حوارات

عرمان : الخلافات بين العسكر حسمت وأي مواجهات ستكون الضربة القاصمة للسودان

أكد القيادي في الحرية والتغيير، رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان-التيار الثوري الديمقراطي- ياسر عرمان، تمسكهم بالعملية السياسية الجارية في البلاد والتي اعتبرها شكلا من أشكال المقاومة والنضال ضد انقلاب 25 تشرين الأول/اكتوبر 2021. فيما قطع في حواره مع «القدس العربي» بأن المواجهات التي تصاعدت خلال الفترة الماضية بين العسكريين قد انتهت. وهنا نص الحوار.

○ بداية، كيف تقيمون الوضع الراهن في السودان وكيف تمضي العملية السياسية الجارية بعد توقيع الاتفاق الإطاري والتطورات التي أعقبته؟
•الدولة في الوقت الراهن عاجزة عن القيام بأهم وظائفها وهي حفظ الأمن والرعاية الاجتماعية، هناك احتقان واسع في المجتمع وتصاعد لخطاب الكراهية، وتعدد في الجيوش أي أنها تتسم بسمات الدولة الفاشلة بوضوح. على الرغم من ذلك تمضي الثورة السودانية للأمام، الجماهير ما تزال تقاوم. في هذا الإطار الحلول متعددة لكن الطريقة الأفضل وفق رؤيتنا هي العملية السياسية والتي يمكن أن تؤدي إلى توصل كل القوى الفاعلة في البلاد لحل قد يغير الاتجاه ويمضي بالسودان في اتجاه بناء مشروع جديد للدولة السودانية، والذي بدونه لن تحل الأزمة الحالية في البلاد.
الاتفاق الإطاري خاطب أبرز سمات عجز الدولة، وأقر بناء جيش واحد، وأن يخرج العسكر من السياسة والاقتصاد ما عدا التصنيع العسكري وأن تكون هناك حكومة مدنية تلبي تطلعات المواطنين في الدولة الديمقراطية وصولا لانتخابات حرة ونزيهة يتم التأسيس لها خلال الفترة الانتقالية، لذلك نحن متمسكون بالعملية السياسية ونعتبرها شكلا من أشكال النضال والمقاومة. هذا واضح لجهة ان العملية السياسية الجارية تجد مقاومة خاصة من النظام القديم والفلول الذين لا يملكون أي رغبة في التغيير.

○ كان من المنتظر أن تكمل العملية السياسية أعمالها الشهر الماضي، الآن تمضي ببطء شديد، ما السبب؟
•السبب هو مقاومة النظام القديم والفلول ومحاولات شراء الوقت والالتفاف على العملية السياسية وإغراقها، كل ذلك يدلل على أنها أداة للنضال، جاءت بسبب مقاومة الشارع والدعم الإقليمي والدولي الراغبة في سلطة مدنية لتطبيع العلاقات مع السودان فضلا عن الانقسام داخل المكون العسكري والذي أدى إلى فشل الانقلاب. بالتالي العملية السياسية تحتاج لدعم شعبي واسع.

○ عطفاً على لقاء البرهان – حميدتي، السبت، والذي جاء في أعقاب تصاعد الخلافات بين الجانبين، الحرية والتغيير رحبت بالخطوة واعتبرتها مؤشرا إيجابيا، هل تلقيتم أي تنوير من العسكر حول ما تم التفاهم حوله خلال الاجتماع؟
•نحن على اطلاع تام بما جرى في الاجتماع وكل تفاصيله ونعتبره خطوة جيدة، أجندة الاتفاق الإطاري هي الأجندة التي يمكن أن تجمع المكون العسكري، الذي ليست لديه أجندة غير الاتفاق الإطاري، بدونه سيختلف ويمضي في اتجاهات متباينة، إن الاتجاه الوحيد الذي يجمع المكون العسكري هو الاتفاق الإطاري، الذي توافقوا عليه بأنفسهم ووقعوا عليه، الاتفاق الإطاري الوثيقة الوحيدة الموقعة من الجانبين.

○ هل كانت الحرية والتغيير جزءاً من الحراك من أجل تقريب وجهات النظر بين الجانبين؟ وهل كنتم جزءاً من الاجتماع؟
•لا أستطيع ان أمضي في التفاصيل، لكن الحرية والتغيير ليست بعيدة مما جرى، كان هناك خلاف لديه آثار أمنية تم احتوائه وتكوين لجنة أمنية من القوات النظامية وهذا أمر جيد للدولة والاقتصاد وأمن المواطنين في المقام الأول وبالتالي يجب أن تؤدي هذه اللجنة عملها. كذلك يجب أن يتوقف تجييش وعسكرة الفضاء المدني. توافق الاجتماع على إنهاء العملية السياسية وهي قضية رئيسية للحرية والتغيير.

○ هل الخلاف بين البرهان وحميدتي ذو طابع شخصي؟
•هذا الخلاف هو ما ظهر من جبل الجليد، لا يتعلق الأمر فقط بتعدد الجيوش ولكن الدولة بكاملها تآكلت واضمحلت وما عادت قادرة على القيام بواجباتها. الدولة كائن حي مثل الإنسان تحتاج لتجديد ومشروع في كل وقت. الدولة القابلة للحياة هي القابلة للتطوير، الدولة السودانية الآن تحتاج إلى مشروع نهضوي وسودان جديد يبعد كل سمات الفشل التي لازمت الدولة القديمة. الثورة فرصة كبرى لتجديد الدولة ورفدها بطاقات جديدة حتى بناء القوات المسلحة يمر عبر الشباب الذين يتم إطلاق الرصاص عليهم خلال التظاهرات في مدن وريف السودان هم الذين يمكن أن يرفدوا القوات المسلحة بدماء جديدة.

○ البعض يتحدث عن ان الخلاف بين البرهان وحميدتي بالتحديد شخصي؟
•المشكلة أكبر، حتى لو غاب الرجلان عن المشهد. أعتقد ان العلاقة بين البرهان وحميدتي مكنتهم من الحفاظ على ما هو موجود الآن. لكن إذا كانوا غير موجودين أزمة الدولة لن تنتهي، تعدد الجيوش واختطاف الدولة من النظام السابق.

○ عقدت أطراف العملية السياسية، اجتماعا وصفته بـ «المفصلي» الأربعاء، في بيت الضيافة بالخرطوم، في ظل تخوف الشارع من تفجر الصراع والمواجهة بين الجيش والدعم السريع، هل استطاعت الأطراف حسم الخلاف بين المكونات العسكرية؟
•نعم انتهت المواجهة بين العسكريين، وتم حسم الخلاف بينهم. أي مواجهة ستكون ضربة قاصمة للسودان نفسه. القطاع الأمني والعسكري بناه الشعب السوداني بكل التضحيات البشرية والمادية ولا يستحق إلا أن يتطور من أجل حماية سيادة السودان ومصالحه وحدوده. لا خير في أي اتجاه لإحداث مواجهة داخلية في القطاع الأمني والعسكري، هذا أمر مرفوض. الطريق الحالي طريق التفاهم وتقريب وجهات النظر والوصول إلى إصلاح ودمج وتحديث عبر خطة الآن تم الجزء الأول منها في الاتفاق الإطاري الذي نص على تكوين جيش واحد وخروج المؤسسة العسكرية من السياسة والاقتصاد فيما عدا التصنيع العسكري. الآن تم أيضا التوقيع على أسس ومبادئ بناء القطاع الأمني والعسكري بما يتضمن قضايا الدمج والإصلاح والتحديث على أسس واضحة وهذه مرحلة متقدمة. ما تبقى هناك لجنة فنية مجتمعة لكي تحدد كيفية السيطرة والقيادة على القوات النظامية بهيكل مشترك ومتناغم وأيضا عمليات دمج القوات ومدتها، هذه القضايا تتوفر الآن الإرادة السياسية لحسمها. إصلاح المؤسسة العسكرية ودمج قوات الحركات في القوات النظامية هو المدخل للتنمية والديمقراطية وتطور السودان.

○ وهل حسم الاجتماع القضايا موضوع الخلاف بين المدنيين والعسكريين؟
•أعتقد أن الوصول لاتفاق نهائي الآن بات ممكننا، معظم القضايا المهمة والاستراتيجية تم حلها، البلاد تحتاج لتشكيل حكومة مدنية بسرعة، تستطيع حل الأزمة الاقتصادية الراهنة، كأكبر قضية تواجه ملايين السودانيين وإعادة الوجه المنتج للريف.

○ هل تعتقد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق بين جميع الأطراف قريباً يتوج بتشكيل حكومة بقيادة مدنية؟
•نحن نتجه نحو قطع الشوط الأخير من العملية السياسية التي تحتاج للمزيد من التفاف الشعب ووحدة قوى الثورة والتصدي لتخريب الفلول- النظام السابق- الذي سوف يزداد بالضرورة. من المؤكد أن ما تبقى من زمن للوصول لاتفاق نهائي وتشكيل حكومة مدنية، هو أقل بكثير من الزمن الذي انفقناه منذ توقيع الاتفاق الإطاري كانون الأول/ديسمبر الماضي. أن التعقيدات الراهنة مؤشر لضرورة الوصول لاتفاق في أقرب وقت ممكن، والتي ستتفاقم حال عدم الوصول لاتفاق.

○ قادة الجيش في خطاباتهم الأخيرة، ظلوا يطرقون على مسألة دمج الدعم السريع؟ كيف تنظرون لهذه المسألة؟
•هذه قضية متفق عليها. هي من أهم فوائد الاتفاق الإطاري، الأمر الذي لم يتم في الوثيقة الدستورية الموقعة 2019 وفي كل الوثائق الأخرى، الان تم الاتفاق عليه من قبل قادة الدعم السريع والقوات المسلحة وهو بناء جيش واحد. هذه لم تعد قضية مختلف عليها. قضية دمج الدعم السريع استراتيجية وضرورية لكن يجب ألا تتخذ كذريعة لتأخير تكوين الحكومة المدنية.

○ وضع الدعم السريع يبدو غير واضح في الاتفاق الإطاري على الرغم من إشارة الاتفاق لدمج الدعم السريع في الجيش، إلا انه عاد وأكد أن البرهان خلال الفترة الانتقالية سيكون قائد للجيش وحميدتي للدعم السريع؟ ما الجديد إذن؟
•أنا لا أستطيع الدخول في قضايا تتم مناقشتها الآن. تم الاتفاق على تكوين جيش واحد، بالتأكيد لن يتم ذلك في يوم واحد. هذه عملية دقيقة تتطلب اتفاقا على هياكل القيادة ومؤسساتها، المدد الزمنية لذلك بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بالقيادة والسيطرة والجوانب الفنية الأخرى.

○ هل تم التداول بينكم وبين العسكر حول معايير من سيشغل منصب رئيس الوزراء، وهل تم طرح أسماء بعض المرشحين؟
•نعم، المعايير المتفق عليها، أن يكون يتمتع بالكفاءة والالتزام بقضايا الثورة السودانية، هناك أسماء مطروحة لكن لم تقدم لنا بشكل رسمي كتنظيمات. الحوار مستمر للوصول للخيار الأوفق لهذا المنصب سواء كان رجلا أو إمرأة.

○ هل هناك مرشحات للمنصب، حتى لو كانت الترشيحات ما تزال في سياق غير رسمي؟
•لو تمكنا من اختيار امرأة سيكون هذا من التطورات الجيدة للثورة السودانية والمناخ السياسي العام، لكن الأهم ان يكون من يأتي لها المنصب ملتزما بأجندة ثورة ديسمبر.

○ ما تزال جدلية الاختيار بين حكومة التكنوقراط وحكومة من السياسيين قائمة، هناك تخوف من أن يعيد تعيين سياسيين في منصب رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة الانتقالية، الصراع السياسي المحتدم الذي أضر بالمرحلة الانتقالية السابقة؟
•هناك أشياء التبست عن قصد، الفلول خلف ذلك، أقصد الترويج لمسألة ضرورة أن نأتي في الفترة الانتقالية برئيس وزراء لا لون ولا طعم ولا رائحة له بدعوى أنه من التكنوقراط وأنه يملك سيرة ذاتية جيدة. من يتولى منصب رئيس الوزراء سيشغل أكبر منصب سياسي في البلاد ويجب أن يكون على اطلاع ودراية بالسياسة. يجب أن يتمتع بالخبرة والالتزام بقضايا الثورة والتغيير والرغبة في التغيير وأن تكون لديه مواقف مسبقة في الصدد. الحديث عن حكومة تكنوقراط محاولة مقصودة لاستبعاد كل الملتزمين بالتغيير والثورة. نحن كذلك ضد المحاصصات الحزبية لكن الشخصيات المؤهلة سواء كان لديها انتماء سياسي معلن أو لا يحق لها المنافسة ولكن ليس المحاصصة. رئيس الوزراء يجب أن يكون سياسيا. يجب أن أشير أيضا إلى أن منصب رئيس الوزراء، ليس المنصب الوحيد وأن الحكومة المدنية ستتشكل من فريق متكامل.

○ بالنسبة للمناصب التي نالها عدد من قادة الحركات المسلحة، وفق اتفاق سلام جوبا للحركات المسلحة، هل تم التوافق على احتفاظهم بها خلال المرحلة المقبلة؟
•الاتفاق لم يطرح مناصب، لم يعط أي شخصية بعينها حقيبة وزارية وإنما ذلك تم وفق توافق داخلي بين الحركات. الأمر ليس له علاقة باتفاق جوبا الذي أعطى الحركات 25 في المئة من السلطة لكن لم يحدد وزارات بعينها.

○ هل ذلك يعني أن مقاعد أعضاء الحركات المسلحة في مجلسي السيادة والوزراء ستخضع للتغيير؟
•الحكومة كلها ستخضع للتغيير دون الإضرار بعملية السلام. سيتم تغيير كامل وبتوافق بين كل اللاعبين.

○ بالنسبة لوضع رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم وحركة تحرير السودان مني أركو مناوي، كلاهما وقعا على اتفاق السلام وفي ذات الوقت رافضين للاتفاق الإطاري، كيف يمضي الحوار معهم؟
• مرحب بهم في الاتفاق الإطاري، أما إذا رفضوه وأصروا على عزل أنفسهم فهم الذين سيجيبون على الأسئلة المطروحة في هذه القضية، من جانبنا نرحب بهم، إذا رفضوا ترحيبنا فهم المسؤولون عن طرح البدائل.

○ هل سبب تعثر الإعلان السياسي، الذي كان من المنتظر توقيعه الشهر الماضي بين أطراف الإطاري ومناوي وجبريل، هو إصرارهما على مشاركة الكتلة الديمقراطية في العملية السياسية؟
•الكتلة الديمقراطية لن تكون جزءا من العملية السياسية ومن يمكن أن يمضي معنا في العملية السياسية هم حركتا العدل والمساواة وتحرير السودان ومجموعة جعفر الميرغني في الاتحادي الديمقراطي الأصل، فقط. أطراف الاتفاق الإطاري محددين بدقة والتحديد لم يتم من جانب الحرية والتغيير وحدها وانما العسكر كذلك وفق اتفاق مشترك. لا يوجد الآن إعلان سياسي لأنهم طلبوا 48 ساعة للتداول حول الإعلان ولم يأتوا.

○ حال تمسك جبريل ومناوي برفض العملية السياسية كيف سيتم توفيق أوضاع الحركتين في الحكومة المقبلة خاصة وان الرجلين يشغلان مناصب هامة في الدولة؟
•الدولة الحالية ليست الدولة المقبلة، الحكومة المقبلة ستمضي وفق المصالح الوطنية والتزاماتها الداخلية والخارجية، أعتقد ان جبريل ومناوي سيأتون في يوم من الأيام. هم الذين سيقررون ذلك لأنهم لا يستطيعون التخلف عن هذا الموعد المضروب.

○ حال فشل العملية السياسية الجارية، ما هي السيناريوهات المتوقعة؟
•في رأيي أن العملية السياسية تمضي نحو نهايتها وإذا لم يحدث ذلك سنلعب لعبة صفرية، ستفاقم الأزمة. الشعب لن يستسلم، وسيفرض التغيير في النهاية. لذا بالرضا سيكون أفضل. ان لم يرض القابضون على زمام السلطة بالتغيير سيتم تغييرهم. لا يوجد خيار آخر.

○ ما تزال لجان المقاومة وبعض التنظيمات السياسية (حزب البعث والشيوعي) تعارض العملية السياسية وتعتبرها غير ذات جدوى؟ هل هناك أي تفاهمات لتقريب وجهات النظر بالخصوص؟
لا أعتقد ان اللجان تعارض العملية السياسية أو تعتبرها غير ذات جدوى ولكن لديهم تحفظات على أن العسكر غير راغبين في الحكم المدني وغير موثوق بهم وأنهم لا يمكن أن يوفوا بالتزاماتهم في العملية السياسية. اننا نمضي في نقاشات واسعة مع لجان المقاومة، أعتقد أنهم إذا وجدوا ان العملية السياسية ستقود إلى نتائج ملموسة في التغيير وفي تحقيق أهداف الثورة لن تكون لديهم اعتراضات. اعتراضهم الرئيسي ان تخوض الحرية والتغيير المغامرة وان لا يوفي العسكر بالعهد. متى ما استطعنا ان نقدم نتائج ملموسة وان نحل الأزمة الحالية أرى ان موقفهم سيكون موقف ترحيب. ليست لديهم أجندة عدائية ضد الحرية والتغيير.
وفيما يلي سؤالهم حول الضمانات لهذا الاتفاق نحن دائما نقول أن الضمان الوحيد هو الشعب السوداني. نحن ملتزمون بقضايا الجماهير ووصلنا لاتفاق أكد خلاله العسكر أنهم سيذهبون للثكنات ولن يكونوا شركاء في السلطة وهذه من مطالب الشعب. هل ستتحق هذه المطالب في النهاية ونصل إلى نتائج ملوسة ونقوم بتكوين حكومة مدنية ملتزمة بمبادئ ثورة ديسمبر؟ سننظر ونرى إذا لم يوف العسكر بمطالب الشعب فالشارع حي لم يمت.
بالنسبة لحزبي البعث والشيوعي هم مهمون وقوى ثورة ويجب باستمرار ان لا يتوقف النقاش معهم لذلك هناك مساع لكن لا أستطيع ان أقول أكثر من ذلك. على قوى التغيير والثورة رغم اختلافاتها وتباينات تقديراتها السياسية أن تنخرط في حوار مسؤول حول مستقبل البلاد والثورة والمشروع الوطني الجديد.

○ على الرغم من مضي العملية السياسية إلى نهاياتها إلا أن العنف ضد الحراك الشعبي ما يزال مستمرا، كيف تنظرون إلى ذلك؟
•جرائم العنف لن تسقط بالتقادم، يجب تشكيل جبهة واسعة لمقاومتها. نرحب بما جرى من إطلاق سراح عدد من أعضاء لجان المقاومة والحراك الشعبي ونراقب ما يجري في محاكمات الآخرين وهذا جزء من المعركة. موقفنا غير محايد ونحن ندين كل الجرائم التي ترتكب ضد الحركة الجماهيرية ويجب ان نقف قوة واحدة موحدة لوقف العنف والمحاسبة عليه.

○ كانت هناك مقترحات طرحها أعضاء في الحرية والتغيير لتشكيل حكومة تصريف أعمال لجهة عدم استقرار الأوضاع في البلاد وتباطؤ العملية السياسية؟ خاصة وأن الصناديق الدولية امهلت السودان حتى آذار/مارس الجاري؟
•لا يوجد أي طرح من الحرية والتغيير لتشكيل حكومة تصريف أعمال. الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال، ماذا صرفت، لا عمل ولا تصريف لها وهي أضعف حكومة في تاريخ البلاد. يجب تشكيل حكومة مدنية ديمقراطية من قوى الثورة. هذا الانقلاب لم يستطع تعيين حكومة على غير عادة الانقلابات، نتيجة للمقاومة الجماهيرية. لا نريد حكومة تصريف أعمال ولكن نريد ان تنصرف هذه الحكومة وان تأتي حكومة مدنية من قوى الثورة.
فيما يخص الصناديق الدولية، لقد أعطت السودان أكثر من فرصة، وهؤلاء الذين يعرقلون تشكيل الحكومة المدنية عليهم أن يتحملوا تبعات ومسؤوليات ذلك. متى ما تكونت الحكومة المدنية سنذهب إلى هذه الصناديق، لن نرهن إرادة شعبنا بمواعيد مضروبة للصناديق ونقبل بحكومة تصريف أعمال. لا يمكن أن نمضي في أي حلول ترهن قضايا الشعب لحيل مقصود منها استدامة الانقلاب أكثر من وضع إرادة واضحة للتغيير.

○ من الواضح وفق المؤتمر الاقتصادي الذي عقدته الحرية والتغيير الشهر الماضي أنها تتجه إلى الاستمرار في سياسات التحرير الاقتصادي على الرغم من الضائقة المعيشية التي يواجهها الشعب السوداني؟
•هذا لا يعني ان الحرية والتغيير غير معنية بقضايا الفقراء والرعاية الاجتماعية. إننا نريد أن نصل لمعادلة. هناك صناديق دولية لديها سياسات معروفة، بالمقابل هناك بلدان عديدة استطاعت أن تتفاوض وان تفرض شروطا وطنية لمصلحة الفقراء والمهمشين في تلك البلدان.
لا أعتقد اننا سنعمل فقط على طريقة ما يطلبه البنك الدولي، انما يجب أن نؤسس لنظام متوازن. لن نقطع علاقاتنا مع المجتمع الدولي ولن نرضخ للمجتمع الدولي على حساب مصالح الفقراء، لن نقبل بالإصلاحات الهيكلية المطروحة بطريقة عمياء وفي ذات الوقت لن نرفض التعامل مع هذه المؤسسات لأنها مؤسسات مهمة والسودان يحتاج للاندماج في الاقتصاد العالمي ولكن بشروط وطنية.

○ ترك نظام البشير إرثا سيئا، فيما يخص العلاقات الخارجية ومن ثم حالة استقطاب المحاور الحالية وإدارة العسكر للعلاقات الخارجية، ما هو منطلق إدارة العلاقات الخارجية الذي يجب أن يكون؟
•العلاقات الخارجية امتداد للعلاقات الداخلية، يجب أن نكيف علاقاتنا الخارجية وفق مصالحنا الداخلية، لا بد أن تنشأ علاقات قائمة على المصالح والاحترام وعدم التدخل في شؤون الغير. على عكس سياسة البشير مبنية على التدخل في شؤون الدول الأخرى واستضافة الإرهاب والحركات العالمية التي تريد تغيير بلدانها والذي أدخل السودان في مآزق لا قبل له بها، الآن نريد ان نعود لسياسة خارجية واعية مبنية على مصالحنا.

○ السعودية أعادت علاقاتها مع إيران كيف ترى تأثير الخطوة على السودان، عطفا على مشاركة السودان في حرب اليمن؟
•كل ما من شأنه أن يؤدي إلى استقرار العلاقات الإقليمية وصنع مناخ إقليمي جيد، يبتعد عن التوترات ويهيئ لتعاون إقليمي جيد، لذلك هذا الاتفاق من الواضح انه اتفاق مفيد للإقليم.

○ الدستور الانتقالي والاتفاق الإطاري أشارا لقضية العدالة الانتقالية، كيف تنظر إلى هذا الأمر، في وقت تعرضت الورش الخاصة بالعدالة في عدد من الأقاليم للعرقلة من قبل السلطات؟
•عرقلة ورش العدالة الانتقالية أمر خاطئ ضد العملية السياسية. مخل بالالتزامات التي قامت بها الأطراف خاصة الحاكمين في الدولة، عليهم أن يهيئوا المناخ لمناقشة هذه القضية ذات الحساسية العالية والتي تتعلق بشكل أساسي بكيفية إصلاح المستقبل. تم إفساد الحاضر والماضي في قضايا العدالة ولذلك عرقلة المستقبل أيضا غير مقبول. أهم شرط في قضية العدالة تراضي أصحاب الحق وأهل الضحايا على شكل العدالة المقبول، لذلك هذه المؤتمرات تهيئ فرصة للحوار ومناقشة ما هي أفضل الطرق لإقامة العدالة وعدم الإفلات من العقاب وبناء مستقبل أفضل للسودانيين لا يتكرر فيه ما وقع في الماضي. في النهاية هي عملية وليست حدثا وقد تأخذ وقتا، وهي مرتبطة بالإصلاحات الهيكلية والتنموية للدولة وإصلاح القطاع الأمني والعسكري والعدلي لأن هناك عددا محدودا من الأشخاص مطلوبين للعدالة الدولية يعدون على أصابع اليد، لكن الإطار الواسع للعدالة المتعلق بإقامة العدل داخل السودان يحتاج إصلاحا واسعا، مرتبطة بإعادة تأهيل وبناء الدولة السودانية.

حوار :ميعاد مبارك

القدس العربي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى