آراء

منى أبو زيد تكتب : عشوائية قاتلة

 

“لنجاح أي نهضة اجتماعية لا بد من شرطين ريادة فكرية واستجابة اجتماعية”.. آرنولد توينبي..!

مُعظم السودانيين ينتقدون العشوائية، وجلهم يمارسونها في علاقاتهم الرسمية أو الخاصة، مع الخلصاء والمعارف أو مع من يقابلونهم لأول مرة، لا فرق. بين كل مائة مسافر سوداني – يجوبون صالات المُغادرة والوصول بمطارات العالم – أكثر من ثلث هذا العدد على الأقل، يحملون بكل بساطة أمتعة لا تخصهم، تسلّموها من أشخاص قابلوهم لأول مرة، ووافقوا على قبول إيصالها – مُكرهين – إلى آخرين لا يعرفونهم. خجلاً من الامتناع عن تقديم المساعدة أو احتساباً عند الله وتحرياً لأجر المناولة..!

وهو كما ترى سلوك عشوائي سائد جداً، على الرغم من كونه يُعرِّض مُرتكبيه للمساءلة والعقاب في حال مخالفة ما يحملونه لقوانين حمل الأمتعة، والتي تقول ببساطة إنّ مُحتواها على مسؤولية الراكب الذي ارتضى أن يضع اسمه على أي برطمان ملوحة أو كيس ويكة أو كرتونة طلح …إلخ.. كانت في طريقها من مرسل مجهول إلى مستلم مجهول، عبر مسافر عشوائي..!

في السجون السعودية سودانيون واجهوا أحكاماً في قضايا تهريب مخدرات داخل أمتعة لا تخصهم، تسلموها من باب خدمة أصحابها لوجه الله وانتهت رحلتهم معها إلى غياهب السجون. ومن هؤلاء قضية المغتربين السودانيين اللذين القي القبض عليهما بتهمة تهريب مواد مخدرة ضبطتها السلطات السعودية داخل “أمانات” وافقا على إيصالها من مجهولين إلى مجهولين – في مطار جدة – على الطريقة السودانية..!

لكن لطف الله قدر أن تتدخل الحكومة السودانية وأن تطلب من السلطات السعودية وقف تنفيذ حكم الإعدام فيهما، بعد ظهور مستجدات واضحة في القضية، وبعد جهود مقدرة من شرطة مكافحة المخدرات، أثبتت التحريات أن الرجلين وقعا ضحية عصابة تهريب مخدرات يمتد نشاطها بين السودان والسعودية، وأن الذي قام بتسليم المتهمين أكياس البضاعة المهربة هو أحد أفرادها..!

بطبيعة الحال على الحكومة السودانية أن تقدم تنويراً للجهات المختصة في السعودية بشأن هذه العشوائية السودانية – وكونها السبب الرئيسي في مثل هذه السوابق – وأن تطالبها بأخذ طبيعة هذا الشعب بعين الاعتبار حين التحقيق والتحري بعد وقوع حوادث مماثلة..!

لكن لماذا لا تسن ولاية الخرطوم سنة حسنة، لحماية للمسافرين عبر مطارها الدولي، من أخطار العشوائية، بأن تمنع هذا السلوك رسمياً. وكل من يثبت أنه يحمل أمتعة لا تخصّه، أو يحاول أن يحمل غيره على ذلك، يعاقب بغرامة رادعة؟. المهم أن يحاصر القانون مظاهر العشوائية، ولا تثريب على أي مسافر – بعدها – إذا رفض أن يحمل أي أمانة، حتى وإن كانت مجرد سلام..!

 

 

 

صحيفة الصيحة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى