صباح محمد الحسن تكتب: المناقل ووقوف البرهان على الأطلال !!

 

لم تكن الكارثة التي حلت على إنسان المناقل بولاية الجزيرة، هي كارثة مفاجئة، ترعد السماء وتبرق لتهطل أمطاراً غزيرة ينهار بسببها آلاف المنازل، لم تكن كذلك، هي كارثة نتجت عن جملة أخطاء مقصودة ومتعمدة خلفتها جرائم ارتكبها النظام البائد الذي اوأد مشروع الجزيرة ومشروع المناقل، وعمل عملاً ممنهجاً لتتم عملية الدمار بنجاح، فنظام المخلوع خلق العديد من الأزمات طويلة الأجل لاتزول بزوال حكم المخلوع فمثلما بقي النظام ثلاثين عاماً أو أكثر يحتاج السودان لعشرات السنين حتى يعيد بناء وتعمير ما دمره نظام الانقاذ، الذي سيكتشف الشعب كل عام وعلى مر السنوات أنه يعيش كارثة جديده تعود أسبابها الى ما قام به نظام المخلوع.

وفوق ماتركه المخلوع بنى النظام الانقلابي إهمالاً فوق إهمال، لتتفاقم الكارثة ويبقى خطرها ليس على مشروع الجزيرة بل على أرواح وحياة مواطنيها، فماذا يعرف النظام الانقلابي عن قرى المناقل وكم مرة زار البرهان المناقل، منذ ان استولى على السلطة ؟!
حتى زيارته الآن تأتي بعد ( خراب المناقل) فأهل القرى خرجوا من منازلهم وتركوا متاعهم وأموالهم ومحاصيلهم الزراعية فيها، وظلوا بلا مأوى ولا غذاء، الماشية والممتلكات كلها تطفو على سطح المياه بعد ان لقى عدد من المواطنين مصرعهم.
ويزور الفريق عبد الفتاح البرهان بعد ما راح ضحية الكارثة ٨٠ شخصاً واصيب العشرات، وانهار 12551 منزلًا بشكل كلي و20257 منزلًا بشكل جزئي، و33 مرفقًا عامًّا، و39 من المتاجر والمخازن، و1470 فدانًا زراعيًّا، و321 مزرعة، و45 بستانًا، بجانب نفوق 117 من المواشي وقال المواطنون لم تعد المنازل في المنطقة آمنة، فما لم يُدمَّر أصبح آيلًا للسقوط، وثمة سكان قرية كاملة بلا مأوى يعيشون وسط بحيرة من المياه، لذلك هي زيارة رئيس ذهب للوقوف على الأطلال ليخبره حرسه الخاص أنه (كانت هنا قرية).

وهناك عدد من الأضرار الجوهرية التي تتمثل في تلف وضياع مخزون القمح فالمزارعون قاموا بتخزين القمح في منازلهم بعد أن رفض وزير مالية الانقلاب الدكتور جبريل ابراهيم شراء القمح بسعر يغطي تكلفة الانتاج.
لذلك فان الكارثة الحقيقية تتمثل في تدمير النظام المخلوع للبنى التحتية لمشروع الجزيرة ومشروع المناقل، ضمن الخطة العامة لتدمير الاقتصاد السوداني فمشروع الجزيرة، هو أساس الاقتصاد السوداني قصد نظام المخلوع ان يزيل هذا الاساس لينهار البنيان على رأس المواطن.
فقضية مشروع الجزيرة لم تتوقف على المشكلة الادارية ولكنها كانت اكبر من ذلك بكثير فأداة الهدم الكيزانية نتج عنها تدمير المصارف الاساسية والقنوات التي كانت تصرف المياه من الترع الرئيسية الى النيل للتخلص من المياه الزائدة لكن الاهمال المتعاقب تسبب في إغلاق هذه المصارف، ويتحدث بعض أهالي المناقل ان هذه المياه هي مياه طمي وليست مياه أمطار، كسرت الترع لعدم وجود مصارف واغرقت القرى، لهذا تبقى الأسباب الرئيسية هي اهمال الحكومة والجهات المسئولة والتي لم تهتم بفتح هذه المصارف مسبقاً.

وبالرغم من فشل الحكومة في انقاذ أهالي المناقل يلاقى أهل الجزيرة بطيبتهم وسماحتهم الفريق البرهان بالهتاف والترحيب (هاشين باشين) وكأنهم لم يعيشوا في ظل هذه الكارثة والظروف السيئة فمثل هذه المواقف تكشف معادن البشر، لكن ماهو الشعور الذي إنتاب البرهان بعد زيارته المناقل ورؤيته للكارثة بعينه وماخلفته من دمار لإنسان المناقل، لاشئ، فمنذ متى كان البرهان يحزن لموت المواطنين او يشعر بالذنب أويتألم بألمهم !!؟
طيف أخير:
الغائبون في الأوقات الصعبة، يجب أن يظلوا غائبين، إلى الأبد.

 

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

Exit mobile version