حيدر المكاشفي يكتب: أكسح، أمسح، قشوا، ما تجيبو حي

 

في الأنباء أن لجنة تم تكوينها للبحث عن مفقودي وأسرى الجيش والحركات المسلحة، دشنت أعمالها رسمياً للبحث عن المفقودين خلال الأعوام 2003 ــ 2020، وكشف رئيس اللجنة سليمان العمدة هجانة، في مؤتمر صحفي عقده السبت، عن استلامهم قوائم الأسرى والمفقودين من الجهات ذات الصلة، لبدء فرزها وتصنيفها مقبل الأيام..ما جاء في هذا الخبر وتحديداً ما يختص بمفقودي الحركات المسلحة، يعيد للذاكرة تلك الخطابات الدموية الدراكولية التي كان بعض قيادات النظام البائد يجهرون بها على رؤوس الأشهاد، وهي خطابات موثقة صورة وصوت، ويأتي على رأس هؤلاء المخلوع البشير، فقد دأب المخلوع عند أي خطاب يلقيه أمام الجنود إبان حرب دارفور يوصيهم قائلاً (ما دايرين أسير أو جريح)، وما قاله المخلوع يمثل أوامر عليا من القائد الأعلى واجبة التنفيذ، بأن يقتلوا من يقع في أيديهم أسيرا وأن يطلقوا رصاصة الرحمة على من يجدوه جريحاً بدلاً من محاولة اسعافه،

ومن أشهر هذه الخطابات أيضا، خطاب مشهود للمتنفذ الانقاذي أحمد هارون، ففي مخاطبة له للمتحركات العسكرية التي كانت تحارب مقاتلي الحركة الشعبية شمال، قال هارون يخاطب جنوده (أمسح، أكسح، قشوا، ما تجيبو حي)، في تحريض واضح على الابادة وعدم الاحتفاظ بأي أسير حي، ويؤكد على ذلك مضيفا (ما تعملوا لينا عبء إداري)، في إشارة إلى الأعباء المالية المترتبة على الاحتفاظ بالأسرى مثل الاطعام والعلاج وخلافه، وعطفاً على تلك الأوامر العليا لا أظن أن جماعة الحركات سيجدون مفقوداً حيا، ويشار الى أن كلا من المخلوع البشير وأحمد هارون مطلوبان لدى المحكمة الجنائية الدولية، بالاضافة الى عبد الرحيم محمد حسين لاتهام ثلاثتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور وجرائم لا انسانية وابادة جماعية..

الشاهد ان تلك اللغة الدموية كانت تمثل احدى المؤشرات الدالة على العقلية الامنية القهرية الاستبدادية اللا اخلاقية واللا انسانية، التي وسمت أداء النظام البائد، اذ ليس من الاخلاق ولا من الدين دعك من اتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب، والتي تجرم قتل الأسير أو الجريح، فالإسلام الذي كانوا يتمشدقون باسمه زيفا، يوجب معاملة الأسرى معاملة إنسانية، تحفظ كرامتهم، وترعى حقوقهم ، وتصون إنسانيتهم ، ويعتبر القرآن الكريم الأسير من الفئات الضعيفة التي تستحق الشفقة والإحسان والرعاية، مثل المسكين واليتيم، فمثل تلك الأقوال الدموية اللا انسانية تكفي وحدها لتوقع قائلها تحت طائلة جريمة حرب، دعك من تنفيذ هذه الأقوال على الأرض وممارسة الابادة الجماعية والتطهير العرقي فعليا..أما مفقودي فض الاعتصام وما تلاه من حوادث اخفاء قسري، فتلك قضية يرجح جدا ان من فضوا الاعتصام وما اعقبه من عمليات اخفاء قسري، كانوا يقرؤون من كتاب الانقاذ الدموي، وطبقوا شعارها (أكسح، أمسح، قشوا، ما تجيبو حي) عملياً..

 

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

 

Exit mobile version