آراء

محجوب مدني محجوب يكتب: شعائر الدين وأثرها على البشر

 

شعائر الدين لها أثران:
إحداها: أثر إيجابي وذلك حين التمسك بها.
والثاني: سلبي حين التخلي عنها.
بسبب الطفرة العلمية وارتباطها بالغرب صارت شعائر الدين واللغة العربية هذه اللغة التي تمثل الوعاء الذي يحوي هذه الشعائر صارت ليست فقط رغبة ثالثة بل لا توجد لها أي مرتبة من مراتب اهتمام الناس.
الرغبة الأولى أصبحت بدون منازع تتلخص في العلوم الدنيوية من طب وهندسة وحاسوب وإدارة أعمال وما لف لفها.
والرغبة المصاحبة لهذه العلوم هي اللغة الإنجليزية أو الفرنسية ولحقت بهم مؤخرا الصينية.
هذا الاهتمام بالمهن واللغات الأجنبية وسط تجاهل تام ومقصود لشعائر الدين واللغة العربية.
قد يكون هذا التجاهل بحسن نية حينما رأى الناس البضاعة الرائجة والمطلوبة في السوق، فقاموا بصورة تلقائية بالتركيز عليها.
هذا التركيز من جهة مقابل إهمال الشريعة واللغة العربية أفرز واقعا مختلفا أبرزه هو ابتعاد هذه الأجيال أجيال الانترنت عن هويتهم وتعلقهم باهتمامات لا تركز على الهوية أو هي اهتمامات قد لا تقتصر على الهوية فقط.
اهتمامات شاملة لجميع البشرية اهتمامات من كرة قدم وانترنت وتقنية تلفونات ومواقع تواصل اجتماعي واحتفالات بأعياد رأس السنة وموضات لبس وأدوات تجميل وتخسيس وغيرها من الاهتمامات التي تضم جميع الثقافات، فهذه الاهتمامات لا تميز فيها الصيني من الإنجليزي من العربي من المسلم من المسيحي.
موجة قوية سار الناس معها؛ ليجدوا أنفسهم بعيدين بصورة تلقائية عن شعائرهم الدينية وعن لغتهم العربية.
لم يكترثوا للجانب الإيجابي لهذه الهوية، وظلوا يمضون دون توقف مع هذه الموجة العالمية يشجعهم في ذلك جانبان:
الأول: ليس ثمة تعارض بصورة عامة بين التركيز على هذه الاهتمامات وبين هويتهم، فلا أحد يعترض على الاهتمام بتخصصات لا علاقة لها بالعلوم الشرعية.
لا أحد يعترض على أن الأجهزة الإلكترونية وما تصحبه معها من مواقع التواصل الاجتماعي بحيث يمكن أن تكون ضد الهوية.
الجانب الثاني: هذه الموجة هي رغبة الجيل الحالي، فلا يريد الآباء والأمهات أن يصدعوا رأسهم بالدخول مع أبنائهم في صراع، فليدعوا أبناءهم يفعلون ما يشاؤون ويتميزون في مجالات عصرهم.
هذه الحالة التي سيطرت على غالب مجتمعات الهوية المسلمة أخرجتها دون أن تشعر من دائرة الاهتمام بالعلوم الشرعية واللغة العربية.
كثرت معاهد اللغات الأجنبية مقابل إهمال معاهد اللغة العربية.
كثرة معها كليات وجامعات العلوم الطبية والهندسية والإلكترونية مقابل تجفيف كليات وجامعات العلوم الشرعية.
لا أحد يندهش أو يستغرب أن هذا الجيل بعيد كل البعد عن هويته.
فهذه هي النتيجة المباشرة التي لا يهتم بها أحد إذ أن كل من ترك وأهمل الاهتمام بالعلوم الشرعية واللغة العربية يدرك تماما أنه سوف لن يكون له بها ارتباط، ولن يستغرب إن لم يميز ابنه بين عمر بن الخطاب وبين عمر بن عبد العزيز مقابل تمييزه بين ليوناردو وبين مسي.
لن يستغرب إن لم يميز ابنه بين شروط صحة الصلاة وبين حفظه عن ظهر قلب شروط استخدام جهاز الآيفون.
لن يندهش سواء المجتمع أو الأسرة من جهل الجيل لهويته.
فالمجتمع نفسه بجميع ألوان طيفه عمل ودعم هذا التجهيل والإهمال.
أين أتت الدهشة؟
أين أتت الصاعقة لتنبه الجميع أثر إهمال الهوية.
حينما لم يقاوم الجيل تبعات إهمال هويته.
حينما فقد هذا الجيل المناعة التي تحميه من كل خطر يواجهه.
حينما وقف هذا الجيل مندهشا عاجزا أمام حملة المخدرات الشرسة التي وجهت نحوه .
السلاح الذي كان ينبغي أن يحارب به هذا الجيل حملة المخدرات رماه منذ زمن بعيد بحجة أن هذا العصر عصر المنتجات الصينية.
أن هذا العصر عصر مواقع الانترنت العالمية.
اكتشف الآن هذا الجيل ومن وجهه أنه قضى على نفسه بنفسه.
إذ أن هذه الهوية لها تأثيران لا تأثير واحد.
التأثير الأول أن تنعم بثمرتها، فإن تركت ثمرتها بحجة أن هذا العصر ليس عصرها، فسوف ينال منك السم هذا السم الذي لا يتمكن من الجسم إلا في حالة غياب الهوية.
ها هو العالم الآن وجد صدره مكشوفا أمام سهام المخدرات ولا يعرف كيف يصدها.
سهام المخدرات لا تصدها سوى الهوية التي رميتها خلفك.
سهام المخدرات لا تصدها سوى الصلاة التي تركت ابنك يهملها ليس من باب الكفر بالضرورة وإنما من باب أن اهتمامات هذا الجيل مختلفة.
العيون مغمضة لرؤية قيمة الهوية.
الآن انفتحت العيون على ضياع الأبناء.
إن غاب الأثر الأول الذي يعمل على حفظ الأبناء.
فها هو قد ظهر أثره الثاني وهو ضياع الأبناء.
فيا من جهلتم قيمة الهوية وركزتم على المال والتكنولوجيا هموم العصر.
فتحملوا نار إهمالكم لهويتكم.
صحيح أنه لا أحد يجبركم على التركيز على الشريعة وعلى اللغة العربية.
لكن لا يستطيع أحد أن يحميكم من نار إهمالها إلا بالعودة إليها.
إلا بوضعها في مقدمة اهتماماتكم إلا بوضعها نصب أعينكم.
لا تلوموا من روج للمخدرات.
لا تلوموا من صنع من أولادكم وبناتكم تجارا للمخدرات.
لا تلوموا من حول مدارسكم سوقا للمخدرات.
لا تلوموا من حول أولادكم وبناتكم لصوصا وزناة بسبب المخدرات.
لوموا أنفسكم أن جعلتم شريعة دينكم ولغته خلفكم بحجة التعايش مع العولمة.
بحجة التعايش مع الطفرة الإلكترونية.
كان يمكن أن تنتصروا على العولمة.
كان يمكن أن تنتصروا على التكنولوجيا إذا استقبلتموها بهويتكم.
إذا استقبلتموها بلغتكم.
أما وأنكم استقبلتموما بلا هوية وبلا لغتكم، فتحملوا نيرانها حتى تأكلم عن آخركم.

 

 

 

صحيفة الانتباهة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى