حيدر المكاشفي يكتب: من أقوال الأستاذ

 

على أيام السودان الزواهر في كل المجالات، عندما كان يقول الجامعة هكذا معرفة بالألف واللام دون اسم، كان ذهن السامع ينصرف مباشرة الى جامعة الخرطوم التي كانت جميلة ومستحيلة، وبالمثل عندما كان يقال الاستاذ هكذا دون اسم كان المقصود هو الاستاذ محمود محمد طه دون سواه، وهو ايضا من عنيناه في العنوان أعلاه..وبالأمس مرت علينا الذكرى الثامنة والثلاثين لعملية الاغتيال الغادرة التي نفذت عبر حكم اعدام مطبوخ للأستاذ محمود محمد طه شهيد الفكر والرأي، وللاستاذ مقولات جواهر تنضح حكمة وسماحة وسعة أفق اشتهر بها الاستاذ، عن لي استعراض بعضها للتمعن والتفكر في عمقها..

من أقواله عن الشعب السوداني الكريم: (الشعب السوداني شعب عملاق يتقدمه أقزام)،ومنها أيضا (أنا زعيم بأن الإسلام هو قبلة العالم منذ اليوم .. وأن القرآن هو قانونه..وأن السودان ، إذ يقدم ذلك القانون في صورته العملية ، المحققة للتوفيق بين حاجة الجماعة إلى الأمن ، وحاجة الفرد إلى الحرية المطلقة ، هو مركز دائرة الوجود على هذا الكوكب .. ولا يهولن أحدا هذا القول ، لكون السودان جاهلا ، خاملا ، صغيرا ، فإن عناية الله قد حفظت على أهله من أصايل الطبائع ما سيجعلهم نقطة التقاء أسباب الأرض بأسباب السماء)، وكان مدهشا ان تعزز قول الاستاذ هذا الذي قال به قبل عشرات السنين، أﺑﺤﺎﺙﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻮﺭﺍﺛﺔ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻲ ﻟﻮﻛﺎﻓﻴﻠﻠﻲ ﺳﻔﻮﺭﺯﺍ، التي تقول ﺃﻥﺃﻫﻤﻴﺔﺍﻟﺨﺮﻳﻄﺔ ﺍﻟﺠﻴﻨﻴﺔ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺒﻘﻴﺔ ﺳﻜﺎﻥﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﺟﻤﻊ، ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺃﺳﻼﻑﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﻳﺮﺟﻊﺇﻟﻴﻬﻢ، ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺟﻴﻨﻴﺔ، ﻛﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻓﻲ عالم ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﺃﻥ ﻣﺎﻳﻤﻴﺰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺮﻳﻄﺔ ﺍﻟﺠﻴﻨﻴﺔ ﻫﻤﺎ ﻋﻨﺼﺮﻱﺍﻟﻘﺪﻡ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ،

ومن أقواله (نحن نبشر بِعالمٍ جديد، وندعو الى سبِيل تحقيقه، ونزعم أنا نعرِف ذلك السبي معرِفة عملية، اما ذلك العالم الجديد، فهو عالَم يسكنه رِجال ونساء، أحرار، قد برِئت صدورهم من الغل والحقد، وسلمت عقولهم من السخف والخرافات.. فهم فى جميعِ أقطارِ هذا الكوكب متآخون، متسالمون، متحابون،قد وظفوا أنفسهم لخلقِ الجمال فى أنفسهم، وفى ما حولَهم من الأشياء.. فأصبحوا بِذلك سادة هذا الكوكب.. تسمو بِهِم الَحياة فيه سمتا فوق سمت، حتى تصبِح وكأنها الروضة المونقة.. تتفتح كل يومٍ عن جديد من الزهرِ، وجديد من الثمر)..ومنها كذلك قوله (الأفضل للشعب السوداني أن يمر بتجربة حكم جماعة الهوس الديني. وسوف تكون تجربة مفيدة للغاية. إذ أنها بلا شك ستبين لأبناء هذا الشعب مدى زيف شعارات هذه الجماعة. وسوف تسيطر هذه الجماعة على السودان سياسياً واقتصادياً حتى ولو بالوسائل العسكرية. وسوف يذيقون الشعب الأمرين. وسوف يدخلون البلاد في فتنة تحيل نهارها إلى ليل. وسوف تنتهي فيما بينهم. وسوف يقتلعون من أرض السودان اقتلاعاً)،

وقوله عن شخصية الدكتور حسن الترابي (نؤكد لمن عسى يحتاجون لتأكيد أن شخصية الدكتور حسن موضع حبنا ولكن ما تنطوي عليه أفكاره من زيف وتضليل هو محل حربنا)..انتهت مقولة الأستاذ.. وهي عندي أعلى درجة وأرق عاطفة من المقولة الشائعة اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، وظني أن الانسانية والبشرية مهما تباعدت بين بنيها المواقف فلن يكون ذلك على كل شئ جملة وتفصيلا، لابد أن تكون هناك بعض المشتركات التي يلتقون عندها، كما أن مفهوم الصراع عند مستوى معين هو الأنسب من محرقة التنابذ والاساءات الشخصية، فالصراع بهذا المعنى يعد أحد الاشكال الرئيسية للتفاعل ويعتبر حافزا بوصفه أحد مصادر القوة لرفع وتسريع وتيرة الأداء، ولهذا الأفضل في ساحات النزال السياسي والتعارك البرامجي والرؤيوي أن يذهب التعاطي رأسا إلى الأفكار والبرامج والرؤى والسياسات بدلا من الشخصيات التي يجب أن تظل محل احترام مهما اشتد أو اشتط الخلاف، وان كان ما من بد للشتم والسب فليقع على الأفكار والبرامج وليس الشخصيات أو الكيانات والتنظيمات..

 

 

 

صحيفة الجريدة

 

Exit mobile version