جعفر عباس

جعفر عباس يكتب: الزواج والعسل والحماة

 

سأروي لكم اليوم حكاية ​كلوديو فلاد وهو مواطن من رومانيا عانى طويلاً من شظف العيش، وجاهد كي يوفر حياة كريمة لزوجته وعياله، وكانت حماته الحيزبون الدردبيس، التي ناهزت الخامسة والسبعين تملك مالاً كثيراً، ولكنها كانت تحجم عن تقديم العون المادي له ولأحفادها منه، ثم ماتت الحماة تاركة وصية يتم توزيع تركتها بموجبها، وجاء موعد قراءة الوصية، ولما جاء دور السيد فلاد انتصبت أذناه في انتظار حصته، وجاءه صوت المحامي: ولكلوديو فلاد زوج ابنتي اترك علبة مربى فواكه! نعم أوصت له بعلبة مربى، وأغلب الظن أن صلاحيتها كانت منتهية! وكتم فلاد غيظه وتم دفن الحماة، ثم قرر فلاد الانتقام منها فعرض قبرها للبيع بسعر التكلفة وباعه بنحو 550 دولاراً، على أنه قبر فارغ، ولسوء حظ فلاد مات والد المشتري بعد أسبوع من إبرام الصفقة، فحمل الجثمان وأنزله في قبو القبر ليجد تابوت الأرملة بداخله فاضطر إلى اللجوء إلى القضاء!! (هؤلاء قوم يضع بعضهم موتاهم داخل صناديق ويتركونها في سراديب تحت الأرض دون إهالة التراب عليها كما نفعل نحن مع موتانا- تولاهم الله وإيانا برحمته). عندما سردت هذه الحكاية على صديق سألته عن العبرة منها فقال: إذا كانت والدة خطيبتك غنية، يُفضل أن تنتظر حتى تموت ثم تبرم عقد الزواج حتى لا تحرم بنتها من الميراث بسببك، لأنها لو كانت أكثر غنى منك وحية تسعى، عند حدوث مراسيم الزواج فستحتقرك، من منطلق أنك طفيلي، قاد بنتها إلى حياة البهدلة.

كثيراً ما أقول لأم الجعافر إنه كان من الأصوب لي أن أختار زوجة غنية ويتيمة الأب والأم، (يعني وارثة من الطرفين) فتقول إن واحدة بتلك المواصفات ما كانت ستقبل بي زوجاً، وهذا صحيح ففي الفترة التي دخلنا فيها دنيا الزواج لم تكن هناك عنوسة أو عوانس، كان هنا كيال لكل فولة، وكانت البنات اللواتي يفوتهن قطار الزواج من النوع الذي يستأهل البوار، إما لسلاطة ألسنتهن أو لسوء طباعهن وسلوكهن بدرجة أو بأخرى، ولكن بوجه عام لم يكن الزواج مشكلة تواجه شاباً أو شابة، وإذا فات قطار الزواج فتاة بمحطة واحدة كان يتم «تكليف» أحد الأقارب الذكور بالاقتران بها، وفي السودان يقولون لك «غطي ماعونك، واستر قدحك»، أي أستر قريباتك فهن أولى بالغطاء العائلي، واليوم تجد موظفاً محترم المركز المالي، لكنه يشكو من عدم القدرة على الزواج، لأنه ليس فقط مطالبٌ بعقد قرانه على من وقع اختياره عليها، بل أيضاً بتوقيع عقد مع فندق محترم أو صالة باذخة، أو مطعم من النوع الذي يتسع للمئات ويعد أكلاً جميل الشكل عديم الطعم، ثم يبرم عقودا مماثلة مع محلات المفروشات ووكالات السفر، ومكان قضاء شهر العسل يحتاج الى لجنة من الخبيرات (هذا قرار نسائي بحت، ولا دخل للرجال به، ولو أصر العريس على السفر بالعروس إلى مدينة أي كلام، فإن أبله ظاظا ستشمت فيه، وتفضحه أمام الذي يسوى والذي لا يسوى وكل من هب ودب – بالمناسبة ما هو المعيار لمعرفة من يسوى أو لا يسوى أو الذي يهب وذاك الذي يدب؟)

أذكر أنني أقنعت أم الجعافر بقضاء ما يسمى بشهر العسل في فندق في الخرطوم بمنطق أننا أولى بتكاليف السفر إلى الخارج، وبعد نهاية العسل المزعوم عدت إلى بيت الزوجة على سيارة بيك أب أي شاحنة صغيرة حاملاً معي رتلا من الأدوات الكهربائية وأواني المطبخ، اشتريتها من المبلغ الذي كان مخصصاً للسفر إلى الخارج، ومازالت إلى يومنا هذا تطالبني بشهر عسل تعويضي فأقول لها إن صلاحية عسلنا انتهت زمااااااان!! وهكذا وكلما سمعت بأن عريسا وزوجته ذهبا الى المالديف، مثلا، تتحسر على شهر عسلها المُكلفت، واقترحت عليها ذات مرة أن أعوضها عن شهر العسل الماسخ ذاك بسفرة بمناسبة ما يسمى بـ»عيد زواجنا» الكذا، وسبحان الله رفضت الاقتراح، ربما لأن الاحتفال بذلك العيد يذكرها بعمر زواجنا مضافا اليه عمرها قبل الزواج، وهو أمر يؤدي الى تكوين المياه الزرقاء في عيون النساء.

 

 

 

 

صحيفة الشرق

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى