الطاهر ساتي يكتب: بلا تأثير..!!
:: مرافقاً كان قد أطلق النار على المدير الطبي بمستشفى بحري، وذلك عند إخطاره بوفاة مريضه، وكان ذلك في أغسطس العام 2015.. وكنا قد نجحنا في تحويل الحادث إلى قضية رأي عام، وطالبنا بقانون يحمي الأطباء، كما الحال في دول العالم التي تحمي كوادرها الطبية من الحمقى بالعقاب الرادع.. ومنذ تلك الحادثة، أرسلنا سيلاً من المطالب والمناشدات لحكومة تلك الحقبة، ولا حياة لمن نطالب ونناشد..!!
:: ولكن بعد الثورة، في يونيو 2020، صادق المجلس التشريعي لحكومة حمدوك على قانون حماية الأطباء والكوادر والمنشآت الصحية، وفيه عقوبة السجن (10 سنوات)، مع الغرامة، بحق من يعتدي جسدياً أو لفظياً على الكوادر الطبية، وكذلك بحق من يحطم أثاث وأجهزة المشافي أو ينشر معلومة خاطئة تساهم في الاعتداء.. ثم نص القانون على إنشاء نيابات متخصصة، لضمان سرعة التحري، وأن تكون المحاكمات فورية..!!
:: ويُعتبر هذا أول قانون لحماية الأطباء بالسودان.. ومع ذلك، يوم السبت، اعتدى نظامي على طبيبة امتياز بمستشفى ود مدني، وهي تؤدي في واجبها.. تخيلوا، المعتدي نظامي والمعتدى عليها طبيبة.. فالأخلاق – قبل القانون – تلزم الرجل بحماية المرأة، بغض النظر عن وظائفهما.. ولكن كما الكثير من الفضائل، ماتت المروءة أيضاً.. وقانون حماية الأطباء بلا تأثير، وبحاجة إلى تذكير السلطات به، لتُنشئ النيابات المختصة..!!
:: للأطباء علينا دَيْنٌ مُستحَقٌ، ومن الخطأ أن تكون العلاقة بين الطبيب والمُرافِق عدائية.. ومهما كانت الأسباب، ما لم يكن هو البادئ بالاعتداء، لا يُوجَد إنسانٌ يستحق (الاعتداء عليه).. أي حق الدفاع عن النفس – فقط لا غير – هو شرط الاعتداء على الآخر، طبيباً كان أو غيره.. وما عدا هذا الحق، فالمحاكم هي الفيصل بين الطبيب وأهل المريض أو المُتوفِّي، وكذلك المجلس الطبي الوارد في القانون أيضاً..!!
:: ولو كان هذا النظامي المعتدي يعلم راتب هذه الطبيبة المُعتدَى عليه، وعدد ساعات عملها لسدَّ النقص، لِما ذهب إليها بمريضه (إشفاقاً عليها)، ناهيك عن التفكير في الاعتداء عليها.. ولا نَغفِل سُوء الإدارة.. فالشاهد أن بُؤس الإدارة بالمشافي هو مدخل العنف.. غير تكدُّس العنابر بالمُرافقين، يأتي المُرافِق بمريضٍ في حالة طارئة، ولا يجد المرشد الذي يجب أن يأخذ بيد المريض ويذهب به إلى الطبيب المُناوِب..!!
:: وناهيك عن هذا المُرشد المُغيّب في كل مشافي البلد، بل أحياناً لا يجد المريض ومُرافقه حتى الطبيب المُناوب في مكتبه.. ومِن هذا الفشل الإداري، يبدأ غضب المريض أو المرافق ويتصاعد لحدّ التفكير في الاعتداء.. وكثيراً ما ناشدنا بأن إدارة المشافي يجب أن تذهب لأهل الإدارة، ولا حياة لمن نُناشد.. كما أنّ الإداري لا يُتقِن غير إدارة، فإنّ الطبيب لا يُتقِن غير علاج الأمراض..!!
:: على كل، لقد تم تشريع قانونٍ رادعٍ، ويجب تنفيذه، بحيث يكون التحري سريعاً والمحاكمة الفورية.. ولم يعد خافياً تدهور القطاع الصحي في كل أقاليم السودان، وغضب المرضى والمرافقين على تردي المشافي (مشروع)، ولكن يجب أن يغضبوا على المسؤولين عن التدهور والتردي، وليس على (الحيطة القصيرة)، طبيباً كان أو ممرضاً..!!
صحيفة اليوم التالي