تحقيقات وتقارير

بعد أن أصبحت ظاهرة .. “التائهون بالخرطوم” أرقام صادمة !

برز للسطح في الآونة الأخيرة وبصورة ملفتة للنظر ظاهرة وجود تائهين بالخرطوم من كافة الشرائح المجتمعية وبكافة الأعمار متخطية لكل الأعراف والموروثات الاجتماعية والمعتقدات الدينية خاصة كبار السن من الرجال والنساء وأصبحت ظاهرة مثيرة للشكوك في بعض الأحيان توحي بوجود أياد خفية لها دورها في حالات الأطفال ، مما أدى بالسلطات الحكومية إلى إدخالهم دُورها الإيوائية التي لوزارة التنمية الاجتماعية بكل من ( دار المايقوما ، دار المسنين ، دار المسنات ، المدينة الاجتماعية ، دار الحماية للشباب ) وإنشاء إدارة مختصة بالتائهين في يونيو من العام الحالي ومن مهامها البحث عن أسر وذوي هؤلاء التائهين ولم شملهم وبحسب مراقبين فإن هنالك بعض الأيادي الخفية التي تلعب دوراً مهماً في وجود تائهين وخصوصاً الأطفال منهم بسبب تصفية حسابات بين الأسر أو المجتمعات المتناحرة والمتنافرة فيما بينها وخاصة في مناطق الحروب والنزاعات .

تفاصيل كثيرة ومثيرة رصدناها خلال رحلة بحث وتقص عن حقيقة الظاهرة والسطورالتالية تحدثنا عن ذلك:

أرقام صادمة

ووفقاً لإحصائية رسمية صادرة من وحدة “التقصي الأسري ولم شمل التائهين” بالخرطوم تحصلت عليها ” الإنتباهة ” فإن هناك (79) تائها متواجدين بدور الإيواء خلال شهر أكتوبر الجاري وكشفت الإحصاءات إلى أن (50) منهم من الأطفال (19) من الشباب و(5) من المسنين و(5) من المسنات وأشار التقرير إلى أن 80% منهم أطفال منوهاً إلى أن كثيرا من الحالات تعود إلى النزوح بسبب الحروب والضائقة الاقتصادية التي تمر بها الأسر والتهرب من المسئولية بالإضافة للأمراض النفسية والعصبية والتشرد وأبان التقرير أن حالات المسنين تعود لسوء المعاملة من الأهل والأقارب في حالات عدم وجود الأبناء أو الظلم الذي يتعرض له الأبناء في مراحل عمرهم المختلفة من قبل الآباء بالزواج المتكرر أو الإرث .
تجارب ومأساة

التقينا بعدد من هؤلاء وخرجت بالكثير والمثير حول حقيقة الظاهرة حيث قال الطفل (أ.أ) الذي يبلغ من العمر (13) عاماً ويقيم في منطقة جنوب الخرطوم وهو يجهش بالبكاء أخرجتني والدتي من المنزل بسبب إصابتي بمرض نقص الدم ( الأنيمياء ) وقالت لي ( أمشي أنا ما دايراك) في حالة تقشعر لها الأبدان وحينها سكت ولم يواصل حديثه.

أما الطفل ( م. ن ) يبلغ من العمر (11) عاماً فيقول تركتني والدتي بالمستشفى وذهبت لحال سبيلها ولم تعد حتى الآن ولا أعلم أين ذهبت وهكذا هو حال الطفلة ( ص ) التي وجدت بمستشفى بالخرطوم ولم يكن معها مرافق وهي من الحالات الخاصة ( من شريحة ذوي الإعاقة ) ومرضها الذي لايرجى الشفاء منه لذلك تركت من قبل أسرتها .

لكن المواطم (م . م ) الذي يعمل بالميناء البري فذكر لنا بأنه تعرف على أحد الأطفال التائهين بالموقف وبعد التقصي والحديث معه اتضح له أنه تم إحضاره من إحدى الولايات للخرطوم بواسطة أحد أقارب زوجة والده ، وفي هذا الإطار التقينا بالطفل ( م.م ) الذي روى لنا تفاصيل ما حدث معه حيث قال أحضرني والدي من دارفور لتعلم القرآن الكريم بالخرطوم في العام 2016م وكان عمري حينها (12) عاماً وجدت معاملة قاسية جداً من قبل شيخ الخلوة فتسللت ذات يوم ليلاً وهربت من الخلوة وبسبب عدم وجود معارف لي هنا تشردت بشوارع العاصمة لمدة شهرين وتم إحضاري لدار المايقوما بواسطة شرطة حماية الأسرة والطفل وبعدد مرور (4) سنوات تم لم شملي بأسرتي التي كانت لاتعلم عني شيئا منذ خروجي من الخلوة .
وبحسب مصدر مطلع بوحدة التقصي الأسري فإنهم استطاعوا لم شمل طفل يبلغ من العمر (6) سنوات بوالدته البالغة من العمر (23) سنة والتي اصيبت بمرض نفسي بسبب الزواج المبكر الذي كان دون رغبتها حيث خرجت بابنها للشارع لأكثر من عامين .

ارتباطات وتفكك أسري

ويرى الخبير النفسي حافظ الفيل أن أسباب وجود تائهين بالخرطوم يرجع للاضطرابات النفسية التي تمر بها الأسرة والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحالة العامة للبلاد بحسب اعتقاده وأشار في حديثه لـ” الإنتباهة ” إلى أن هذا هو سبب جوهري بجانب أسباب تعود إلى التربية والنشأة الأسرية وغياب الوازع الديني منذ الصغر .

فيما يتفق الخبير الأمني خالد العبيد مع الفيل في حديثه حول انتشار ظاهرة التائهين ولكنه أشار إلى أن الحروب والتفكك الأسري هما أسباب رئيسة في ذلك داعياً الدولة إلى ضرورة إيوائهم والسعي في دمجهم بأسرهم حتى لا يصبحون لقمة للحركات المسلحة المناوئة للدولة بحسب قوله وحذر في تصريحه لـ” الإنتباهة ” من الزج بهؤلاء في مناطق الحروب والنزاعات أو أنهم يصبحون مشردين ومتسولين وقطاع طرق ويشكلون بؤرة فساد تهدد أمن المواطن واستقراره .
لم شمل وتحديات
وفيما يتعلق بارتفاع عدد التائهين بالولاية كشفت مديرة وحدة التقصي الأسري صفية أحمد محي الدين لـ” الإنتباهة ” عن تزايد حالات التائهين بالولاية مشيرة إلى أن الأسباب تعود إلى غياب الرعاية الأسرية اللصيقة بالأطفال خاصة في حالات الطلاق وتفكك الأسرة وكبار السن وحالات التشرد إضافة لضعف مواد القانون خاصة في حالات التائهين الذين يرفض ذووهم استلامهم وعدم تطبيقه عليهم في بعض الحالات لأسباب غير معلومة لديهم لافتة إلى أن الإدارة ومنذ إنشائها في العام (2020م) قامت بلم شمل أكثر من (10) تائهين بولايات دارفور المختلفة وجنوب كردفان ، كاشفة عن جملة من التحديات التي تواجههم عند عمليات لم الشمل بالأسر وفي مقدمتها ضعف الإمكانيات وقلة الميزانيات والكادر البشري المساعد في عمليات البحث والتقصي مطالبة الجهات القانونية والعدلية بإسنادهم في تنفيذ مهامهم التي يقومون بها .
خطف
وفي ذات السياق كشف مصدر شرطي فضل حجب اسمه عن وجود أشخاص يقومون بخطف الأطفال لصالح جهات تعمل في تجارة البشر وأخرى تعمل في تجارة الأعضاء وأشار في حديثه لـ” الإنتباهة ” إلى وجود آخرين يقومون بخطف الأطفال ومساومة ذويهم بالمال وابتزازهم والتكسب منهم كمتسولين أو الزج بهم بمناطق الحروب والنزاعات كمقاتلين محذراً من انتشار الظاهرة داعياً المجتمع بالتكافل في محاربة ذلك

الخرطوم:محمد ضوالبيت

الانتباهة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى