زاهر بخيت الفكي يكتب: حميدتي والزعامة المفقودة..!!

سألنا قبل أيام قلائل في هذه الزاوية عدة أسئلة عن الراهن المُضطرب، من بينها سؤال تركنا الاجابة عليه للقارئ الحصيف، ويقيننا الراسِخ بأنّ الاجابة حاضرة عنده، وعند كُل مُتابع لمجريات الأوضاع في بلادنا.
سألنا عن ماذا يفعل حميدتي في دارفور هل يبحث حقاً عن استعادة لهيبة الدولة المُضاعة حسب حديثه، وعن ما يدعم به البرهان، أم يبحث عن بناء قواعد جماهيرية له وسط أهله ليصعُد على ظهرها، ويتكئ عليها في مجده السياسي..؟
فترة طويلة قضاها حميدتي بين أهله في دارفور أحدث فيها حراكاً كبيرا، وفتح فيها بسرعة ملفاتٍ كثيرة، وجمع فيها غالب زعامات المنطقة، حدثهم فيها باللين تارة، وبالشدة تارات، حديث العالم ببواطِن الأمور المُمسِك في يده بكُل خيوط اللعب.
وفور عودته من دارفور، ذهب إلى ولاية نهر النيل، وخاطب في زيارته تلك أهالي المنظقة وقام بتحريضهم للبحث عن حقوقهم المُضاعة من عائدات الذهب، وقد أكد لهم بأنّ غالب الذهب المُستخرج في البلاد من مناطقهم، وحدثهم عن اهتمامه الشخصي، وعن سؤاله المُتكرر للمسؤولين عن أموال المسؤولية المُجتمعية الخاصة بأهل نهر النيل أين تذهب ومن المُتصرٍّف فيها، ونبههم إلى إن تلك الأموال إن استطاعوا الوصول إليها تكفي لبناء منطقتهم، وجاء حديثه عن أموال المسؤولية الاجتماعية بالذات بعد حديث البرهان عنها، وتصريح مدير شركة المعادن مُبارك أردول بأنّه سلّم أهل المنطقة فوق الترليون ونصف في الفترة السابقة.
واضح أنّ حميدتي تعمّد عند مخاطبته لأهل نهر النيل أن يعزف لهم على وتر الذهب الحسّاس، ليفتح به الطريق إلى قلوبهم وعقولهم للاصغاء له، ولدفعهم لاستلام وقراءة رسائله الداعمة لمستقبله السياسي، فضلاً عن أنّ دخوله للولاية عبر بوابة شيخ كدباس تُعد خطوة لها دلالتها، لما لشيوخ كدباس من مكانة في تلك المناطق، وفي زيارته لهم في هذا الوقت رسالة ضمنية إلى من تحلّقوا حول طاولة مُبادرة الشيخ الطيب الجد، يُخبرهم فيها عن صلته بشيوخ كدباس (الرافِض) لمبادرة الجد، وأنّه يستطيع أن يصنع معهم مُبادرة لا تقل في حجمها عن مُبادرتهم، والفتور وعدم التفاعُل بينه ومبادرة الجد واضح جدا.
عجباً..!! وقبل أن يأخُذ حديث حميدتي مع أهل بربر حظه من الانتشار، جاءتنا الأخبار ببشرياتٍ ساقها الناظر محمد الأمين تِرِك إلى أهلنا المُتضررين من فيضان القاش في كسلا، وفيها أنّ الناظِر قد أجرى اتصالات مع الفريق حميدتي وعده فيها باغاثة عاجلة لهم، والراجِح أنّها ستصلهم إن لم تكُن قد وصلت إليهم بالفعل.
لن نتفاجأ في الغد القريب، (إن) أعلن حميدتي خروجه من السُلطة الحالية، والتحركات تدُل على أنّ الرجُل قِنع من خيرٍ في هولاء، وبدأ يبحث باجتهادٍ عن قواعِد جماهيرية يُشرعِن بها وجوده في غد السياسة، المؤمل في شروق شمسه وليتها تشرِق.
وكان الله في عون البلاد وأهلها.
صحيفة الجريدة