جعفر عباس

جعفر عباس يكتب: أسماء دلع تسبب الهلع

 

في إحدى الدول العربية أحتج رجل لأن السلطات رفضت له أن يسمي ابنه “هتلر”، ولم يكن الرجل موفقاً في اختيار الاسم، لأن هتلر شخص بشع ومجرم بكل المقاييس، كما أن السلطات لم تكن موفقة في رفضها لذلك الاسم، لأن الرفض كان لتفادي تلك الدولة تهمة معاداة السامية من حيث ان اسم هتلر يعد استفزازياً لليهود لكونهم أكبر ضحاياه، وحدث أمر مشابه في ألمانيا التي أنجبت هتلر، فقد رفض مسؤولو السجل المدني في بلدة ألمانية صغيرة، اسماً اختارته والدة أحد الأطفال، وقالوا لها سمِّه هتلر أو حتى جعفر، ولكننا لن نسجل المولود بالاسم الذي اخترتيه، وهو تشينيكواهو تيكوميش ميغيسكاو كلامو (لحظة من فضلكم كي التقط أنفاسي وأكمل اسم الولد الألماني)… أرنستو إنتو بريثيبي (كمان شوي ويخلص الاسم) بآثار تشاجارا ميجيم (هانت وكلها كلمتين ونخلص من هذا الاسم الذي يسبب نطقه الربو الشعبي)… هنريكو أليساندرو!! اسم مكون من 13 “اسم”، أما عدد حروفه فأمر أتركه لك لأن مجرد كتابة الاسم سبب لي تضخم البروستات، وروماتيزم مفاصل اليد، وبرر المسؤولون رفضهم لهذا الاسم لكونه يمثل إهدارا للموارد والطاقة لمن يحاولون مناداة هذا الطفل بعد دخوله المدرسة والحياة العلمية، وحاولت أم الولد أن تقنعهم بأنها ستكتفي بمناداته كيكو، حتى لا ترهق من ينادونه ولكن السلطات رفضت أي اسم للمولود يتركب من أكثر من ثلاثة مقاطع.

كان ذلك من قبيل ما يفعله بعضنا فيسمي ولده بـ “خير” الأسماء… محمد ثم يناديه ميمي أو حودة أو عبد الكريم ثم يناديه عبودي، أو كيمو (كثيرون ينادون أشخاصا في أسمائهم الكاف والميم ب”كيمو”، فيقشعر بدني، لأن كيمو تعني عادة العلاج الكيميائي للأورام الخبيثة)، وقد حرصت على تسمية عيالي بأسماء مستساغة وسهلة النطق وسهلة الكتابة (قليلة الأحرف)، وأسميت أصغرهم “لؤي”، فوجدت أن هناك من يسميه لولو، أو أبو اللول، ولأنني مدرك أن إطلاق اسم “دلع” على كل طفل صار عادة متأصلة في معظم البيوت، فقد حميت ولدي من سخافات الأهل والأصدقاء والأسماء “البنوتية” واخترت له اسم “زغلول”، وهكذا صار لؤي زغلولاً تفادياً لتسميات سخيفة، وحتى في المدرسة تناديه مدرسته الإنجليزية “زاقلول”، أما ابنتي مروة فقد غاظني أن الجميع كانوا ينادونها مرمر، بينما كانت شوكة حوت في حلقي، ثم أنه لا يوجد مرمر “أسمر”، فاخترت لها اسم دلع لائقاً وهو “محمود المليجي”، الذي اشتهر في السينما المصرية بأنه “بتاع مشاكل”، وقد كتبت أكثر من مرة عن تلك الشابة التي كان اسمها “إسهال يعقوب”، ولما أحست أن الاسم جعلها مادة للتندر، لجأت إلى المحكمة واختارت اسماً جديداً، ثم أبلغت جميع من يعرفونها أن اسمها الرسمي “إسهال عبد الصمد”!.

​وقلبي على زملاء وزميلات ومثيلات إسهال تلك الذين أثقل أهلهم عليهم بأسماء سخيفة بل ومهينة وجارحة، ففي ظل تفشي الجهل والخرافة يعتقد البعض أنهم يضللون عزرائيل بإطلاق أسماء بشعة على أولادهم وبناتهم، كي “لا يموتوا” كما مات إخوة لهم من قبل، فتجد من يسمي ولده كرجويل وشلنكح وبظطغيش، وبنته ينة وزكيبة وطقشمة، ويبررون ذلك – وهم مسلمون – بأن الشيطان لا يقرب من حاملي الأسماء القبيحة، ولا جدوى من القول لهم إن عزرائيل وليس شرشبيل هو المسؤول عن قبض الأرواح.

ولعل القراء تابعوا لهاث مئات الآلاف من الأسر في العراق لتغيير أسماء أولادهم الذين أطلقوا عليهم اسم “صدام” طمعاً في مغنم أو سعياً لإثبات أنهم جزء من الأسرة الراقية الحاكمة سابقاً. وبالمقابل جنى بعض الكويتيين على عيالهم بتسميتهم جورج بوش، إعرابا عن تقديرهم لدور الرجل (هيربرت بوش الكبير) في تحرير بلدهم من قبضة صدام عام 1991، وتخيل أن يكون هناك ابن آدم اسمه جورج بوش محمد عمر صلاح الدين! ومن منا لا يعرف مراسلة قناة الجزيرة المتألقة جيفارا البديري؟ ولا يصعب التخمين بأن والدها كان معجباً بالمناضل الأممي أرنستو تشي جيفارا (بالمناسبة فإن جيفارا تنطق بالقاف اليمنية، قيفارا) ومن فرط إعجابه به، منح اسماً رجالياً تنطقه هي، وجميع من يعرفونها خطاً!.

 

 

 

 

صحيفة الشرق

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى