حوارات

 عبد الرؤوف أبوزيد: انزعاج الحكومة الأمريكية من اطلاق سراحي مُبرر

ادانتي بالإعدام بسبب الاشتراك الجنائي لتواجدي بموقع الجريمة
 أدركت بعد المراجعات الفكرية، أن الأمريكان المتواجدين في السودان معاهدين في أمان الدولة
 ليس لديّ عداء مع الأمريكان أو غيرهم، ولا انتمي لأي جماعة دينية أو تنظيم

بعد اطلاق سراح المدان الرابع بالاعدام في جريمة اغتيال الدبلوماسي الأمريكي جون غرانفيل عبد الرؤوف حمزة أبوزيد، ظهرت انتقادات كثيرة من قبل الحكومة الأمريكية، (الجريدة) التقته وطرحت عدداً من المحاور فإلى مضابط الحوار:

 

* دعنا نعود بذاكرتك الى حادثة مقتل غرانفيل.. ماهي دوافعكم؟
– وقعت جريمة القتل في 2008، وكان عمري آنذاك 20 عاماً كنت صغير في السن ومندفع وتزامنت الحادثة مع الأحداث التي وقعت في العراق وأفغانسان، وكنت مشحوناً بالحماسة والعاطفة، وكما ذكرت في محضر التحقيق لم يكن المقصود غرانفيل أبداً ولم نكن نعرفه ولم أره على الاطلاق، ولم يكن هو الهدف الأساسي وحتى من كانوا معي أكدوا أنني كنت نائما في العربة لحظة اطلاق الرصاص، وبشهادة المنفذين في البلاغ أكدوا ذلك أمام المحكمة لم تتلطخ يدي بدم غرانفيل أو بدم أي انسان آخر أو دم السائق عبد الرحمن، صحيح أنا أخطأت وكنت موجود في موقع الحادث ولا أبرر ذلك ولا أنكر أنني أخطأت ولكن على الرغم من ذلك لم تتلطخ يدي، والقاضي أدانني بالاشتراك الجنائي لمجرد وجودي في مكان الحادث.

* ذكرت أن غرانفيل لم يكن هو المقصود فمن هم المستهدفون بالاغتيال؟
– كان المقصود أصلا تجمعات غربيين في احتفالات رأس السنة، ولم يكن غرانفيل هو المقصود ولم نكن نعرفه إطلاقا، والحادث وقع في فترة لم أكن متزنا فكريا، وحدثت بعد ذلك مراجعات لي في السجن خلال 15 سنة، خاصة بعد الهروب في 2010 ، تمت مراجعات فكرية التي استهلها معي والدي وبعض الشيوخ الذين كانوا متواجدين بالسجن، أحب أطمئن الجميع ليس لديّ عداء مع أي أمريكي أو غيرهم ولا أنتمي لأي جماعة دينية أوغير دينية أو أي تنظيم، وحتى الذين جاءوا الينا في منزلنا لتهنئتي باطلاق سراحي وأُشيع أنهم يتبعون الى جماعة دينية، أنا ووالدي أنصار سنة فمن الطبيعي أن يأتوا بدافع العاطفة لأنني ابن شيخهم، وكانوا يشاهدوني معه عندما كنت صغيرا في الجماعة، فتدافعهم الى منزلنا بعد خروجي أمر طبيعي حيث جاءوا من مسجد والدي الذي يقع بالقرب منا، لم يحتفل أحد ولم يتم ربط مايكرفون حتى يتحدث الناس من خلاله، ولم يكن هناك أي هتافات ولم أصرح بتهديد لأي أحد .
* هناك من يرى أن المراجعات الفكرية للمتطرفين غير كافية؟
– بدأت المراجعات معي داخل السجن في عام 2010 بعد الهروب، كما ذكرت على يد والدي رحمه الله ومعه عدد من الشيوخ، وبدأ تفكيري وقناعتي تتغير، وأدركت الأخطاء التي وقعنا فيها ليس بسبب السجن أو صدور الحكم بالاعدام، وهذه نقطة مهمة لأن الإنسان يموت بأي سبب هذه المسألة بسبب أن الله سبحان وتعالى أمرنا عندما نخطئ في حق انسان آخر أو ذهبت في طريق خطأ يجب أن ترجع منه .
* لماذا تم القبض عليك بينما اخفقت السلطات في ملاحقة بقية المدانين؟
– لا أعرف ولكن بعد خروجنا تفرقنا فذهبت في اتجاه بحري، واتجه البقية الى جبل أولياء وتم اعتراضهم، وعلمت من الصحف أنهم قتلوا في الصومال في أوقات متباعدة.

* لماذا لم تجدِ المراجعات مع بقية المدانين؟
– منذ تم اعتقالنا كنا منتظرين، في آخر 2009 كان في بداية مراجعات ومناظرات لكن تركيزنا في ذلك الوقت على الهروب حيث كان لا يزال الحماس يسيطر علينا .
* هل تعني أن المراجعات الفكرية اللازمة لاعادتهم لم تتم؟
– نعم هربنا قبل ذلك..
* لماذا نجحت السلطات في ضبطك بينما أخفقت مع بقية المدانين؟
– لا اعرف وتم القاء القبض عليّ في الاسكان بواسطة جهاز الأمن..
* هل ندمت بعد هروبك؟
– نعم لأنه زاد المشكلة، حيث تم اغتيال عسكري في ليلة الهروب بعد اعتراض الشرطة طريق بقية المدانين وحدث اشتباك، والحمد لله ربنا نجاني وكان يمكن أن أتورط في جريمة ثانية.
* ماهي الجهة التي ساعدتكم في الهروب؟
– ساعدنا شاب كان يعرفه بقية المدانين اسمه قُصي ومعه آخرين وقضى عقوبة 12 سنة بالسجن معنا وتم القاء القبض عليهم وحوكموا وقضوا فترة العقوبة وخرجوا.
* عندما تم الحكم عليك بالاعدام هل شعرت بأن هذا هو الجزاء الذي تستحقه، أم شعرت أنك تعرضت للظلم؟
– حسب مجريات القضية لم أباشر القتل وهذه هي الحقيقة باعتراف المنفذين الثلاثة، وأنا المتهم الرابع وقضيت عقوبة 15 عام لتواجدي في مكان الحادث، وحكمني القاضي كما ذكرت بالاشتراك الجنائي وقال حتى لو كان نائماً.

* ماهو اسم الجماعة التي كنت تنتمي إليها ونفذت جريمة اغتيال الدبلوماسي؟
– لم تكن جماعة..
* ماهي دوافع ارتكاب الجريمة وكم أعمار بقية المشاركين في تنفيذ الجريمة؟
– المدان محمد مكاوي كان في عمري، أما الباقين كانوا أكبر سنا مني، وحسب الأفكار التي كنا نعتقد بها في السابق أن الامريكان يحاربوا المسلمين في افغانستان والعراق، لكن بعد ذلك أدركت خطل ذلك وتغير كل شئ .
* ماذا أضافت لك المراجعات وهل أدركت ماهو الخطأ في الفكر الارهابي الذي كنت تعتنقه؟
– أن الأمريكان المتواجدين في السودان معاهدين في أمان الدولة، ودخلوا بتأشيرة وهم ليسوا محاربين ولم يدخلوا بأسلحة ليقتلوا أحد، وهم ضيوف على البلاد وسلامتهم مسؤولية الدولة، والله تعالي يقول في محكم تنزيله (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين) ولا تذر وازرة وزر أخرى، وأدعو كل الشباب للابتعاد عن التطرف لأنه يؤدي الى مفاسد كبيرة للبلاد والأسر، فأنا على سبيل المثال تعرضت لخسائر كبيرة ضاعت 15 سنة من عمري في السجن، ودفعت ثمن غال بسبب الفكر المتطرف فقدت أسرتي وأخواني، وعلى الشباب أن يتجنبوا هذا الفكر ويعرفوا حقيقة الاسلام، وأن الجهاد فرض فيه في وضع معين، ولدينا جيران أقباط منذ طفولتنا يقطنون في العمارة المجاورة لمنزلنا وجاءوا لتهنئتي باطلاق سراحي.
* هذا يعني أنك نشأت في بيئة طبيعية متسامحة تحترم اختلاف الأديان؟
– هذا صحيح
* هل تتوقع اعادة اعتقالك جراء تصريحات السلطات الأمريكية عقب اطلاق سراحك؟
– لا أعرف الله أعلم، لكن أنا موجود في منزلنا وأي شيء من أقدار ربنا اذا استدعتني المحكمة ليس لدي اعتراض على ذلك وليس لدي مشكلة، لكنني أعتقد أنني دفعت ثمنا غاليا من عمري في هذا البلاغ صحيح أنني أخطأت وتواجدت في مكان الجريمة لكن يدي لم تتلطخ بدم ولم أقتل أحد، وخلال فترة الخمسة عشر عاما تغير فكري وتغير كل شيء وهذا الثمن الذي دفعته كافي لابدأ من جديد مراعاة لأطفالي وأطفال اخواني اليتامى ووالدتي.

* ماذا ستفعل في مستقبلك خلال الفترة القادمة؟
– طبعا عندما يخرج الشخص من السجن بعد 15 سنة يخرج ورأسه ( ضارب )، وحتى الآن لا أعرف ماذا سأفعل ولكن أمنيتي أن أجد الفرصة لرعاية أسرتي ووالدتي وأتمنى أن أجد فرصة لبدء حياة جديدة معهم والحمد لله أنني تركت طريق التطرف.
* هل كان هناك عائد من النشاط الارهابي بخلاف الدافع المعنوي؟
– لم يكن هناك عائد مادي، وهو كان مجرد تصرف فردي في لحظة طيش، وكان أغلبنا في عمر صغير وكنت أصغر المشاركين.
* ألم تكن هناك جهة تقف خلفكم ومن أين حصلتم على السلاح والدعم اللوجستي لتنفيذ العملية؟
– لم تكن هناك جهة تقف خلفنا، وكما ذكرت كنت صغيرا في العمر .
* من الذي وفر العربة والأسلحة لكم؟
– كل هذه الأشياء رتبها الشباب الذين نفذوا العملية، وهذا مثبت في المحكمة من أحضر السلاح والعربة ومن قام بإيجار المنزل وتنحصر مسؤوليتي في أنني كنت موجود في موقع الحادث .
الى جانب المراجعات الفكرية

*هل خضعت للعلاج النفسي بسبب انخراطك مع جماعية ارهابية في سن مبكر من عمرك؟
– لم يتم اخضاعي للعلاج النفسي في السجن، وأجريت لي مراجعات فكرية فقط وأعتقد أنها كافية والحمد لله أصبحت لا أشكل خطر على أي أحد.
* هل جرت بينك وبين أسرة القتيل غرانفيل أي اتصالات قبل أو بعد اطلاق سراحك؟
– لم تتم أي إتصالات بيننا وبينها بعد خروجي من السجن، أما بالنسبة لموضوع الاعتذار لوالدة غرانفيل فقد سرت شائعات كثيرة مفادها أنني رفضت طلب الاعتذار واؤكد أنني طوال فترة تواجدي بالسجن لم يطلب مني أحد أن اعتذر.
* هل تمت اتصالات بين المحكمة أو المحامي مع أسرة غرانفيل؟
– نعم المحامي الخاص بي ارسل اعتذارات لوالدة غرانفيل باسمي واسم الاسرة عدة مرات، وكذلك تقدمت لها بالاعتذار أيضا بطرق مختلفة، وأؤكد لها أن يدي لم تتلطخ بدم أبنها أو دم السائق وكما ذكرت فانني اعترف بخطئي لتواجدي في مكان الحادث، وأتقدم باعتذاري للاسرتين وللشعب الأمريكي

* عندما حكم عليك بالاعدام هل كنت تعتقد أنكم ستكون شهداء؟
ـ في تلك اللحظة كنا مازلنا على نفس الحالة التي دخلنا بها السجن حيث أن الفترة كانت بسيطة، وكان مازال الحماس مسيطر علينا وكنا نعتقد أننا سنكون شهداء لكن بعد ذلك تغير تفكيري.
* نعود بك الى لحظة وفاة والدك ومشاركتك في مراسم تشييعه هل شعرت بالندم؟
– نعم شعرت بالندم الشديد وعندما خرجت أول مكان ذهبت الى زيارة قبر والدي .
* هناك من يرى أن السماح لك بحضور التشييع فيه تحيّز واضح لك من النظام البائد بسبب خلفيته الاسلامية؟
– هذا ليس صحيح والسماح لي بالمشاركة في تشييع والدي ليس بدعة وليس تحيز فالمحكوم بالاعدام اذا مات له قريب من الدرجة الأولى يسمح له بذلك بتأمين معين.

* متى كان آخر لقاء بينك وبين والدك قبل رحيله؟
– التقيت به قبل شهر وهو كان متأثر جداً وبذل مجهودات كبيرة لحل المشكلة وحاول لقاء السفير الأمريكي لكنه لم يجد استجابة.
* من زارك من المسؤولين الأمريكيين؟
– جلست مع عدد من المسؤولين الامريكيين ولكني لا أستطيع أن افصح عنهم.
* هل لديك علاقات بالقيادي بداعش محمد علي الجزولي الذي تراجع لاحقا عن مواقفه؟
– اطلاقا، وداعش ظهرت وأنا موجود بالسجن وعاصرت ظهور القاعدة في السودان، ولابد من الاشارة الى أنني درست بالجامعة الاسلامية بالمملكة العربية السعودية خمس سنوات وبعد مرور عشرة أشهر وقع الحادث بعد تعرفي على المدانين في البلاغ، بعد شهر ونصف دخلنا السجن ولم نكن نعرف اسماءنا الحقيقية حيث كنا نتعامل بأسماء حركية وحدث التعارف على مستوى الأسر بعد السجن .
* كيف تنظر للتصريحات الأمريكية التي ترفض اطلاق سراحك؟
– لا استطيع أن أتحدث عن الجانب القانوني، لكن ما يخصني أطمئن الجميع سواء كانوا من ضيوف البلاد من الأجانب أو السودانيين لا أشكل تهديد لأي أحد ولا أحمل في قلبي عداوة لأي شخص، هذه الجريمة حدثت في زمن مختلف وفي ظروف مختلفة وأنا نفسي كنت في وضع فكري مختلف، والآن بعد 15 عام مختلف، وأطمئن كل من يريد الحصول على تطمينات سواء كان من الحكومة الأمريكية أو السفير الأمريكي، الأمر الثاني أنا موجود أمام الأجهزة الأمنية وليس لدي نية هروب. موجود في منزلي ولم أهرب من السجن وانما خرجت بقرار من المحكمة .

* هل ترى انزعاج الحكومة الأمريكية لخروجك من السجن منطقي؟
– القلق الأمريكي مبرر لأن تفاصيل القضية مشكلة بجانب كثرة الاشاعات التي نقلت عني زورا وبهتانا أن هذا الشخص مازال لديه أفكار متطرفة ومازال ليس نادما، ومازال لديه النية ليرتكب نفس الجريمة كل هذه الأشياء تشكل عامل خوف، لكن أتعهد للجميع أنني ليس لدي عداء مع أي جهة وأي تصريح نسب لي ولم يصدر عني لست مسؤولا عنه لم اصرح لأي أحد بهذا، بل لو بدر مني أي تصريح أو فعل يشكل تهديد لحياة أي انسان كائنا من كان سواء كان ضيف أو مواطن أطالب بمحاكمتي فأنا لم أشكل تهديدا لأي أحد .

* هل مازال لدى داعش وجود في السودان؟
– عندما دخلت السجن لم تظهر داعش، كانت القاعدة موجودة كأفراد وليس كتنظيم، وعددهم قليل وعرفتهم بسبب ما حدث لأسرتي سفر اخواني وزوجتي، التي التحقت بداعش عقب تطليقي لها وزواجها، ولا أعرف الآن شيئا عنها، ولكن لا أعرف أي معلومات عن أعدادهم وأماكن تواجدهم . والسودان مقارنة ببقية الدول لا يوجد فيه ارهاب، ومن يتبعون للقاعدة تدفعهم العاطفة فقط وليسوا خطرين يمكن أن يفجروا وهم مسالمين جداً.
     حاورته: سعاد الخضر

الخرطوم: (صحيفة الجريدة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى