الطاهر ساتي يكتب: التقليد الأعمى..!!
:: كونسبسيون توماس، ناشطة أمريكية، نصبت خيمتها أمام البيت الأبيض لما يزيد عن (36 عاماً)، احتجاجاً على التجارب النووية، وحروب أمريكا في الشرق الأوسط، والعنف ضد الأطفال، ثم تضامناً مع قضية فلسطين، لتنال لقب صاحبة أطول اعتصام في التاريخ، قبل أن تموت في يناير 2016، أي ماتت بعد ثلاثة عقود من الاعتصام المتواصل.. وربما بالناشطة كونسبيسون يقتدي أهل الكميلاب بمنطقة هيدوب الواقعة على ساحل البحر الأحمر..!!
:: فالحكاية أن أهل الكميلاب أغلقوا ميناء هيدوب بالمتاريس قبل (6 أشهر)، وإلى يومنا هذا يعتصمون في مدخل الميناء الذي (لا يعمل).. وبالمناسبة، في مارس العام الماضي، أصدر نائب رئيس المجلس السيادي محمد حمدان دقلو، توجيهاً بمباشرة العمل بميناء هيدوب خلال (٧٢ساعة)، ولم يعمل حتى الآن.. ومنذ عهد النظام السابق، فكل مسؤول يزور الشرق ولا يعود إلى الخرطوم قبل التوجيه بتشغيل ميناء هيدوب.. ومع ذلك، لا يزال (مهجوراً)..!!
:: أهل الكميلاب يطالبون الحكومة بتعويضات بزعم أن أرض الميناء ملك القبيلة، وهذا الزعم من محن البلد.. فالأرض في بلادنا ليست ملكاً للدولة كما تنص الدساتير، بل هي ملك القبائل بوضع اليد، وهذا أكبر متاريس الاستثمار.. وما لم يتم تحرير الأرض من سطوة القبائل لن تنهض الدولة حتى ولو توافد إليها المستثمرون من كل فج عميق.. لقد طورت الدول علاقة الإنسان بالأرض ونظمتها بالقوانين التي لا تظلم المجتمعات ولا تعطل الاستثمار..!!
:: على كل، تم افتتاح ميناء هيدوب في (نوفمبر 2017)، وتم تدشينه في (مايو 2018)، بحيث تم تصدير شحنة من الضأن إلى لبنان.. وبعد أسبوع من التدشين، أعلنت هيئة الموانئ إغلاق الميناء لعدم وجود مياه الشرب ومحجر بيطري وحظائر.. تخيلوا، دشّنوا الميناء ثم بحثوا عن المياه والمحاجِر والحظائر، ولم يجدوها، فأغلقوا الميناء.. وظلّ مغلقاً منذ تاريخ التدشين – مايو 2018 – وإلى يوم اعتصام أهل الكميلاب..!!
:: ميناء هيدوب هو الأحدث في البلد، بحيث كل شيء فيه يعمل بأحدث نظم التشغيل الإلكترونية.. (5 أرصفة)، بطول (241 متراً)، وعمق (12.5 متر)، وحمولة (30.000 طن).. وهو مشروع شراكة مثالية ما بين هيئة الموانئ وشركة جيك الصينية (51%، 49%)، ويقع جنوب سواكن.. ورغم أنها لا تبعد عن سواكن كثيراً (30 كلم)، ورغم أنها غنية بخيرات البحر، فإن منطفة هيدوب كانت مهجورة..!!
:: نعم، على مد البصر كانت خالية من السكان، وتتّخذها مراكب الصيد محطة ثم تُغادرها سريعاً لعدم وجود مقومات الحياة.. ولخلوها من الناس والحياة، كانت منطقة هيدوب من أوكار تجار السلاح والمُخدّرات وتهريب البشر، وهؤلاء التجار هم الأجدر بالتعويض والاعتصام، وليس من يبتزون الدولة والمستثمرين – باسم القبيلة والأهالي – لتقليد الناظر ترك..!!
صحيفة اليوم التالي