حيدر المكاشفي يكتب: من اسقط الانقاذ أم لماذا سقطت

 

 

المعلومة البدهية تقول ان أي نظام حين يترهل ويهترئ ويتآكل من داخله، مصيره الحتمي أن يهوى ويسقط مثلما تسقط أعجاز النخل الخاوية، أو مثل شجرة نخرها السوس من داخلها فهوت الى الارض، وهذا بالضبط ما حدث لنظام الانقاذ المخلوع، اذ ظل سوس الفساد في الأقوال والممارسات والأفعال والافاعيل والسياسات ينخر فيه حتى هوى صريعا، ولكن المتنفذ الانقاذي أمين حسن عمر بدلا من ان يحقق في تلك الأقوال والممارسات والأفعال والافاعيل والسياسات الفاسدة التي نخرت نظامهم المندحر، قال ان هناك لجنة قانونية تتحرى للكشف عن من هو المسؤول عن سقوط الإنقاذ، باعتبار ان كل مسؤول تتفاوت مسؤولياته حسب مركزه وحسب فعله ونتائج عمله المباشرة، يتفادى أمين الموضوعات والاسباب ويحقق في الشخصيات، بينما السؤال المنطقي والموضوعي اللازم طرحه في دهاليز الجماعة، هو لماذا سقطت الانقاذ وليس من أسقطها، ويبدو ان أمين قد غير رأيه، اذ اذكر انه في حوار سابق معه وحين سئل عمن تحمله مسؤولية سقوط الانقاذ، قال (لا داعي لتسمية أسماء، الاسم الواضح هو الرئيس البشير نفسه، والذي لم يسمح بترك الرئاسة أو حتى يشارك سلطته مع قاعدة واسعة، وأنا أحمله مسئولية أكبر، لأن الآخرين لو لم يعطهم صلاحيات وقدرة ما كان سيكون لهم قدرة، بمعنى أن الذين استعان بهم على أنهم حراس السلطة ويحرسون النظام لو أراد أن يغريهم ويستبدلهم بأجيال جديدة كان فعل ولكنه لم يفعل، والمثل يقول العيبة على كبير القوم)، غير انه اليوم وعبر لجنتهم القانونية يبحثون عن كباش فداء آخرين غير كبيرهم، وهذا تعليل مردود عليه ورده من داخله، فأن يجد الكبير كامل الحرية في ممارسة (العيبة) وفعل ما يحلو له، فتلك مشكلة من سمحوا له بذلك أكثر من كونها مسؤوليته هو، وهذا ما يضع الحاءات الثلاثة (الحكومة والحزب والحركة) داخل منظومة (العيبة)، ويتحملون مجتمعين وبالتضامن المسؤولية..

على كل حال ورغم ان الاسباب والممارسات التي اسقطت الانقاذ تجل عن الحصر في هذه المساحة، سنورد بعضها على سبيل التمثيل بلا ترتيب زماني، فنقول أن العنوان الأبرز هو التشدد الآيديولوجي وإقصاء الآخرين، وشن الحروب الداخلية، وارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية في دارفور، راح ضحيتها أكثر من 300 ألف مواطن واكثر من ثلاثة ملايين نازح ولاجئ، واتخاذ القرارات الخاطئة تجاه القضايا الدولية، ما أدخل السودان في عزلة دولية قاسية، وأدرجت في قائمة الإرهاب، لاستضافة أسامة بن لادن، والإرهابي الدولي كارلوس، بل فتحوا البلاد للجماعات المغضوب عليها والمطاريد، وزعامات المنظمات الجهادية المتطرفة وأتاحوا لها إمكانات البلاد، ومحاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك التي حملها الترابي لعلي عثمان، والعمل ضد الوحدة ما افضى الى انفصال الجنوب، والسيطرة على السلطة والاستمرار فيها بالعسف والقوة والجبروت، وفصل الآلاف من الموظفين وسن قانون الصالح العام سئ الذكر، وأدخلوا بموجبه عناصرهم إلى كل المناطق الحساسة في الدولة، دون مراعاة للكفاءة أو المؤهلات، وفي ذات الوقت شردوا مئات الآلاف من الخبراء والكفاءات، ما أفسد جهاز الدولة، بل أصبحت الدولة هي هم وهم الدولة، فضعفت الخدمة المدنية، وسهل الاعتداء على المال العام، الذي أصبح يوزع بين المحاسيب، والفساد المالي الذي فاحت روائحه النتنة، وكل هذا غيض من فيض يتحاشاه أمين ويبحث عن بعض أسماء المؤكد أنه من بينها..

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

 

Exit mobile version