محمد عبد الماجد

محمد عبدالماجد يكتب: حكومة حسن تسريحة!

 

(1)

 الأشياء الفارغة والأمور التافهة اصبحت تفرض وجودها بقوة في عالم اليوم، وهي اضحت جزءاً اساسياً في الحياة لا يمكن التغافل عنها.

 قبل ثورة الاتصالات والعالم الذي اصبح (موبايل) بعد ان كان (قرية) اصبح تجاوز (الصغائر) من قبل الاعلام الرسمي أمراً قد يزيد من انتشار مثل تلك الامور الصغيرة والتافهة – لذلك اصبح لا بد من التعليق عليها من قبل الاعلام التقليدي، ومحاربتها وانتقادها والحد من انتشارها بالتوعية والتيار المضاد لها. كما ان تجاوز الاعلام (الرسمي) والمحترف لمثل هذه الظواهر سوف يجعل الاعلام نفسه اعلاماً (متخلفاً). الوقوف عند تلك الظواهر الاجتماعية (المشعة) التى استطاعت ان تفرض وجودها على مواقع التواصل الاجتماعي التى اضحت جزءاً اساسياً في حركة الدورة الدموية لكل انسان اصبح امراً واجباً وفرضاً لا بد منه.

 في الماضي كان تجاوز هذه الامور وعدم التعليق عليها هو افضل رد لها واقوى وسيلة لمحاربتها – لكن اليوم اضحى عدم الرد على هذه السواقط يمنحها القوة وينقلها من العالم (الافتراضي) الى العالم (الواقعي).

 الامر الايجابي في ذلك ان كل تلك (الكائنات) و(الفرضيات) التى تظهر على ذلك النحو فجأة وتصنع لنفسها (نجومية) وتتصدر (الترند) بالمعيار الحالي لأهمية الحدث تتلاشى سريعاً وتنحسر، وكل من يطلق عليهم لقب (نجم) او (نجمة) او يحقق تلك الدرجة (افتراضياً) بدون احقية وجهد وإمكانيات يسقط سريعاً .. مدة صلاحية (النجم (الافتراضي) او النجمة (الافتراضية) تبقى مدة قصيرة مثل دودة ورق القطن، سريعة الانتشار والتكاثر تضع الأنثى 1000 بيضة في عدة مراحل وتتغذى على أكثر من 40 عائلة نباتية ولكنها تموت سريعاً – هنالك (نجوم) عندما يبلغون القمة يحترقون وينتهى اثرهم بانتهاء وصولهم لدرجة (النجومية).

 النجومية المصنوعة تبقى كالوردة المصنوعة قد تضارع الوردة الطبيعية في الشكل وقد تكون اكثر قدرة وقوة على مجابهة قسوة الظروف وطبيعة البيئة… لكن في النهاية تفتقد للروح والرائحة والحياة.

 في حياة الفنان الكبير محمد وردي ظهر مطربون شباب نافسوا وردي في الجماهيرية وفي الحفلات والانتشار والعداد وحمل بعضهم اسمه فقد كان في كل مدينة (وردي) الصغير .. لكن سرعان ما تلاشوا بعد ذلك ؟ انظر اين هم الآن؟ وأين محمد وردي من حيث المكانة والشعبية والأثر والتاريخ والإنتاج. لا مجال لمقارنتهم مع الفنان محمد وردي.

(2)

 في الايام الماضية اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بأتفه المواضيع حتى ان (فانلة) حسن تسريحة (الضائعة) تصدرت المشهد وأصبحت (تريند) في السودان الذي قدم احمد الخير وفرح عباس وعبدالسلام كشة ومحجوب التاج محجوب وست النفور.

 لمصلحة من يتم سرقة اهتمام الشعب بهذه الصغائر والفوارغ؟

 انهم يعملون من اجل صناعة (نجوم) ينتظرون حصاد (لايكاتهم) بدلاً من حصاد (السمسم والقمح)، ويعملون من اجل لفت الانتباه بهم – العالم الافتراضي يعمل من اجل يحل (التريند) مكان (الخبز) و(المشاركة) بدلاً من (الفكر) حيث يقاد الناس كتلاً كتلاً وجماعة جماعة الى اهدافهم الخاصة التى يغيبون عنها العقل والمنطق والوطن.

 مثل هؤلاء النجوم وان تحققت نجوميتهم بالصدفة او جاءت بحسن نية إلا انهم يخدمون اصحاب الاجندة الخبيثة ويستغلون في برامج فارغة وأهداف سخيفة.

 اغلب نجوم (الميديا) سذج وبسطاء ويفتقدون الذكاء والثقافة لذلك هم يخدمون اجندة غيرهم التى يساقون اليها بالرعاية او عن طريق السلطة التى استغلت تلك العقول الخاوية بعد ان حققت الانتشار والنجومية والجماهيرية.

 لقد اصبحت (المؤهلات) والخبرات والشهادات والمواهب الخاصة في الفترة الاخيرة تنحصر كلها هي عدد المتابعين لصفحتك على مواقع التواصل الاجتماعي… لهذا كانوا يجتهدون ويعملون كل شيء يجعل المتابعين والمهتمين لهم في تزايد.

 لا يتوانوا في البحث عن الانتشار حتى وان كان ذلك على حساب السمعة والشرف والذوق العام.
النجومية اصبحت تقاس بعدد (اللايكات) وكمية (المشاركات) وكثرة (التعليقات).

(3)

 فانلة حسن تسريحة الضائعة التى شغل بها العباد على مواقع التواصل الاجتماعي .. تشبه عندي الحكومة التى ينتظر تشكيلها في الايام القادمة – فقد ظللنا في انتظار تشكيل هذه الحكومة منذ ان خرج البرهان في مؤتمر صحفي في 25 اكتوبر قبل الماضي يعلن فيه تكملة مؤسسات الدولة وتعيين رئيس وزراء (مدني) لنظل في انتظار الحكومة التى فشلوا في تعيين (رئيس وزراء) لها بالكيفية التى ينتظر فيها البعض (فانلة) حسن تسريحة.

 البرهان انقلب من اجل ان يكمل مؤسسات الحكومة.. وفي الحقيقة الامر هو افراغها حتى من المؤسسات التى كانت موجودة فيها قبل الانقلاب.

 لقد ظللنا ننتقل من قائمة الى قائمة بعد الكم الهائل من الذين رشحوا لمنصب رئيس الوزراء وقدموا للبرهان لاختيار واحد منهم – وظلت البلاد في انتظار نضوج (التسوية) التى يبدو انها لن تكتمل ولن تقدم لكم اكثر من (فانلة) حسن تسريحة.

 الحكومة القادمة اذا جاءت على هذه الشاكلة فان لنا ان نطلق عليها (حكومة حسن تسريحة) .. اذ يبدو ان تسريحة ايضاً في انتظار (تسوية) تأتي له بفانلته المفقودة.

 لقد وصلنا الى هذا المستوى .. فلا تتعجبوا من ذلك.

(4)

 بغم

 اظن ان الطريقة الوحيدة التى يمكن ان تشكل بها الحكومة في ظل هذه الاوضاع المتضاربة والظروف المعقدة هو ان يتم تشكيل الحكومة عن طريق (القرعة).

 وما في زول يقول حاجة… حتى لو اصبح (التوم هجو) رئيساً للوزراء.

 وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

 

 

 

 

صحيفة الانتباهة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى