حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: ديوك ونظرائهم من البشر

 

 

للسودانيين تصنيف معروف للديوك يقسمها الى ثلاثة، ديك المسلمية، وديك البطانة وديك العدة، فأصبحت هذه الثلاثة أشبه بالديوك القومية لأنها صارت معروفة على نطاق واسع بمختلف أنحاء السودان بل وأصبحت مضربا للمثل تسمعه في نيالا وهبيلا وحلفا وشركيلا بذات الصيغة وذات المعنى، غير أن ما يعنينا هنا هما ديكان آخران لا يقلان عن بني جلدتهم الثلاثة (غشامة وحماقة وطربقة وسربعة) وإن كانا أقلها حظا في الشهرة والذيوع، حيث لم ينالا منها ما يرقى بهما إلى مستوى القومية، وسبحان الله فلكل ديك نظيره في البشر من حيث السلوك، وديكانا الجديدان هما من يمكن أن نطلق عليهما (الديك العوعاي) و(الديك المنبطح) اللذين سنأتي على سيرتهما وخصائصهما في هذه العجالة..

عن الديك المنبطح تقول احدى الحكايات المعبرة..يحكى أن ديكا كان يؤذن عند فجر كل يوم، وذات يوم قال له صاحبه أيها الديك لا تؤذن والا سأنتف ريشك ريشة ريشة، فخاف الديك وقال في نفسه الضرورات تبيح المحظورات ومن السياسة والكياسة أن أتنازل وأن انحني قليلا للعاصفة وأدعها تمر حفاظا على نفسي، فهناك ديوك أخرى تؤدي المهمة وتؤذن، ومرت الأيام والديك المقهور على ذلك الحال، وبعد أسبوع جاءه صاحبه وقال له أيها الديك عليك أن تكاكي كالدجاجات وان لم تكاكي ذبحتك، فقال الديك في نفسه مثل ما قال سابقا، الضرورات تبيح المحظورات ومن السياسة والكياسة أن أتنازل وأن انحني قليلا للعاصفة وأدعها تمر حفاظا على نفسي، وتمر الأيام والديك الذي كان يؤذن للصلاة أصبح وكأنه دجاجة، وبعد مرور شهر جاءه صاحبه وقال له أيها الديك الآن اما أن تبيض كالدجاج بعد أن أصبحت دجاجة أو سأذبحك غدا، عندها بكى الديك بكاءا مرا وقال نادما يا ليتني مت وأنا أؤذن..
وهكذا تكون نهاية سلسلة التنازلات عن المبادئ والقيم والاخلاق..
باهظة، مكلفة ومميتة..
وكما يقال القرارات التي تصنعها الكرامة صائبة وان أوجعت..

ومناسبة حديثنا عن الديك المنبطح، فرضتها الاحاديث المتداولة عن أن هناك تنازلات مقدمة من هنا وهناك في سياق ما يدور من حديث عن تسوية سياسية مرتقبة، دون أن يكشف بكل شفافية أي طرف من أطراف هذه التنازلات، عن ماهية وكنه وتفاصيل هذه التنازلات..
أما الديك العوعاي كثير الصياح المزعج وفي أوقات غير مناسبة ويصيب الناس بالتلوث السمعي، هذا غير مشاركته لديك العدة بما يفعله من تخريب وخرمجة وجوطة، وكان أوضح مثال له في البشر من أطلق عليه لقب (ديك الانقاذ)، والمعني هو الرائد وقتها يونس محمود الذي كان يبث من الاذاعة خلال سنوات الانقلاب الأولى صراخا وعويلا وعوعايا يسميه الحديث السياسي وبئس تلك السياسة، التي تسببت في أذى كبير أصاب البلاد بفعل خرمجته وجوطته، حتى أن وزير الخارجية حينها المرحوم الدكتور حسين سليمان أبو صالح، تضجر جدا من صياح ونباح صاحب الحديث السياسي، وقال عنه ما نبنيه من علاقات في شهور يهدمه يونس في دقائق..وما أشبه بارحة ديك الانقاذ بليلة ديوك اليوم من شاكلته ومن كاره..

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى