الطاهر ساتي

الطاهر ساتي يكتب: ونهر النيل أيضاً..!!

 

:: عن تجاهل الخطر لحين التفاقم، يُحكى أن قائد المتحرك اتصل بقيادة جيشه منزعجاً: (يا سعادتك العدو على بعد خمسين كيلو متر، تعليماتك شنو؟)، ولم تأمره القيادة بأي شيء، أي تجاهلوه.. ثم اتصل متوجساً: (يا سعادتك العدو على بعد عشرين كيلومتر، تعليماتك شنو؟)، فتجاهلوه أيضاً.. ثم اتصل: (يا سعادتك أنا سامع صوت دباباتهم، تعليماتك شنو؟)، فتجاهلوه أيضاً.. ثم كان الاتصال الأخير: (يا سعادتك، هاك كلم العدو)..!!
:: قبل الثورة، كتبت الصحف عن ظاهرة طبيعية لاحت مخاطرها بالشمالية، ولكن لم تحرك أجراس المخاطر السلطات المركزية ومراكز الدراسات نحو البحث عن الحلول (حتى الآن)، أي ربما لحين تتسع دائرة المخاطر وتقضي على الإنسان والأرض، هي ظاهرة الطفح المائي (النز).. وأذكر أن المخلوع كان قد وجه بدراسة هذه الظاهرة، ثم إيجاد الحلول والوقاية، ولكن كان مجرد (توجيه ساكت)، بدليل عدم التنفيذ..!!
:: بدأت ظاهرة الطفح المائي بمحلية البرقيق، وتسببت في انهيار آلاف المنازل، وأجبرت أهلها على الرحيل.. ومن البرقيق، انتقلت إلى دنقلا، حيث لا تزال الأسر في (الخيم)، بعد أن هدم المنازل.. ثم انتقلت الظاهرة إلى بعض قرى مروي، وتسبب في هلاك المزارع وتدمير المنازل.. وكثيراً ما ناشد أهل مروي ودنقلا وبرقيق الحكومة بالدراسة والحلول، ولم تتحرك السلطات، ربما لحين اتساع دائرة المخاطر..!!
:: واليوم، من المؤسف يكون الخبر ما يلي: قال مديرُ هيئة الأبحاث الجيولوجيّة، عثمان حسن عبدالقادر إن (النز المائي) بولاية نهر النيل تسبب في قلق الجميع عقب تمدده على بعض أحياء عطبرة، وكشف عن زيارة موقعين متأثِّرين – ميدان الشبيبة، ميدان الجيش- لمعرفة الأسباب، ثم وجه المكتب الإقليمي بنهر النيل بإعداد دراسة للمنطقة المتأثرة، ليتم بعدها تحديد المصدر وطريقة المعالَجة التي سوف تُسلم لحكومة نهر النيل..!!
:: وهذا يعني أن ظاهرة الطفح المائي انتقلت – بكل مخاطرها – إلى نهر النيل أيضاً.. ولكن لا جديد في أمر المعالجة، أي تم التوجيه بالدراسة، ثم تسليم طرق المعالجة لحكومة نهر النيل، وهذا ما حدث بالشمالية، ولكن بلا جدوى، ربما لأن المعالجة أكبر من إمكانيات الحكومات الولائية.. وناهيكم عن معالجة أسباب الظاهرة، فالحكومة بالشمالية عاجزة حتى معالجة آثار الظاهرة، بحيث لا تزال الأسر في العراء..!!
:: فالظواهر الطبيعة لا تُقاوم، ولكن يُمكن ترويضها بحيث لا تُسبِّب المخاطر.. وترويض الظواهر يعني دراستها ومعرفة أسبابها، ثم التقليل – أو تجنب – مخاطرها، أو هكذا يجب أن تتعامل الحكومة المركزية مع الطفح المائئ بالشمالية ونهر النيل، هذا ما لم تكن تنتظر تمدد مخاطر الطفح بحيث يكون نداء العاملين بالقصر الجمهوري- لرئيسهم – من تحت الأنقاض: (يا سعادتك، هاك كلم العدو)..!!

 

 

 

 

صحيفة اليوم التالي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



فاطمة احمد

محررة تختص في تغطية الأخبار الإقليمية، تسعى لنقل التطورات المحلية بشكل موضوعي ودقيق.
زر الذهاب إلى الأعلى