تحقيقات وتقارير

“كارتل في دارفور”.. تجار “البنقو” يرصون صفوفهم

في سبعينات القرن الماضي، نشطت منظمة إجرامية في تنظيم تجارة المخدرات سميت “كارتل مخدرات كولمبيا” الذي تزعمه “بابلو اسكوبار” وحاز على شهرة دولية واسعة.

فقد بدأ حياته كعضو عصابات صغيراً ثم صار زعيم أحد أكبر شبكات المخدرات فى كولمبيا، وأنشأ اتحاداً لكل عصابات المخدرات لتنظيم وتنسيق تجارة الممنوعات فيما بينهم.

طوَّر بابلو، نشاطه وصار سياسياً وعضواً فى البرلمان الكولومبي واشترى ولاء قيادات الشرطة والقضاء والوزراء وقتل عدداً كبيراً من القضاء وضباط الشرطة والنيابة وكل من حاول اعتراض طريقه دون أن تثبت عليه التهمة.وبلغت ثروته مليارات الدولارات وكان يبني المدارس والمستشفيات والكنائس، وكانت جمعياته الخيرية تدعم آلاف الفقراء واكتسب شعبية لاتخطر على بال رغم أنه أكبر “بارون مخدرات” على الإطلاق، وكان يهرِّب شهرياً مخدرات تقدر بـ (20) مليون دولار، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كما عرض أن يدفع “كارتل” المخدرات الكولمبية ديون الدولة الخارجية والتي تبلغ (20) مليار، مقابل السماح للكارتيل بيع المخدرات، لكن الرئيس الكولمبي رفض. تدخلت الولايات المتحدة التي أغرقها “كارتل” كولومبيا بالمخدرات وتمكنت بمشاركة قوات مشتركة كولمبية من تفكيك شبكته وقتله.

“كارتل” دارفور

في السياق راجت الأخبار عن مؤتمر لتجار “البنقو” في شرق دارفور نشرت مخرجاته على الملأ وأغرقت السوشال ميديا بتفاصيله، بينما شبه متابعون

المؤتمر بكارتل مخدرات سوداني شبيه بكارتل كولمبيا، في طور التأسيس والتكوين يقوده تجار، وتجد سوقاً رائجاً بين أوساط المتعاطين لها والتي يحصلون عليها بكل يسر وسهولة وبأسعار في متناول اليد، بينما يتساءل متابعون أين حكومة دارفور، وأين الحاكم؟

وفي السياق طالب الكاتب ورئيس حزب الأمة الوطني عبد الله مسار عبر (الصيحة): الدولة بضرورة تفعيل وسن القوانين الرادعة ضد منتجي ومروِّجي المخدرات، وفرض هيبة الدولة بملاحقة ومحاسبة التجار، واقترح طرح بدائل للمنتجين في كل الولايات ودارفور خاصة بزراعة منتجات قومية آمنة وداعمة للاقتصاد، وذات مردود وعائد مجزي، وشدَّد على أهمية تفعيل المراقبة الدورية لهؤلاء المنتجين، أما المروِّجين يجب ردعهم ومعاقبتهم عقوبة رادعة – على حد قوله.

تهديد للأمن القومي

قال المحلِّل السياسي والمراقب للعملية السلمية عبدالله آدم خاطرإن ما راج بشأن مؤتمر لمنتجي وتجار “البنقو” في دارفور يمثل تهديداً للأمن القومي واستهتاراً بسيادة الدولة وحكومة الإقليم .

وأوضح بأن هذا اعتراف صريح ومجاهرة بتجارة المخدرات داخل الدولة ونذر بتحويل مثل هذه التجارة إلى مصدر اقتصادي رائج التداول في البلاد دون تحسب أو خوف من المحاسبة والملاحقة القانونية .

وأضاف: إن هنالك مهدِّدات -أيضاً- بتدمير طاقات الشباب، وطالب بضرورة ردع ومحاسبة هؤلاء التجار وملاحقتهم قانونياً، وإبادة مزارعهم، حتى لا تصبح هذه التجارة تداول طبيعي وسط التجار في الإقليم وعلى مستوى السودان.

وبسؤاله عن تأثير غياب حكومة الإقليم على انتشار مثل هذه الممارسات الدخيلة على البلاد، قال خاطر، إنه في مثل هذه القضية تخرج من إطار حاكم دارفور إلى قضية قومية، لأن مثل هذا النشاط الهدام خطر كبير على كل الولايات والأسر السودانية ولا يؤمن عواقبها على القريب والبعيد.

تجاوز الشارة الحمراء

وكانت مصادر موثوقة قد كشفت معلومات بشأن مؤتمر منتجي وتجار “البنقو” بالسودان الذي احتضنته إحدى غابات السافنا الغنية بمحلية الفردوس بشرق دارفور.

وقالت المصادر: إن المؤتمر ضم 100 تاجر، ومن بين أبرز توصيات المؤتمر منح “الحرس-والخبير- وسواق المركبة ” ٣٠% من قيمة البضاعة لتعود له بالفائدة وتحفزه لمواصلة عمله، وأضافت المصادر أن المؤتمر حظي بمشاركة واسعة من شتى مدن البلاد.

وكشفت المصادر عن وضع المؤتمر خطة تأمينية دقيقة لخط سير قوافل التجار من مناطق الإنتاج إلى مناطق التسويق- وقال: إن القافلة الواحدة تقدَّر بحوالي “40” من الدواب”الحمير” محملة بالحشيش على ظهورها ويقوم بأعبائها نحو “12” شخصاً، بينهم خبير – مزوِّدين بأحدث أجهزة الاتصالات “الثريا ” لتمكنهم من رصد المعلومات لحظة بلحظة’ للقافلة.

من جهتهم طالب مواطنون الأجهزة الأمنية بحسم هذه القضية، واعتبروا أن المؤتمر تجاوز للشارة الحمراء، وتحدٍ سافر للدولة والحكومة.

فعل ورد فعل

تعد منطقة الردوم الحدودية بين السودان وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان من أكثر المناطق المنتجة لمخدرات البنقو، حيث تزرع فيها آلاف الأفدنة في كل موسم زراعي، بينما تنظم قوات الشرطة السودانية في كل عام حملة عسكرية للقضاء على مزارع البنقو، وتقع مواجهات مسلحة بين قوات الشرطة والمروِّجين وتجار المخدرات في الغالب يقع فيها ضحايا من الطرفين.

وفي العام 2021م لقي 15 شرطياً، مصرعهم في كمين نصبه منتجي وتجار المخدرات لقوة من الشرطة كانت تنفذ حملة ضد منتجي المخدرات في منطقة سنقو التابعة لمحلية الردوم.

ويأتي مؤتمر تجار ومروِّجي المخدرات كأول رد فعل لمواجهة الحملة التي أعلنتها الحكومة السودانية لمحاربة المخدرات، ومساعي حكومة ولاية شرق دارفور لمحاربة ما تسميه السلطات بالظواهر السالبة والتي من ضمنها تجارة وتعاطي المخدرات .

ويرى مراقبون أنه في السنوات الماضية انعدم الأمن في دارفور نتيجة للحرب الدائرة بين الحركات والحكومة من جهة وانتشار عصابات النهب المسلح الشيء الذي هيأ بيئة خصبة لمنتجي البنقو المسلحين بالزراعة باطمئنان وإنتاج كميات كبيرة وربما تكون تحت رعاية وحماية بعض الحركات،حتى أن الحكومة في الماضي كانت تكتفي بمهاجمة المزارع وإحراقها.

تقرير :نجدة بشارة

الصيحة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى