أمزجتنا ورغباتنا وغاياتنا، وهو الذي يتحكم في تصرفاتنا وتقديرنا.

ننظر إلى الشكل.
يا ترى هل سننجح في أعمالنا بمعيار الشكل؟

يا ترى هل سننجح في اختيار علاقاتنا وأصدقائنا بمعيار الشكل والمظهر؟

يا ترى هل سننجح في زيجاتنا بمعيار الشكل والمظهر؟

البعض يرجع هذه الحالة المخزية التي وصلنا إليها إلى غزو (الميديا) حياتنا.

إلى غزو التقنية حياتنا (التك تك بكسر التاء الأولى وضم التاء الثانية وما أدراك ما التك تك)

قطعا قد يكون لهذه التقنية دور كبير في هذه الحالة التي وصلنا إليها إلا ان غياب الراعي هو أس البلايا.

غياب الراعي على كافة المستويات.

غياب الراعي على مستوى البيت.

غياب الراعي على مستوى المجتمع.

غياب الراعي على مستوى الدولة.

فالله المستعان والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.

 

 

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version