تحقيقات وتقارير

حوار التسوية.. مشاورات واسعة

قالت الآلية الثلاثية إنها تتطلع لعقد محادثات مباشرة بين العسكريين وقوى الحرية في منتصف نوفمبرالجاري، مما يشي بانتهاء الأطراف من وضع اللمسات الأخيرة للتسوية المرتقبة والجلوس في طاولة واحدة للنقاش حولها بعد اذابة كافة جبال الجليد بين العسكر والتغيير من خلال اللقاءات السرية بينهما طيلة الأسابيع الماضية..

 

على ماذا تنص التسوية؟

وتنص التسوية بين العسكريين والمدنيين على تشكيل حكومة كفاءات برئيس مدني، على أن تختار القوى المدنية رئيس الوزراء، والوزراء، وتشكيل مجلس للأمن والدفاع يتبع رئيس الوزراء، على أن يكون البرهان القائد العام للقوات المسلحة، و”حميدتي” قائدًا لقوات الدعم السريع..

وحذّرت الأمم المتحدة ودول الترويكا ، أنصار نظام الرئيس المخلوع عمر البشير والإسلاميين من عرقلة التسوية السياسية وفقًا لمشروع دستور نقابة المحامين السودانيين، واعتبرت الهجوم على دار نقابة المحامين، محاولة لتخريب العملية السياسية المزمعة، وكان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة رئيس البعثة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس)، فولكر بيرتيس، قد أدان الهجوم، واعتبره استهدافًا لنقابة المحامين، ومحاولة لتعطيل الجهود الجارية للتوصل إلى إجماع مقبول بين القوى السياسية والعسكريين نحو انتقال ديمقراطي حقيقي في السودان.

 

ماهي أطراف التسوية؟

طاولة الحوار المتوقع أن تضم إلى جانب الحرية والتغيير المجلس المركزي والعسكريين والحرية التغيير الكتلة الديمقراطية، ربما تكون فرص نجاحها في الوصول إلى اتفاق أكبر مما كانت عليه فكرة حوار الآلية الذي ابتدرته قبل أشهر وكتب له الفشل بسبب امتناع المجلس المركزي ومقاطعة قوى سياسية حيوية للحوار..

مصدر النجاح المتوقع بحسب مراقبين يعود إلى أن الجهود المضنية التي بذلتها اللجنة الرباعية في إنهاء الأزمة السياسية بالبلاد فضلًا عن عرض كل الأطراف لآرائها ومقترحاتها والنقاش حولها في اللقاءات التي عقدت مؤخرًا بين مجموعة المركزي والعسكريين للتعرف على نقاط الخلاف والآراء المتباينة في القضايا المختلفة وإبداء الملاحظات حول مسودة دستور المحامين، الأمر الذي يقود إلى الجلوس في طاولة الحوار المرتقبة بجاهزية وتحضير جيد لاتفاق التسوية السياسية المتوقع..

 

رفض ووساطة دولية.. ماذا قالت رويترز؟

بينما تبرز مخاوف عديدة من قوى سياسية تهدد بمناهضة أي اتفاق ثنائي أخرى بدأت الهجوم على مركزي التغيير بعد التسريبات القائلة بأن التسوية أقرت منح العسكر ضمانات لعدم المحاسبة، فضلًا عن الرفض القاطع من قبل بعض المكونات السياسية لوجود العسكر في أي موقع من مواقع السلطة، وتدعو لخروجهم بشكل نهائي من العملية السياسية في الانتقالية، ولكن كل هذه القضايا والنقاط المثارة سوف تكون بحسب البعض على الطاولة الحوارية المباشرة وقتها فقط يمكن أن تثبت الاتهامات ضد من وافق على الضمانات للعسكريين أو خلافه.

 

وأمس كشفت وكالة رويترز للانباء نقلا عن مصادر أن قادة الجيش في السودان قدموا ملاحظات على مسودة الدستور كأساس لمحادثات بوساطة دولية، في إشارة لتخفيف الجمود السياسي المستمر منذ عام، وتتضمن المسودة، التي أعدتها نقابة المحامين السودانيين، تسليم البلاد لإدارة مدنية مؤقتة تحت إشراف القوات المسلحة التي من المقرر أن تخرج من المشهد السياسي بعد توقيع الاتفاق، وقالت المصادر إن المحادثات، التي بدأت بصورة غير رسمية الشهر الماضي بمشاركة الجيش وائتلاف قوى الحرية والتغيير الذي تقاسم السلطة مع الجيش قبل سيطرته على السلطة فيما تعتبره المعارضة “انقلابًا” جرى في أكتوبر 2021، بدأت الآن في التوسع برعاية بعثة الأمم المتحدة إلى السودان، وتحظى المحادثات بتأييد المجموعة الرباعية المؤلفة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات..

 

وقالت الجبهة الثورية السودانية، التي تمثل معظم المجموعات المتمردة في البلاد، في بيان أول أمس الأربعاء إنها مشاركة في العملية، وطلب الجيش ردًا على مسودة الدستور أن يسمح له بتسمية قائده العام، وذلك وفقًا لشخص اطلع على الملاحظات، والتي تتضمن أيضًا وجهة نظر الجيش بشأن إعادة هيكلة أنشطته الاقتصادية والتخلي عن بعض منها، وقال مصدران من قوى الحرية والتغيير إنه جرى التوصل لتفاهم مع الائتلاف لعدم ملاحقة كبار ضباط الجيش قضائيًا، لكنهما أضافا أن المشاورات ستستمر على نطاق أوسع بشأن موضوعات الحصانة والعدالة الانتقالية، وقالت المصادر لرويترز إن الاتفاق الجديد سيتضمن أيضًا مشاركة حزب المؤتمر الشعبي والحزب الاتحادي الديمقراطي، اللذين يرفضهما المحتجون لمشاركتهما في نظام حكم البشير لكنهما نأيا بنفسيهما منذ ذلك الحين عن الموالين للبشير..

 

الشعبي والاتحادي.. العودة للمشهد

وقال كمال عمر الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي “في ضوء موقفنا ضد الانقلاب، نحن جزء أساسي من الترتيبات الرامية إلى إيجاد حل سياسي ونتواصل مع الأحزاب السياسية وبعثة الأمم المتحدة في السودان يونيتامس..

 

من جانبه قال أسامة حسونة المسؤول بالحزب الاتحادي الديمقراطي إن حزبه يؤيد مسودة الدستور والعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة.. فيما تلقى مسودة الدستور الجديد معارضة من الإسلاميين الذين تولوا السلطة في عهد الرئيس الأسبق عمر البشير، بالإضافة إلى حركة احتجاجية تنظم مظاهرات حاشدة منذ أكثر من عام، تدعو لمحاكمة قادة الجيش على قتل المتظاهرين وانتهاكات أخرى جرت منذ 2019، وترفض فكرة الحصانة.

 

العدالة.. كلمة سر بناء السودان

وتظل قضية العدالة الانتقالية، ومطالبة المكون العسكري بحصانات تضمن عدم محاكمته طبقا للتسريبات التي تتحدث عن التسوية ، واحدة من النقاط الجوهرية والعقبات الاساسية التي سوف تعصف بالتسوية والاتفاق المتوقع لادارة الفترة الانتقالية ، فعلى الأرض وفي الشارع الثوري فان اي مساومة على ارواح الشهداء وقتلى الاحتجاجات حيث أوغل العسكر في العنف ضد الثوار السلميين وارتكبوا المجازر ضد الشباب العزل ما يعتبر أمرًا مرفوضًا ولا يمكن تسويقه بأي حجج أو دعاوي سياسية، فمحاسبة الجناة لا مزايدة حوله ولا يدخل ضمن أي بنود لاتفاق تسوية سياسية، لذلك فإن قوى الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي ستجد نفسها في خضم عاصفة من الهجوم والثورة ضدها من قبل لجان المقاومة والثوار الذين ينتظرون الأن خروج هذه التسوية للعلن بشكلها النهائي اعلان الاتفاق التثبت من هذه النقطة المتعلقة بالضمانات للعسكريين ، حينها بحسب مصادر فإن المد الثوري سوف يجرف معه كل القوى السياسية والأحزاب الموقعة الوثيقة أو التسوية السياسية والتي لن تصمد كثيرًا أمام طوفان الثورة.

 

تحذيرات شديدة اللهجة..الإسلاميون يتأمرون

وفي خضم الرفض القاطع للتسوية ومضي الرباعية ومركزي التغيير والعسكريين في إبرامها جاءت تحذيرات أمريكية نقلتها إحدى الصحف عن مركز دراسات من احتمالية حدوث انقلاب عسكري في السودان سيما عقب مواكب الكرامة والوقفات الاحتجاجية التي نظمها الإسلاميون في الأيام الماضية فضلًا عن مواكب لجان المقاومة الرافضة للتسوية، وقال مركز استخباراتي أمريكي إنه لا يستبعد حدوث انقلاب آخر، في السودان، ونوه إلى أنه لا توجد ضمانات لجهة الانقسام الداخلي والمنافسة داخل المؤسسة الأمنية، ما يشكل تهديدًا لانتخابات حرة ونزيهة في عام 2024،وحذر المركز الاستخباراتي الأمريكي في تقرير من رفض لجان المقاومة تقديم تنازلات للعسكر مع احتمال استمرار الاضطرابات ووصولها إلى مستوى معين من العنف، ينذر بتقويض نقل السلطة إلى المدنيين وقال مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية الأمريكي – المعروف اختصارًا باسم “ستراتفور” في تقرير إن المكونين المدني والعسكري في السودان يقتربان من التوصل إلى تفاق على مشروع لدستور البلاد، لكن التقرير الذي أضاف مستدركًا أن لجان المقاومة المدنية السودانية ترفض تقديم تنازلات للجيش، ما قد يعني استمرار الإضرابات العنيفة والتقلبات السياسية حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق، وأشار التقرير إلى أن البرهان كان قد أعلن في يوليو الماضي، تحت ضغط دولي متزايد لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الأمنية، أن الجيش سيتنازل عن السلطة إذا توصلت الجماعات السياسية المدنية ولجان المقاومة إلى اتفاق بشأن حكومة تكنوقراط جديدة، لكن التقدم في هذا الاتجاه ظل متقطعًا، في حين لا يزال الجيش يحتفظ بالسيطرة على الحكومة، وبحسب مركز ستراتفور يبدو أن الأطراف المعنية تعمل على مسودة الدستور المقدمة من نقابة المحامين السودانيين، والتي من شأنها أن تشكل حكومة جديدة بمشاركة الحركات المسلحة وقوى الحرية والتغيير وأحزاب سياسية أخرى وجماعات احتجاجية منفصلة. وبموجب هذا الترتيب، سيخضع جهاز أمن الدولة لإصلاحات، وسيقوم مجلس مدني على الفور بتعيين رئيس وزراء مدني يقود البلاد إلى انتخابات عام 2024 ويرأس مجلس دفاع الأمن في نهاية المطاف.

       تقرير: مهند عبادي

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى