:: ومن عبقرية العرب، أروع ما قيل في المدح، كتبها إسماعيل بن أبي بكر:
طلبوا الذي نالوا فما حُرِمــــوا رُفِعتْ فما حُطتْ لهـــم رُتبُ
وهَبوا ومـا تمَّتْ لــهم خُلــــــقُ سلموا فما أودى بهـــم عطَبُ
جلبوا الذي نرضى فما كَسَدوا حُمِدتْ لهم شيمُ فــمـــا كَسَبوا
:: وذات الأبيات، حين تًقرأ من اليسار إلى اليمين، تصبح أروع ما قيل في الذم:
رُتبٌ لهم حُطَّتْ فمــــا رُفِعتْ حُرِموا فما نالوا الـــــذي طلبُوا
عَطَب بهم أودى فمــــا سلموا خُلقٌ لهم تمّتْ ومـــــــــا وهبُوا
كَسَبوا فما شيمٌ لــــهم حُمــدتْ كَسَدوا فما نرضى الذي جَلبُوا
:: ولو لم يمت هذا الشاعر قبل قرون، لظننت أنه مؤلف نصوص التسوية الثنائية المسماة بالاتفاق الإطاري.. فالشاهد أن الأطراف الموقعة عليها تقرأ نصوص الاتفاق الإطاري يميناً ويساراً، بحيث تكون (مدحاً أو ذماً)، حسب الرغبة.. وعلى سبيل المثال، إليكم هذا التصريح الغريب: (استنكرت الأمينة العامة المكلّفة للمؤتمر الشعبي نوال خضر، تصنيف القوى المشاركة في الاتّفاق الإطاري إلى قوى ثورة وانتقال، وأكّدت – حسب الانتباهة – أنّه لا يوجد ما يسمى قوى ثورة وقوى انتقال في الاتّفاق الإطاري، وأنّ الجميع سواسية)..!!
:: ما لم يكن للمؤتمر الشعبي اتفاق إطاري خاص به، لقد ورد مصطلح قوى الثورة في أكثر من خمسة مواقع بالاتفاق الإطاري الذي تلاه لقمان أحمد يوم التوقيع عليه، وكذلك ورد مصطلح قوى الانتقال المسماة – في نسخة لقمان – بالقوى الموقع على الإعلان السياسي.. وبالمناسبة، بعد ثلاثة أسابيع من التوقيع عليه، وبعد ملاحقات ومطاردات، وزّع إبراهيم الشيخ القيادي بالمؤتمر السودني والمجلس المركزي لقوى الحرية، وزّع نسخة من الاتفاق الإطاري في وسائل التواصل، وجزم بأنها (النسخة الأصلية)..!!
:: والمدهش أن نسخة إبراهيم الشيخ المسماة بالأصلية تختلف عن نسخة لقمان غير الأصلية.. وعندما ذكرت هذا الاختلاف لإبراهيم الشيخ، رد قائلاً بالنص المكتوب: (أنت امسك في دي بس، أنسى لقمان، مش كنتوا بتبحثوا عن هذه، ها هي بين أيديكم، وعليها توقيع البرهان وحميدتي كمان)، هكذا رد الشيخ.. ونسيت لقمان، كما طلب الشيخ، ولكن حديثه يؤكد لما أشرت له كثيراً، وهو أن نسخة لقمان لم تكن إلا لخداع الرأي العام، وأن هناك نسخة أصلية مخبوءة.. وبفضل الله، ثم الملاحقة والمطاردة، ثم إبراهيم الشيخ، ظهرت (نسخة مخبوءة)..!!
:: عقواً، كيف نعلم بأن نسخة إبراهيم الشيخ هي الأصلية؟، أي ربما هي أيضاً غير أصلية، مثل نسخة لقمان، وتم توزيعها لإيقاف البحث عن النسخة الأصلية.. لم نعد نثق فيهم، ليس منذ توزيعهم نسختين مختلفتين من (الاتفاق الإطاري)، بل منذ توزيعهم نسختينمختلفتين من (الوثيقة الدستورية)، قبل ثلاث سنوات.. نعم، لن ننسى، عندما كان نصر الدين عبد الباري، وزيراً للعدل بحكومة حمدوك، كشف عن وجود نسختين من الوثيقة الدستورية، وأن كل نُسخة تختلف عن الأُخرى..!!
:: وما أشبه الليلة بالبارحة، فالشعب اليوم أمام نسختين من الاتفاق الإطاري، نسخة لقمان أحمد ونسخة إبراهيم الشيخ.. وبما أن المؤتمر الشعبي، الموقع على الإعلان السياسي، والمشارك في ترجمة الدستور الانتقالي، ينفي وجود تصنيف للقوى المشاركة في الاتفاق الإطاري إلى قوى الثورة وقوى الانتقال، فهذ النفي يعني أن هناك نسخة ثالثة من الاتفاق الإطاري بطرف المؤتمر الشعبي، لأن التصنيف موجود في نسختي (لقمان والشيخ)..!!
صحيفة اليوم التالي