الطاهر ساتي

الطاهر ساتي يكتب: غزوة ذات الدار..!!

 

:: ومن لطائف المحاكم الأمريكية، المحامي يسأل طبيب التشريح: (هل تذكر متى قمت بفحص الجثمان؟)، فيرد الطبيب: (لقد بدأت التشريح عند الساعة الثامنة، واستغرقت ساعة)، فيسأله المحامي: (وهل كان السيد دنتون ميتاً آنذاك؟)، فيرد الطبيب بمنتهى البرود: (لا، كان جالساً أمامي على طاولة التشريح ويسألني: لماذا تشرحني؟)، فبهت الذي سأل.. فالمرافعة الساذجة لا تحقق نتائج إيجابية، حتى لو كانت القضية عادلة..!!
:: وما حدث يوم الثلاثاء – بدار المحامين – محض مرافعات ساذجة لبعض المحامين (المتحزبين).. فالشاهد، ألغت لجنة الاستئناف التابعة لمجلس السيادة الانتقالي، قرار لجنة إزالة التمكين بحل المكتب التنفيذي ومجلس نقابة المحامين السودانيين، وأبطلت كل الآثار التي ترتبت على ذلك، ومنها إعادة دار المحامين لنقابة المحامين السودانيين المنتخبة، ثم وجهت الجهات المختصة بتنفيذ قرارها..!!
:: وقبل القرار القانوني للجنة الاستئناف، صدر حكم قضائي من قاضي المحكمة العليا، يقضي بإلغاء قرار لجنة إزالة التمكين المحلولة، القاضي بحل النقابات والاتحادات المهنية واتحاد أصحاب العمل، وإلغاء كل ما ترتب عليه، وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور قرار لجنة إزالة التمكين.. هكذا الحكم القضائي الواضح، والملزم تنفيذه بقوة القانون وأجهزة الدولة..!!
:: وبالمناسبة، من الطبيعي أن تحكم المحاكم بإلغاء قرارات لجنة إزالة التمكين، لعدم اختصاصها.. وهذا ما كنت أحذر منه منذ تأسيس لجنة إزالة التمكين، وكذلك كل عُقلاء قوى الثورة، وخُبراء القانون، بمن فيهم د. نبيل أديب، لقد بحَّ صوتهم من المطالبة بالعودة إلى دولة المؤسسات، لتؤدي النيابات والمحاكم مهام (لجنة بوكو)، ولكن النشطاء لا يسمعون إلا أنفسهم و(فولكر)..!!
:: المهم.. يوم الثلاثاء، لم يتم تنفيذ قرار لجنة الاستئناف (كما يجب)، بل نفذوه بعشوائية.. إذ كان على فلول نقابة المحامين الانتظار لحين استلام لجنة نشطاء التسييرية قرار لجنة الاستئناف، أو كان عليهم إرسال وفد يمثلهم إلى دارهم، ومعه قرار الاستئناف والحكم القضائي، ثم طلب التسليم والتسلم، بكل هدوء.. ولو امتثلوا للقانون وسلموهم الدار (خير وبركة)، ولو رفضوا فإن القانون قادر على إخلائهم..!!
:: ولكن أفسدت نقابة الفلول قضيتها العادلة باقتحام دار المحامين، لأخذ الحق بالأيدي.. وهذا السلوك يعكس أن أصل الصراع ليس مهنياً، ولا بين أهل القانون، بل هو صراع سياسي بين الفلول والنشطاء، أي بين الجاثمين على صدر العمل النقابي بمزاعم تمثيل أهل المهنة، بيد أن أحد طرفي الصراع – في حقيقة الأمر – يمثل حزباً كان حاكماً بالتمكين قبل الثورة، والآخر يمثل أحزاباً كانت حاكمة – بالتمكين أيضاً – بعد الثورة..!!
:: على كل، لقد أحسنت الشرطة بالتدخل السريع وإخلاء دار المحامين من الفلول والنشطاء، لحين إشعار آخر.. ومعركة ذات الدار يجب أن تنبه الأغلبية المستقلة من المحامين إلى توحيد الصف وبذل الجهد في انتخاب (نقابة مهنية)، وخاصة أن الفئة المتحزبة التي تعكر صفو العمل المهني (قليلة جداً)، ويمكن عزلها لتتفرغ للعمل قطيعاً للأحزاب التي كانت حاكمة بالتمكين قبل وبعد الثورة..!!

 

 

 

صحيفة اليوم التالي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى