حيدر المكاشفي يكتب: ما حجم لقمة حميدتي

 

 

في مخاطبة جماهيرية له باحدى مناطق النيل الابيض، قال الفريق محمد حمدان دقلو الشهير ب(حميدتي) قائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة الانقلابي، قال من بين ما قال هناك جهات لم يسمها تستأثر بالسلطة والمال وتمنع أي شخص يحاول التقرب منهما، ودعاهم إلى قبول الآخرين وإشراكهم في إدارة البلاد، وأضاف (البلد دي ماسكنها ناس معينين مسيطرين على السلطة والمال)، وتابع (نقول لهؤلاء والله لازم ترضوا بالآخرين واللقمة الكبيرة بتفرق الضرا)..وفي قول حميدتي هذا ما يثير الاستغراب ويدعو للعجب، كونه يصف جهات (ما) هو ليس منها بالمسيطرين على السلطة والمستأثرين بالمال،

ومبعث الاستغراب والعجب هو أنه من ناحية السلطة يحتل فيها موقع الرجل الثاني والرجل الأول في قيادة قوة مسلحة هي قوات الدعم السريع، ومن حيث المال فهو يملك منه الكثير والوفير بما يحوزه من استثمارات كبيرة تدر عليه مداخيل مهولة، فكيف وحاله هذا يحاول أن يخرج نفسه من زمرة المستأثرين بالسلطة والمال، بينما هو بكل الشواهد والمشاهد على رأس قائمة هذه الزمرة وليس خارجها بأي حال من الأحوال بل في لبها..ولهذا وعطفا على قوله (اللقمة الكبيرة بتفرق الضرا)، حق لنا أن نسأل وما حجم لقمة حميدتي، تقديرنا بما هو متوفر من معلومات مبذولة وحقائق مكشوفة أنها كبيرة، ولا تقل حجما عن لقم بقية عسكر ومدنيي الانقلاب جماعة أردول وعسكور وترتور (مين ترتوردا)..

صحيح أن اللقمة الكبيرة بتفرق الضرا، والضرا لمن لا يعرفونهو المكان الذي يجتمع فيه الناس بطعامهم، قد يكون ظل شجرة أو راكوبة، فيأكلون سويا وهي عادة سودانية ريفية ربما اضمحلت اليوم كثيرا، وتحضرني بمناسبة المقولة حكاية فرتقة ضرا بسبب أصحاب اللقم الكبيرة، وتقول الحكاية اعتاد بريمة ان يحمل قدحه دوما الى شجرة العرديب الظليلة بعد ان يعود الناس من العمل حيث يتناولون وجبة الغداء ثم العشاء، لاحظ بريمة عندما تجتمع القداح والصحون ان القوم يهجمون على قدحه ويقضون عليه فيذرونه قاعا صفصفا ثم يلتفتوا الى غيره من الصحون، تكررت هذه الحالة منذ ان تزوج بالخيزران، حكى ذلك لزوجته التي نصحته بان ينسحب من الضرا تدريجيا بأن يرسل ابنه بالقدح ويتعذر بأنه مشغول فلا يذهب،وكرر ذلك ثلاث مرات،حاول بريمة ان يعرف لماذا هذا التركيز على قدحه، قال له صديقه حمدان ويكة مرتك(زوجتك) طاعمة و مرتك شيخة،وبعد غياب بريمة عن الضرا اجتمع حوله شيوخ القرية وسألوه لماذا ترك الضرا وآثر ان يأكل لوحده بالبيت رد عليهم بقوله (الضرا ترا ولا غصب)،ثم غاب ايضا حمدان نفسه عن الضرا، وعندما سأله صديقه بريمة لماذا ترك الضرا، عدد له اناسا كثيرين في الضرا قال لقمتهم كبيرة في (تلاتة لقمايات يتركوا الصحن فاضي)..ويبقى من المهم الاشارة الى جملة اشارات تحمد لحميدتي وردت في خطابه المذكور، تشي بأنه تراجع عن قناعاته السابقة بعد ان تبين له الجرم الكبير الذي ارتكبه الانقلاب في حق البلاد، وينتظر ويرجى منه ان يصطف الى جانب الساعين لانهاء الانقلاب واستعادة المسار المدني الديمقراطي بكل صدق وجدية..

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

 

Exit mobile version