حوارات

نبيل أديب : أي طموح في السلطة خلفه مجموعة مدنية والعسكريون دورهم الحماية

تعقيدات كبيرة شهدتها الساحة السياسية بالبلاد في الآونة الأخيرة غيرت مجرى كثير من الاحداث، تراوحت بين الشد والجذب لأطراف العملية السياسية خاصة بعد التوقيع على الاتفاق الاطاري.. الأمر الذي قاد لانقسامات وحالة استقطاب حادة بين الاطراف.. المحصلة أفضت في النهاية لطرح جملة المبادرات، ونشأت أيضا تكتلات وتحالفات جديدة.. من بين هذه الحلول طرحت (المبادرة المصرية).. صحيفة (الانتباهة) التقت الخبير القانوني د. نبيل اديب رئيس لجنة التحقيقات في فض الاعتصام واحد المشاركين في الحوار السوداني ــ السوداني بالقاهرة.

* في اعتقادك ما هي مخرجات الحوار السوداني الذي عقد بجمهورية مصر قبل شهر أو يزيد؟

ــ اعتقد أن الورشة التي أقيمت في مصر وضعت أساساً مناسباً لاستئناف الفترة الانتقالية، فهذا الاساس يقوم على الا يحتكر أي جناح أو مجموعة أو كتلة السلطة في الفترة الانتقالية، وان الفترة الانتقالية تخص الجسم السياسي السوداني جميعه، وبتحديد المجموعات التي تؤمن بالتحول الديمقراطي مع استثناء كامل لكل شيء يذكر بالنسبة للمؤتمر الوطني لانه حكم ثلاثين عاماً، ولأن الثورة جاءت لكي تخرج البلاد من حكم المؤتمر الوطني وتأسس لنظام ديمقراطي، وان أي احتكار للسلطة لأية مجموعة مضر بالنسبة للفترة الانتقالية، لأن الغرض منها هو تأسيس (نظام ديمقراطي) وهذا لا يتم إلا باصلاح يجعل جميع التنظيمات المؤمنة بالتحول الديمقراطي جزءاً من هذه الفترة وقادرة على طرح منظورها.. لجهة أن تسير الانتقالية في اتجاه الانتخابات العامة وتكون حرة ونزيهة وتأسس لنظام ديمقراطي، وليكتمل ذلك لا بد ان يكون هناك اختيار حر ومدرك للناخب، وهذا الاختيار لن يتأتى الا بصلاح (قانوني عميق) واصلاح اقتصادي ايضاً (عميق)، ومن ثم اعادة السودان الى المجتمع الدولي بشكل يخدم مصالح البلاد ومصالح المجتمع الدولي دون املاء من طرف على طرف آخر.

* الاختلافات خلال الفترة الماضية عملت على اضاعة الفترة الانتقالية، ما تعليقك؟

ــ الأساس في هذه الفترة هو ترسيخ السلام دون أن يحتكر ذلك طرف. والآن الاختلاف الذي نشاهده يحدث بين الاطراف، وهناك اتجاهان أحدهما يقبل أن تضم الفترة الانتقالية جميع المؤمنين بالتحول الديمقراطي، وهناك اتجاه آخر يسعى لاحتكار السلطة وهم يختلفون حول المناصب في الفترة الانتقالية, وهذا هو اصل المرض الاساسي الذي اضاع الفترة الانتقالية.

* هل ترى أن دور العسكريين في حكم الفترة الانتقالية سبب الخلافات؟

ــ بالنسبة لدور العسكريين في الفترة الانتقالية الشيء الاساسي فيه هو حماية الفترة الانتقالية والسير بها لحين الوصول للنتائج المرجوة. وفي تقديري أن اي طموح عسكري للسلطة خلفه مجموعة مدنية، ونحن نعلم ذلك، واصلاً العسكرية ليست لها علاقة او صلة بالسلطة وانما هي علم القتال، وبالتالي اي تدخل في السلطة يعتبر سياسة، اي انه شأن سياسي وليس عسكرياً، لذك فإن دور العسكر في هذه الفترة هو الحماية، والمشروع السياسي الوحيد الطاغي فيها هو بناء نظام ديمقراطي. اما المشروعات الخاصة بالاحزاب فهي متروكة لما بعد الفترة الانتقالية، ليكون هناك صراع حزبي مشروع حول المشروعات المطلوبة بالنسبة للحكومة التي سيتم انتخابها، وهي البرنامج الانتخابي، وهذا سيكون موضوعاً خلافياً، اما الآن فليست هناك خلافات، فقط كيف يمكن ترسيخ النظام الديمقراطي والسير به نحو انتخابات عادلة ونزيهة.

* البعض يتحدث عن اعادة لجنة ازالة التمكين بشكلها الماضي رغم الاعتراضات والاعترافات بوجود أخطاء.. ما رأيك؟

ــ الاتفاق الاطاري لم ينص على اعادة لجنة ازالة التمكين بل نص على ازالة التمكين، ولكن لم يحدد الطريقة التي ستعمل بها اللجنة ولا تكوين اللجنة، وهذه مسألة يجب الاتفاق حولها، أما موضوع أن هناك عيوباً لحقت بقانون ازالة التمكين والانتقادات التي وجهت لعمل اللجنة فهي مسألة يجب الاتفاق عليها لأنها جزء من تفاصيل الاتفاق الاطاري.. ولكن الاطاري نفسه لم يتعرض لتفاصيل، فهو اتفاق اطاري كما يظهر من عنوانه، اما التفاصيل فمازالت محتاجة لاتفاق، ولذلك مجموعة المجلس المركزي اقامت ورشة للاتفاق حول اعادة لجنة ازالة التمكين، وخرجت بمخرجات لم تكن مقبولة لعدد كبير من الناس، وهو ما يجب أن يتم حوله توافق بين المجموعات السياسية الداعمة للتحول الديمقراطي. أما ما يلي قرارات لجنة ازالة التمكين فهي مسائل قانونية دستورية، واصلاً في جميع الاحوال هذا جزء من الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية التي يجب العودة للعمل بها، لأنها تتحدث عن استقلال القضاء وان يقوم نظام ديمقراطي على اساس حكم القانون اساسه الديمقراطية، ومعروف استقلال القضاء وسلطته لا تخضع لمراجعة السلطات السياسية.

* البعض يرى ان الاقصاء لن يؤدي لاستقرار الفترة الانتقالية؟

ــ اعتقد ان اصرار مجموعة المجلس المركزي على اقصاء اية مجموعة يشكل وضعاً خاطئاً في الجسم السياسي السوداني، وهي لن تؤدي لاستقرار الاوضاع، والمسألة في النهاية هي من له حق سلطة ان يقصي شخص آخر؟ والمسألة شبيهة باقصاء المجموعة التي كانت في السلطة (المؤتمر الوطني) وسقطت مع الثورة.. وفي رأيي أن الاقصاء في الفترة الانتقالية لا يجوز، وليس لاي شخص ان يقصي اية مجموعة كانت خلال الفترة الانتقالية، وان حدث ذلك تشوهت الانتقالية نفسها ولن تكون قادرة على بناء نظام ديمقراطي.

* تحقيقات فض الاعتصام.. الى أين وصلت؟

ــ لجنة التحقيقات في فض الاعتصام (معرقلة) لعدم وجود حكومة مدنية، لأن الدعم اللوجستي يوفره رئيس الوزراء وهو غير موجود الآن.. ونحن في مرحلة فحص الأدلة المادية وتقوم به لجنة فنية تم الاتفاق بينها وبين مكتب رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، وتحتاج لبعض التفويضات والاذونات ونحن لا نستطيع توفيرها في غياب الحكومة المدنية، لذلك هناك جزء من عمل اللجنة متوقف، اما الجزء المتعلق بمراجعة البينات والافادات الشفهية والمستندات التي تم الحصول عليها فهو مستمر، والمشكلة الآن لم يعد لدى اللجنة مقر وهذا ايضاً يعرقل عملها، لكن ما لم تعد الفترة الانتقالية بحكومة (مدنية) فإن اللجنة لن تستطيع ممارسة عملها على الوجه الاكمل.

* اعادة تكوين اللجنة.. ماذا تم فيها؟

ــ هذا الأمر من اختصاص سلطة رئيس الوزراء ولا تحتاج الى ان توضع ضمن الاتفاق الاطاري ولا أظنها وضعت، وبالنسبة لنا فإننا نعمل وفق قرار يستمد قوته من (الوثيقة الدستورية)، ولكننا لا نبحث عن مناصب.. فهي خدمة وتكليف وليست تشريفاً.. واذا رأت السلطات ان هناك من هو أجدر بالقيام بهذا العمل فذاك قرارها كسلطة مختصة وهي المسؤولة عنه.. ونحن في اللجنة مصرون على اتمام هذا العمل طالما الوضع يسمح بذلك.

حوار: مزدلفة دكام

الانتباهة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى