صباح محمد الحسن

صباح محمد الحسن تكتب: سفراء الإنقلاب في سياحتهم !!

 

 

أكثر القرارات مسبة في عهد الإنقلاب هي تلك التي تعلقت بوزارة الخارجية ، وأعادت سفراء ودبلوماسيين وإداريين الى الخدمة بعد أن أبعدتهم قرارات لجنة تفكيك التمكين ، عندما أصدرت دائرة المراجعة في المحكمة العليا حكماً ألغت بموجبه القرار 29/2020، الخاص بإنهاء خدمة نحو 104 من السفراء والدبلوماسيين والإداريين بوزارة الخارجية .
وليدرك القارئ سوء هذه القرارات ادعوه ليقرأ معي ما كتبه السفير الدكتور خالد فرح سفير السودان لدى الفاتيكان المقيم في فرنسا الذي سافر ليقدم اوراق اعتماده لبابا الفاتيكان والذي كتب قائلا :

(قمت ترافقني زوجتي في الاسبوع المنصرم، بزيارة عمل الى ايطاليا إستغرقت اربعة ايام شملت المهمة زيارة الى العاصمة الايطالية روما، وتمثلت على نحو اخص في زيارة الى حاضرة الفاتيكان بغرض تقديم اوراق اعتمادي الى قداسة البابا فرانسيس ، سفيرا لدى الكرسي الرسولي مقيما بباريس، وهو ما تم لي بفضل الله في صباح يوم الخميس الموافق 15 ديسمبر الحالي 2022م.

اقمنا بفندق ( Residenza San Paolo ) أي نزل القديس بولس الذي يقع على بعد اقرب من مرمى حجر من الفاتيكان، وخصوصا من ساحة القديس بطرس التي تقع في قبالة مدخل الفندق تماماً، بحيث اننا كنا نشاهد من وعلى شرفة غرفتنا ارتال الزوار والسواح الذين يتقاطرون على ذلك المزار الديني والسياحي المرموق بلا توقف، وقد دخلنا الى تلك الساحة وزرناها انا وزوجتي مشياً على الاقدام من الفندق، وتصورنا فيها، وتأملنا مشاهد الصور والتماثيل والنقوش المتقنة، والكنيسة الكبرى بقبتها البديعة، والمسلة الفرعونية المجلوبة من مصر ، لم تكن تلك هي زيارتي الاولى الى روما، ولكن زوجتي لم تزرها من قبل فطلبت من السائق الذي وضعه الزملاء الافاضل بالسفارة تحت تصرفنا ان يحملنا الى اطلال مسرح الكوليزيوم الروماني الشهير لكي تراه ، ذلك المقصد الذي يعد واحدا من اشهر المعالم السياحية التاريخية داخل العاصمة الايطالية، والذي كان ساحة للتسلية والفرجة بالنسبة للاباطرة والقادة الرومان وساير فئات الشعب لمشاهدة مختلف انواع الصراع والجلاد والمبارزة بين الابطال، وكذلك مشاهد مصارع البؤساء من الاسرى والمساجين المحكوم عليهم بالاعدام ، وقد أطلقت عليهم الاسود المجوّعة عمداً لكي تفترسهم وتنهش لحومهم نهشاً وهم احياء، وسط صخب النظّارة وقهقهاتهم ، وقبيل عودتنا الى الفندق، عرجنا على مطعم اريتري صغير اسمه ” اسمرا “، فتغدينا بأنجيرا بطبيخ زغني طاعم بالدجاج ، وسلطة في امان الله، وأطفأنا لذعة شطة الزغني الحارقة، بمشروب اسبرايت مثلج ) وكذلك زرنا نافورة الاماني الشهيرة ايضا، والتي يقصدها السياح ويقذفون مختلف انواع العملات المعدنية في مياه حوضها المستدير .
لاتسع المساحة لنشر ما سطره سفير الإنقلاب في سياحته ، عبر سرده او بالأحرى روايته الرومانسية ، التي طافت بين التنزه والتصوير ومحلات الأكل ورائحة الشواء ، بالرغم من أنه قال انها كانت رحلة عمل ، هذا السرد الذي ذكرني برواية ( تسللتُ الي قلبي ) فالسفير خالد نسىّ مهمته ومضى ، وحين لامست خُطاه وقرينته البلد التى أُبتعث لها ممثلاً وسفيراً لبلاد تئن وتنزف من وجع جرائم الانقلاب ، لم يتذكر البؤس الذي خيم على الوطن ، وأزماته الإقتصادية والأمنية ، التي يعانيها المواطن ، بلد يقف على حافة الهاوية ، يدعو الناس فيه ليل نهار ، أن يعبر بسلام دون أن ينهار ، وطن دفع شبابه أغلى الاثمان ارواحهم للحرية والعدالة وسفيره يتنزه بروما .
فهذا السفير وجد نفسه هناك بسبب الإختيارات الخطأ ، إكتشف أن لا شيء غير ظله الذى يمشى أمامه بمشقة يلتحف ثوب الدبلوماسية المثقوب ، ويصافح الناس و(مدامه) فرَاح يمشط بمنتهى النشوة والفرح ، كلمات جوفاء ليست بذات صلة وقرينة بالعُرف الدبلوماسي ، الذى يفرض عليه تمثيل الدولة في إطار السياسة التى تضعها خارجيته ضلَّت خطواته الطريق وترك مهمته جثة هامدة على قارعة الوطنية ، وطفق يرتشف نخب المعانى العِربيدة ويعتصر حروف من نبيذ ، وكأنه في مهمه سياحية ، طلب منه بعدها ان يكتب خواطره لإحدي المجلات المتخصصة في ذلك

سفراء تصرف عليهم الدولة آلاف الدولارات مقابل السياحة والترفية ، فماذا قدموا للسودان منذ انقلاب البرهان وحتى تاريخ كتابة السفير لهذه الحروف (البنفسجية الحالمة) ، ماذا قدم هؤلاء ، وماذا قدم هذا السفير تحديدا منذ نقله الي باريس في مايو الماضي ؟
والسودان فعليا ليس له اي علاقات دبلوماسية مع معظم الدول بسبب الإنقلاب الذي جعله معزولا سياسيا ودبلوماسيا.

كتب الرجل ليحدثنا عن رحلته الي هناك وعن الاكل وكيف انه تنزه و اخذ الصور التذكارية مع حرمه في باحة الفاتيكان و مبنى الكوليسيوم ، فهذا نموذج واحد من سفراء الإنقلاب الذين لا هم لهم سوى جمع الدولار و السفر و التنزه ، هذا الانقلاب الأخرق كنت أظن ان ( فضائحه ) محلية ، ماكنت ادري انها صُدرت على حقائب دبلوماسية .
طيف أخير:
اللهم إني اسألك لهذا الوطن العافية والتعافي!!

 

 

 

صحيفة الجريدة

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى