حيدر المكاشفي يكتب: غاز وماء و…بعاعيت

 

 

في خطابه الذي القاه أمام افتتاحية ورشة الشرطة المجتمعية، قال وزير الداخلية المكلف الفريق أول شرطة عنان حامد محمد عمر من بين ما قال، ان الشرطة السودانية تعمل وفقاً للمعايير العالمية، وان الشرطة ملتزمة بكل ما ورد بمواثيق الأمم المتحدة، وان الشرطة تعمل بمهنية عالية وبكل استقلالية وتمتلك خبرات تراكمية، وأنها صادقة في كل المجالات، ونفى تصديهم لأي موكب مالم يتعرض للمواقع السيادية، وقال وهنا مربط القول إن الشرطة سلاحها الغاز والماء..

وقول الوزير هذا يذكرني بتفسير أحد أئمة المساجد العثمانيين للآية الكريمة (والسماء ذات الحُبُكْ) فقال مجهداً نفسه، والسماء يعني والسماء، وذات: يعني… يعني ذات، والحُبُك.. الحُبُك..وصمت لحظة يفكر، ثم قال: الحبك هذا لا نعرفه نحن ولا أنتم.. وما أشبه تفسير هذا الإمام العثماني بإجابة الفريق أول عنان وزير الداخلية المكلف عن سلاح الشرطة المقتصر فقط على الغاز والماء، ولما كان الماء الذي تضخه الشرطة من الخراطيم على الثوار لا يقتل بل ربما يصاب من يضخ عليه بالالتهاب على الاكثر وكذا الغاز المدمع، يبقى ان لا تفسير لقول الوزير عن قتلة شهداء التظاهرات السلمية ما بعد انقلاب 25 اكتوبر البالغ عددهم حتى اليوم 119 شهيد، لا تفسير لهذا القول غير ان هؤلاء القتلة لا نعرفهم نحن ولا أنتم، أو كما قال الامام العثماني، اللهم الا ان يكون هؤلاء الشهداء قد ماتوا غرقا بسلاح ماء الشرطة أو اختناقا بغازها، وهذا افتراض بعيد تكذبه تقارير التشريح التي تكشف اسباب الوفاة المتمثلة في الرصاص الحي والدهس وادوات اخرى ليس من بينها الماء والغاز..

لمصلحة النقاش الموضوعي والمنطقي دعونا نتفق مع سعادة الفريق الوزير، ونبصم معه بالعشرة على أن الشرطة لا تستخدم في مواجهة مواكب الثوار الا سلاحها المتمثل في الغاز والماء غير القاتلين، ولكن المنطق أيضا يقول طالما أن هناك قتلى لابد أن وراءهم قتلة، وهنا يشخص السؤال الذي لا يبرئ ذمة الشرطة بحكم مسؤوليتها عن حماية الأرواح وكشف القتلة،(من قتل الشهداء)، هل قتلتهم البعاعيت، إذ لم يبق سواهم والسحاحير والأشباح وربما الكائنات الفضائية، أو ربما هم من سلالة عمر المخزنجي البعاتي التي حكاها أحد الأصدقاء المؤمنين بحكاية البعاعيت، قال كان عمر موظفا بالبلدة في أواخر السبعينيات، تزوج حديثا وأنجب طفلا ثم مات قبل أن يسميه، قالت امرأة وهي تحكي أنها وجدته في الطريق في ثياب رثة، وقالت لجارتها بائعة الروب أنه طلب مني روبا فأعطيته، وسألت صاحبتها لكن لماذا عمر في هذا الشكل القبيح وهو رجل ضو قبيلة….هل جنّ، فالتفتت الى صاحبتها الأخرى وجردل الروب أمامها وحدثتها بلغة العيون والدهشة تسيطر عليها فاستجمعت قواها وردت إليها بحنية لكن يا خديجة عمر مات قبل أسبوع… انتي ما عارفة، فسقطت خديجة من هول الصدمة وفارقها عقلها ثم انتشر الحديث عن عمر البعاتي في تلك المدينة.. فهل يا ترى هناك بعاعيت من هذه الشاكلة يقيمون بين ظهراني سكان العاصمة يتبادلون حكاياتهم (تحت تحت)، ربما..هناك (كائنات) غير معروفة لا تعرفها الشرطة هي من قتل الشهداء طالما أن الشرطة لم تقتل..

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

 

Exit mobile version