الطاهر ساتي يكتب: ولا السؤال ممنوع..؟؟
:: لعلكم تذكرون، في العام 2019، طوال أسابيع التفاوض، كان وفد قوى الحرية والتغيير يفاوض العساكر، ثم يخرج من قاعة التفاوض ويخاطب الشعب بما تم الاتفاق عليه وما لم يتم.. وكان مدني عباس الناطق باسم الوفد المفاوض لقوى الحرية والتغيير، والفريق الركن شمس الدين كباشي ناطقاً باسم المجلس العسكري، وكانا يقفان بكامل أناقتهما على منصة الإعلام عقب كل جولة، ويخاطبان الشعب والعالم بالنصوص المتفق والمختلف عليها، بكل وضوح..!!
:: وكان هناك مسرح في ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش.. وبجانب (السواقة بالخلاء)، كان من يمثلون قوى الحرية والتغيير يتبارون على خشبة المسرح في سرد تفاصيل ما يحدث في (قاعة التفاوض)، ويسهبون في شرح نصوص الاتفاقية (نصاً نصاً)، وكان بعض النشطاء (يكتروا المحلبية)، بحيث قال أحدهم – على سبيل المثال – إن قطر عطبرة تسبب في التوصل للاتفاق حول نسب المجلس التشريعي، وكان البسطاء يصفقون له باعتبار أن المؤمن صديق حتى ولو كان ناشطاً..!!
:: والمهم في الأمر أن الوثيقة الدستورية قي كل مراحلها – وبكل ما فيها أخطاء سياسية وقانونبة – لم تكن (سرية).. وكان هذا الوضوح أقوى عوامل الإجماع الشعبي، وذلك بإحساس أن كل الشعب – الثائر منه وغير الثائر – شارك في إعدادها وتشكيل حكومتها عبر تفاوض مكشوف.. ولكن غابت كل تلك الشفافية، بكل تفاصيلها، في حدث الغد المسمى بالاتفاق الإطاري – اسم الدلع للتسوية – المزمع التوقيع عليها بين خمسة أحزاب وياسر عرمان ورئيس المجلس السيادي ونائبه..!!
:: فالاتفاق الإطاري (سري للغاية)، وهذا أقوى أسباب الرفض والتحفظ عليه، حتى ولو جاء المحتوى مبرأً من كل عيب.. ولو أن المكون العسكري شمولياً بالفطرة وعدواً للشفافية، كان على زعماء أحزاب الأمة والمؤتمر السوداني والتجمع الديمقراطي والمؤتمر الشعبي وأنصار السنة، كان عليهم تمليك قواعدهم الحائرة حقائق الاتفاق الإطاري- بكل ديمقراطية – قبل التوقيع عليه، لكي تتبعهم قواعدهم وتهتف لهم عن معرفة أصيلة، وليس عن جهل أو السماع بالتسريبات، كأنها فضيحة..!!
:: فالأصل في أنشطة العساكر هو إخفاء الحقائق، بيد أن الشفافية استثناء، ولذلك يتم وصفهم بالديكتاتوريين، ولا يرونه عيباً أو منقصة.. ولكن من بتشدقون بالمدنية والديمقراطية يقتدون بالعساكر لحد عجزهم عن عقد مؤتمر صحفي أو تخصيص موقع إلكتروني للاتفاق الإطاري، بغرض الاطلاع فقط لا غير، طالما النقاش ممنوع.. ليبقى السؤال، ما لم يكن ممنوعاً في زمن (الغتغتة والدسديس)، ماذا تُخفي الأحزاب الخمسة وياسر عرمان في الاتفاق الإطاري، بحيث يكون بعيداً عن متناول الشعب..؟؟
:: وماذا يخفون في الدستور الانتقالي، بحيث تكون تعديلات الجيش والدعم السريع بعيدة عن أنظار الجميع، ما عدا فولكر وأربعة سفراء؟.. ولا إجابة غير أن غداً لناظره ومنتظره قريب، ما لم يتم التوقيع بالحبر السري في الغرف المظلمة أيضاً، ويُحظر نشره حتى في (الجريدة الرسمية)..!!
صحيفة اليوم التالي