الطاهر ساتي يكتب: التحالفات..!!
:: رحمة بالإمعة والقطيع، على زعماء الأحزاب تخفيف السرعة عند الاستدارة والعودة إلى الاتجاه المعاكس (يوتيرن).. وعلى سبيل المثال، حتى مساء الأربعاء، كان الموقف المعلن لحزب البعث الأصل هو رفض العملية السياسية المسماة بالتسوية.. وكثيراً ما عبّر القيادي بالبعث عادل خلف الله عن هذا الموقف، وقد بلغ به التطرف لحد وصف الوفد المفاوض بأنهم يمثلون (أنفسهم)، وليس المجلس المركز لقوى الحرية..!!
:: ولكن صباح الخميس، كشف حزب البعث الأصل عن موقف آخر من العملية السياسية الجارية والمسماة بالتسوية.. فالموقف الجديد لحزب البعث يؤيد التسوية بدون توضيحات، ولم يوضحوا – لأمعتهم وركاب المقاعد الخلفية – عن أسباب الاستدارة السريعة (اليوتيرن).. ويقول عادل خلف الله عما أسماه بالاتفاق الإطاري – اسم الدلع للتسوية – إنه استوعب كل تباينات أحزاب الحرية والتغيير، و.. و… الكثير من المدح..!!
:: على كل حال لقد أحسن حزب البعث عملاً بهذا (اليوتيرن)، أي بقبول التسوية.. وكما نطالب بشمولية التسوية، فمن الأفضل أيضاً أن تتحالف الأحزاب على الحد المعقول من البرامج، بدلاً عن التنافر.. وأن تنشط وتتنافس في الساحة ثلاثة أو أربعة تحالفات سياسية، خير من أن تعربد فيها أربعمائة حزب وحركة، ومن محاسن الثورة أنها شكلت هذه التحالفات، بما فيها تحالف المجلس المركزي الذي تستقوي به أحزابه..!!
:: والشاهد، ما عدا ثلاثة أحزاب تقريباً، فإن كل الأحزاب بلا تأثير (خارج تحالفاتها)، أي هي أحزاب تكتسب تأثيرها على الرأي العام من تحالفاتها.. وكما تعلمون، فإن هناك الكثير من الأحزاب عبارة عن (قردين وحابس)، أي بضعة أنفار بالكاد يملأون (مقاعد هايس)، ومع ذلك لها أصوات صاخبة وعنتريات في المواقف، لأنها تطلقها أصواتها – وتتخذ مواقفها – من خلف جدار التحالف مع (أحزاب كبيرة)..!!
:: المهم، ندعم التحالفات.. ولكن التحالفات يجب أن تكون على (برامج الحكومة)، وليس على الأوهام المسماة بقوى الثورة وأعداء الثورة.. فالحقيقة المُرة، يعد ضم المؤتمر الشعبي وأنصار السنة والاتحادي جناح الحسن، فإن قوى الثورة لم تعد تصلح لقباً لأحزاب المجلس المركزي، لأن علاقة تلك الأحزاب الثلاثة مع الثورة لا تختلف عن علاقة المؤتمر الوطني مع ذات الثورة، وكفى خداعاً للقطيع.. وفلتكن التحالفات على (البرامج)..!!
:: ومن الغرائب، فإنّ أشرس مُعارضة لبرامج حكومة حمدوك، لم تكن الفلول والأحزاب المُبعدة، بل كانت حَاضنتها السِّياسيَّة (قوى الحرية).. نعم، لم تتحالف قوى الحرية على (برامج حكومتها)، بل تحالفت ضدها، حتى أضعفت حكومة حمدوك وساهمت في إسقاطها، ثم عضت بنان الندم بعد سقوطها، ويجب عدم تكرار هذا العبث في المرحلة القادمة.. ولذلك، بجب التواثق على برنامج ينفع الناس والبلد، بدلاً عن التهريج السياسي..!!
:: وعلى سبيل مثال للبرامج، نسأل عن موقف حزب البعث من التطبيع مع إسرائيل، وعن موقفه من سياسة التحرير الاقتصادي.. هل استدار الحزب عن مواقفه القديمة، بحيث يؤيد التطبيع مع إسرائيل وتحرير الاقتصاد، أم سيُعيد إنتاج تلك المعارضة الهدامة، أي هدم حكومته؟.. وهكذا.. هناك الكثير من القضايا، ما لم يتم الاتفاق عليها، فإن تحالفات المرحلة القادمة أيضاً ستكون مثل تحالف المرحلة السابقة، أي تحالف المختلفين مع بعضهم والمتخلفين عن حكومتهم..!!
صحيفة اليوم التالي