تحقيقات وتقارير

خلافات الجبهة الثورية .. تحالف المقاتلين يتصدع!!

طموحات السلطة وكيكة الثروة تدفعان بأصدقاء الأمس إلى الطلاق البائن

محلل استراتيجي: الخروج من عباءة الجبهة الثورية أمر طبيعي

سكرتير الجبهة الثورية: ماحدث بالمؤتمر العام للجبهة الثورية بمثابة نفض الغبار عنها

قيادي بالجبهة: الجبهة الثورية كيان قديم متجدد

 

تصاعدت وتيرة الخلافات بين مكونات الجبهة الثورية، خاصة بعد اللقاء الاخير مع مستشار دولة جنوب السودان توت جلواك، حينما ابلغه عدد من قادة الثورية بدنو انفاصلهم وتكوينهم لجبهة اخرى تحمل نفس الاسم، مطالبين بضرورة النظر حول وضعهم الجديد فيما يتعلق بالمشاركة في السلطة، وكان رد مستشار دولة جنوب السودان للقادة بأنه لن يستطيع ان يقدم لهم شيئا مما يطلبون، مردفا ان صلاحياته المخولة له لا تعطيه الحق بذلك، وطالب قيادات الجبهة بالرجوع الى دولة جنوب السودان ومقابلة رئيس دولة جنوب السودان للمطالبة بحقوقهم. اذ ان انفصالهم عن الجبهة الثورية التي مهرت اتفاق جوبا يعني بالتأكيد انفصالهم عن الاتفاق ما يجعل مطالبتهم بما وضعه الاتفاق من قسمة للسلطة والثروة على محك التقسيم بين الرفض والقبول..

بعد مرور اسبوع على ذلك اللقاء عقدت الجبهة الثورية القيادة الجماعية مؤتمرها العام الذي اعلنت من خلاله تشكيلها لجسم جديد تحت قيادة محمد سيد أحمد “الجاكومي” الذي نصبته رئيسا لها ونصبت الجنرال خميس جلاب امينا عاما.

 

مزيد من التشظي

ربما لم يقف التشظي في الجبهة الثورية على الانقسام فقط فقد عمد افراد خرجوا منها بثقلهم القيادي إلى تكوين اجسام اخرى موازية مثل القيادي بالحركة الشعبية مبارك أردول الذي انسلخ عنها في وقت سابق وكون حزبا منفصلا باسم الحزب الديمقراطي للعدالة الانتقالية وسعى للمنافسة على حظوظ الجبهة الثورية المنخرطة في الحرية والتغيير كتلة التوافق الوطني اذ ان المؤتمر العام للجبهة الثورية الجديدة تزامن أيضا مع انسلاخ من الحرية والتغيير التوافق الوطني قاده مبارك اردول الذي اعلن في ذات اليوم عن مؤتمر صحفي عاجل، اعلن من خلاله تشكيل جبهة جديدة تضم بداخلها عددا من قادة الجبهة الثورية وسميت “بالحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية” تضم في جنباتها حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان قيادة مناوي والاتحادي الاصل بينما انشق عن الحركة الشعبية مؤخرا أيضا ياسر عرمان وكون حزبا باسم الحركة الشعبية وانخرط به ضمن منظومة الحرية والتغيير المجلس المركزي.

 

تطور سياسي

قال المحلل الاستراتيجي اللواء امين اسماعيل مجذوب ان اجتماع الجبهة الثورية بفصائلها المختلفة كان اثناء فترة العمليات والحرب ضد النظام البائد، وهذا ماجمع كل هذه الفصائل، ولكن بعد الفترة الانتقالية تفرعت هذه الفصائل من الجبهة الثورية واستمرت مجموعة مع “المجلس المركزي” للحرية والتغيير وخرجت الاخرى الى مجموعة “التوافق الوطني” .

 

مشيرا الى ان تلك الكتلة الديمقراطية هي جسم كان يجمع الفصائل المسلحة ابان العمليات في دارفور، والتطور السياسي يتطلب ذلك ان تخرج هذه الحركات من عباءة الجبهة الثورية وتتحول الى احزاب سياسية، اما ان تتوافق كل حركة مع الاخرى وتتحول الى حزب سياسي او تحول نفسها الى حزب سياسي بعد اكمال عمليات “الدمج والتسريح” بالقوات النظامية التي اقرها اتفاق سلام جوبا وكانت من اهم البنود بالاتفاق، مشيرا إلى انه لايعقل ان تستمر الفترة الانتقالية وهذه الحركات تستمر كحركات مسلحة وليست اجساما سياسية. مردفا بان الانقسامات وتكوين التكتلات السياسية هو تطور طبيعي نوعي تتحول فيه الحركات المسلحة من حركات مسلحة معارضة الى اجسام سياسية مسجلة حتى تستطيع من تلك الاجسام ان تخوض الانتخابات، فلن تستطيع خوضها كحركات مسلحة، فقانون الانتخابات لايسمح بذلك وهذا امر يجب ان يعيه الجميع ،لذلك الخروج من “عباءة الجبهة الثورية” هو امر طبيعي وكان سيحدث عاجلا أم اجلا .

 

جبهتان

خالفه الرأي الدكتور محمد اسماعيل زيرو سكرتير الجبهة الثورية، مؤكدا على ان الجبهة الثورية هي تنظيم سياسي ثابت راسخ وموجود مادام اتفاق سلام جوبا موجود وثابت وراسخ وقيد التنفيذ على ارض الواقع، فهذا يعني ان الجبهة الثورية موجودة وثابتة وراسخة ولن يزحزحها خروج بعض الكيانات المكونة لها ،فمثلا ان الحرية والتغيير “الكتلة الديمقراطية” هي احدى مكونات قوى اعلان الحرية والتغيير “التوافق الوطني” ،لذا نعتقد ان الجبهة الثورية لازالت موجودة ولازالت بمكوناتها .متابعا اننا وبالمؤتمر الذي عقدناه الاسبوع الماضي “بالمركز القيادي للجبهة الثورية” الذي انعقد بقاعة الصداقة اكد على قوة ووحدة الجبهة واعادة تشكيلها وتخلقها من جديد بعد ان اصابها بعض الغبار في الفترات السابقة، فالجبهة الثورية كانت تنزوي تحت مظلة التوافق، الا انها الآن قد خرجت الى شكلها القديم من التوافق وتم انتخاب السيد محمد سيد أحمد “الجاكومي” رئيسا لها والجنرال خميس جلاب أمينا عاما لها، وهنا نستطيع ان نقول ان هنالك “جبهتين ثوريتين” فمنذ ان عدنا من اتفاق جوبا للسلام قدمنا ـ كجبهتين ـ الاولى بقيادة الهادي ادريس ،والاخرى بقيادة السيد الجاكومي .

 

جبهة قومية

أشار محمد اسماعيل زيرو سكرتير الجبهة الثورية، ان تشكيل الجبهة الثورية واعادة انتخاب الجاكومي، يؤكد على ان الجبهة هي جبهة قومية لاتكترث بمن يحكمها من السودان او من اي مكون او لاية جهة او قبيلة، انما تراعي الجانب الديمقراطي والتعددي في تشكيلها الجديد، لذا فاننا نرى ان “الجاكومي” هو من ابناء الشمال وهذا ليس به ضير لنا، ونحن كرفاق ومناضلين نرى ان كل الشعب السوداني وكل الولايات والاقاليم في الفترة السابقة قد تم تهميشها.

ان اتفاق جوبا اتفاق شامل لكل السودانيين وضم المسارات المعروفة مسارات “الشمال والوسط والشرق اضافة الى مسار المنطقتين ومسار دارفور “حتى الولايات التي لم تدخل في المسارات تمت معالجة امرها وتضمينها بصيغ اخرى.

مستكملا ان الجبهة الثورية هي جبهة قومية شاملة تشمل تمثيل مكونات كل الشعب السوداني بداخلها، وكل المكونات الثورية التي قدمت من جوبا وموقعة على سلام جوبا، والآن هي مفتوحة لكل الشعب السوداني والكيانات الشعبية والاحزاب ،فقد قدمنا رؤى تكفي لادارة الدولة والفترة الانتقالية وسنسهم في التوافق الوطني المزمع من اجل تكوين حكومة وطنية مدنية تقود البلاد الى بر الامان حتى الوصول الى الدولة المدنية .

 

معالجات ملف السلام

ومن جهته قال رئيس الجبهة الوطنية للتحرير والعدالة الامين داؤود ان الجبهة الثورية هي تكتل قديم متجدد، وكل التنظيمات الاخرى ترى بان ملف السلام يحتاج الى عدد من المعالجات وحتمية وحدة الجبهة واستمرارها ككيان واحد،فهنالك من يخلط هذه الايام بين الجبهة الثورية وقوى اعلان الحرية والتغيير التوافق الوطني ،فهذان كيانان مختلفان ،”فالكتلة الديمقراطية لقوى الحرية والتغيير ” ليس لديها علاقة بالجبهة الثورية انما بعض من قيادات الثورية شرعت في تكوين هذا الكيان مع “الحزب الاتحادي الديمقراطي”.

فالجبهة الثورية هي تكتل سياسي يمكن ان يتجدد ،فالقائد جبريل ابراهيم وزير المالية والقائد مني اركو مناوي حاكم اقليم دارفور هما ينتميان الى الجبهة الثورية ، ولكن الحديث عن انقسامات الجبهة الثورية فهو يرجعنا الى الوقت ماقبل بدء عمليات التفاوض ،ومع نهاية فترة رئاسة القائد مني اركو مناوي للجبهة الثورية واختيار رئيس جديد لها.ومع ظروف مهمة ومعقدة كان ذلك بالتزامن مع بداية العملية السلمية بجوبا .

 

تجاوزات

لفت الأمين داؤود الى تجاوزات تمت في العمل التنظيمي للجبهة الثورية ربما ادى لما حدث بها من تصدع.. مشيرا الى ان اختيار بعض من قيادات الجبهة الثورية للدكتور الهادي رئيسا لها في السابق رغم انه كان الاحدث تنظيما آنذاك، ولم يكن له الحق دستوريا لقيادة الجبهة لان دستور الجبهة لايسمح لاي تنظيم لم يكمل العامين يرأس الجبهة الثورية .ولايكون لديه عضوية كاملة ايضا، كان ذلك بمثابة اول خلاف دستوري وقع داخل الجبهة الثورية. والخلاف الاكبر وقع حينما تم تعديل الدستور لتجد الجبهة الثورية ان الرفاق في الحركة الشعبية قطاع الشمال صاروا جزءا من الجبهة الثورية، وتلك الخطوة وجدت معارضة كبيرة من البعض في الجبهة ،بعد تلك التباينات السابقة تم تعديل النظام الاساسي واصبحت الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار جزءا من الجبهة الثورية .

 

مردفا ان هذه الخلافات والتناقضات جميعها وقعت خلال أسبوع ماقبل بداية جلسات التفاوض بجوبا،حيث اصبح الدكتور الهادي ادريس رئيسا لها بعد الخلافات التي وقعت بين القادة الرفاق .وايضا اصبحت الحركة الشعبية جزءا من الجبهة الثورية.

الخلاف الآخر هو تحديد منبر التفاوض هل المنبر يكون في جوبا ام خارج جوبا كان ذلك خلافا عميقا.. في ظل تلك الاحداث ابتدرت الجبهة الثورية العمليات التفاوضية وقد كان لذلك تأثيرات كبيرة على عمليات التفاوض .

             قضية: ايمان الحسين

الخرطوم: (صحيفة الحراك السياسي)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى