ناهد قرناص تكتب: كالعيس في البيداء

 

(يا زول الحالة طلعت عامة ..) ..تداول اهل الحي هذه العبارة وهم يزاحمون بعضهم بالجرادل والجركانات حول خرطوم المدرسة المصدر الوحيد للمياه في حينا هذه الايام …ولم يحاول احدهم ان يتساءل ..من هو المسؤول عن عمومية المسألة …ولماذا يحدث عطل كهذا يهدد احياء باكملها . تحت مسمى (الموت مع الجماعة عرس )

يركن السودانيون الى مصائب كانقطاع المياه وتذبذب التيار الكهربائي على امل ان الامر سيتم علاجه لاحقا وعلينا الان ان نحل المشكلة الانية ..طيب سؤال ..هيئة المياه هذه التي تاخذ حقها منا عنوة عند شراء التيار الكهربائي ..اليست مسؤولة عند حدوث عطل كهذا عن توفير مياه الشرب على الاقل؟؟ …او حتى مدينة هي لنا باعتذار او حتى توضيح للأسباب ؟؟؟ …ولكني تذكرت انني قرات تصريحا قبل فترة ليست بالقصيرة لاحد المسؤولين بهيئة المياه ..بان الهيئة غير معنية بتوصيل الماء الى كل المواطنين …واذكر انني تساءلت حينها ..عن من ياترى هو المسؤول ..(ناس الدليفري مثلا؟؟).

أذكر انني في المعهد الالماني الذي كنت ادرس فيه للدكتوراة ..ان استوقفتني ذات يوم احدى التقنيات الالمانيات ..قالت لي انها لاحظت انني وزميلي السوداني الوحيدين الذين نشرب من الحنفية ..وهي مياه جيدة ولا شئ عليها ولكنها هذه الايام ولثلاث ايام قادمة لا تصلح للاستخدام الادمي ..ذلك انه قد تمت اضافة مادة الكلور للمياه زيادة في التعقيم ولن ينتهي تأثير المادة قبل ثلاثة ايام ..وقد اعلنوا ذلك في التلفزيون الرسمي الالماني…..شكرتها وما ان ذهبت حتى حضر زميلي فاخبرته بما قالته …فقال مبتسما (وانا اقول الموية الالمانية دي كانت مسيخة وبقت حلوة مالها الايام دي …اتاري اضافوا ليها الكلور حبيبنا …قولي لي صاحبتك دي نحن تربية الكلور ..هييييع ..تقوللي شنو ..وتقوللي منو؟)…

والطريف في الامر انني كنت اطلق عبارة غير صالحة للاستخدام الادمي على مياهنا التي خالفت ما درسناه قديما عن ان الماء سائل لا لون ولا رائحة له …ولكني ندمت اشد الندم هذه الايام فرغم انها غير صالحة للاستخدام الادمي ولكنها كانت (سادة فرقة والله) ..فهاهي تقطع الى درجة العدم ..حتى تمنيت وجودها ان شاء الله بي طينها وبي ريحتها.

ولاني كترت النقة في الموية ..قامت قطعت ..اخاف ان تمتد (نقتي ) الى النيل واردد اننا نسكن بجانبه ..ولا يمكن لمدينة تنام على ضفة النيل ان تشكو العطش …اخاف ان أقول هذا ..اقوم من الصباح القى النيل غير مساره بعد ان اصابه اليأس منا وقد ظل يجري لالاف السنين ولم نستفد منه كما ينبغي.

قيل ان احد مواطني الدول الاوربية والبلاد المتقدمة سأل احد السودانيين عن احلامه …رد السوداني بانه (يريد ان يدرس دراسة جيدة ..ويتوظف بوظيفة ذات عائد مادي جيد ..يمكنه من ان يتزوج وينشئ عائلة وكذلك يبني بيتا له ولاطفاله)..فقال له الخواجة (انا لم اسالك عن حقوقك..سالتك عن احلامك)….مسكين الخواجة …فهو لم يعرف ان كل ما نحلم به هو مياه للشرب ..حتى ولو لم تكن صالحة للاستخدام الادمي .

 

 

 

صحيفة الجريدة

Exit mobile version