في ظل الراهن المعاش، والتدهور المريع على كافة الجوانب، لم تشهد البلاد سوى التراجع والهدم المستمر، فصرنا اليوم وغداً أحوج ما نكون للبناء.. “حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي.. وطن بالفيهو نتساوى.. نحلم نقرا نتداوى.. مساكن كهربا وموية.. تحتنا الظلمه تتهاوى” على هدى شاعر الشعب محجوب شريف الذي كرس نضالاته من أجل البناء ومناهضة الديكتاتورية التي كرست لهدم البلاد وكسب الأنظمة الحاكمة دون العمران، التف شباب حي الرميلة ولجان مقاومتها ومجتمعها وضربوا حائط صد منيع لصيانة وتأهيل مركز صحي الرميلة، فبدأت أحلامهم بالتشييد ونمت وتطاولت ليصبح (مركز طبي الرميلة المرجعي) ضمن المراكز المرجعية في الولاية لخدمة مواطني الرميلة وما جاورها من أحياء ومناطق، فبدأ غرسهم جني الثمار منذ أمس الأحد، الموافق الرابع عشر من هذا الشهر الجاري، بافتتاح وتشغيل وحدة غسيل الكلى بعد أن عطل الانقلاب هذه الخطوة وكانت (الجريدة) حضورًا :
(1) يقف المركز صرحاً مكتمل البناء والتأهيل من حيث الغرف والعنابر والأقسام، ويمتاز ببيئة سليمة ونظافة غير المعهودة في غالبية المراكز الصحية النموذجية والمرجعية داخل ولاية الخرطوم، إلا من جانب قيد التشييد سيصبح قسماً خاصاً بالأطفال حديثي الولادة ينتظر اكتمال التأسيس وفق تطلعات شباب حي الرميلة ولجنة المقاومة فيها ومجتمعها.
(2) مجهودات كبيرة بذلت، وتعد من صميم عمل الدولة التي عطلت أعمال التنمية منذ سنوات خلت، فقام بدور الدولة ومؤسساتها مجتمع المنطقة، يقول الصنايعي الذي وقف على أعمال التأهيل (علي أحمد ياسين) لـ(الجريدة) بدأنا هذا المشروع في أكتوبر العام 2014م بصيانة المركز بعد أن شهدنا تدهوره، كان فيه حوالي ( غرف مع انعدام الخدمات، حتى الطبيب يتغيب لـ(25) يوماً، فالتقينا كشباب وناقشنا أمر المركز، وقررنا إقامة (نفرة) لوحدنا دون أن يشعر بنا أحد، وبعيداً عن العون الحكومي أو اللجان الشعبية وغيرها حتى لا تواجهنا العراقيل، وأضاف: وفقنا فزاد طموحنا أن نمضي إلى ما بعد الصيانة، المركز الصحي كان محدود الإمكانيات ويغطي (أ. ب . ج) فكرنا في توسعته أن يصبح نموذجي أو مرجعي، وجلسنا مع وزارة الصحة في عهد مأمون حميدة ودخلنا معهم في تحدي على أساس توفير (17) غرفة ليصبح المركز مرجعي، فحققنا ذلك، وتم ترفيع المركز وأُدخلت أقسام جديدة مثل (الأشعة والموجات الصوتية) وغيرها، ودخلت الأقسام الخدمة قبل اعتصام القيادة بأيام و كان مرفق آخر مركز من جملة (35) مركزاً تم افتتاحهم بعد التطوير، واجهنا ما واجهنا من عقبات وتعقيدات خلال أيام الإنقاذ الأخيرة، وجل المراكز التي تم تطويرها كان ذلك برعاية الدولة، عدا هذا المركز جاء بجهود أهل الرميلة، وكشف: عناصر النظام البائد كانوا يحرضون الناس بعدم التعاون معنا، ويحاولون التعقيدات في كافة الجوانب، ولكنا نلنا ثقة أهل الحي ووقفتهم ودعمهم حتى تكلت الجهود بالنجاح، وقتها في بعض تدخل المعتمد أحمد علي أبو شنب لحسم جزء من التعقيدات وقدم لنا بعض الدعم، وأوقف الكثير من التعقيدات التي ظلت تواجه عملنا، وقبله كان أيضاً للمعتمد (نمر) أفضال ووقفات لا ننكرها فلهم منا جزيل الشكر باسم مجتمع الرميلة، وبين: رفضنا التعاون مع اللجان الشعبية وعناصر المؤتمر الوطني، ووصل بنا الحال إلى طردهم حينما كنا نجري أعمال التأهيل، فألحقوا بنا تهم الإنتماء للشيوعية وغيرها من الأحزاب المعارضة لنظام البشير وقتها، وأحبطنا عقب الإنقلاب ولكن بفضل الله وصلنا لهذه المرحلة، والآن المركز يغطي عبئاً كبيراً على المستشفيات الكبيرة مثل غالبية المراكز المرجعية الأخرى.
(3) الدكتورة اقبال أحمد حميدة المدير الطبي لـ(مركز طبي الرميلة المرجعي) أفادت لـ(الجريدة) بأن المركز يُقدم الخدمة لسكان الرميلة والأحياء المجاورة لها إبتداء من الكشف السريري، لدينا أطباء أسرة و ليس أطباء عمومين فقط، بالإضافة لقسم (طبيب أسرة) لدينا أقسام: التطعيم، الأطفال، متابعة الحوامل، غرفة تمريض، العيون، الأسنان، ومعمل متكامل، الموجات الصوتية، الأشعة، وكذلك لدينا عنبرين يعملان حتى الساعة الثالثة (نصف يوم) ولم تتوفر لدينا أقمشة لمدة (24) ساعة، هناك مشاكل في بعض الأقسام تتمثل في نقص الإمداد في المواد خاصة بقسم الأسنان، وأيضاً نقص في الكوادر، نحتاج لأطباء وبعض التخصصات بينهم اختصاصي عظام، وسسترات، الآن فقط لدينا سسترين، ونحتاج لتفعيل عمل المركز في الفترة المسائية مجدداً وفق رغبة أهل المنطقة، ولكن لدينا إشكال في جانب الإحصاء لأن المركز يعمل تحت مظلة التأمين الصحي، والمستشفيات الكبيرة أصبحت غير مؤهلة، أما المراكز الصحية تغطيتها أكبر وأوسع وتوفر على المواطن والمريض الكثير، والتزمت الوزارة بتكملة هذه النواقص، وتضيف د. إقبال: جاءت فكرة وحدة غسيل الكلى قبل عام من قبل وزير الشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح مع منظمة (الوبيد) إحدى منظمات المتمع المدني الأجنبية، فقدمت الأوقاف بناء الفواصل والمنظمة دعمتنا بالأجهزة وعددها (6) ووعدت المنظمة بتوفير أربعة أخريات بعد التشغيل، بدأنا العمل ولكن وجدنا بعض العقبات، وتم ذلك بفضل أهل المنطقة ومجلس الأمناء ولجان المقاومة وقد كان العمل على أكتافهم، أمس الأحد كانت أولى جلسات الغسيل، وسنغطي (6) أيام في الأسيوع، خطتنا أن نغطي حوالي (90) جلسة في الشهر، لاحظنا الإقبال أكثر من المتوقع فقررنا تفعيل ورديتين في اليوم، ولاحظنا وصول مرضى من مناطق بعيدة مثل المنشية والأزهري والكلاكلة وبري، والرميلة، وبين الحالات سيدة لم تتمكن من الغسيل لحوالي 18 يوماً، وأخرى 8 أيام.
(4) ياسر كمال عيسى عضو لجنة مقاومة الرميلة في حديثه لـ(الجريدة) بين أن فكرة إنشاء وحدة لغسيل الكلى بدأت مع وزير الشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح بالتعاون مع إحدى المنظمات الأمريكية، وتعتبر وحدة غسيل الكلى ضمن أوقاف الوزارة الاتحادية التي نفذت من جانبها “بارتشن” للوحدة، وتبرعت المنظمة بالأجهزة، واكتمل بناء المركز الصحي ولوازمه بمجهودات الشباب ولجان المقاومة التي تبنت الأمر لكونه يخدم مرضى (الفشل الكلوي) بالمنطقة والأحياء المجاورة لها، مبيناً أن عدد المصابين بالفشل الكلوي بحي الرميلة فقط يبلغ عددهم حوالي (١٧) دون الأحياء المجاورة في ظل تعطل غالبية مراكز غسيل الكلى المقربة من المنطقة وصعوبة الوصول للمراكز الفعالة في المناطق البعيدة أقربها مركزي بن سينا، والجمارك، معتبراً ذلك “عمل ثوري حقيقي يخدم المواطن” بحد وصفه، فكان دور المقاومة في تكملة الإنشاءات والنواقص مع الشباب الخيرين في الحي، وتابع ياسر: بدأت الوحدة تحت إشراف المركز القومي لغسيل الكلى وتم تركيب المكن ثم حدث إنقلاب ٢٥ أكتوبر الذي عطل افتتاحه وتشغيله الذي تقرر له ٢٧ أكتوبر وقتها، هناك بعض النواقص الطبية تتعلق بوزارة الصحة الولائية التي وعدت بتكملتها، نتمنى أن تفي بها وتقوم بدورها حتى لا تتوقف الوحدة ويكون حالها مثل بقية المراكز، تعودنا دائماً على إهمال وزارة الصحة في بعض الجوانب المتمثلة في الكوادر والإمداد الطبي، ومع ذلك يحسب للوزارة أن وافقت على مبنى الوحدة شريطة أن لا يؤثر ذلك على دور وجانب الرعاية الأولية، هناك جوانب تلينا في الحي لن نقصر فيها مطلقاً، وكشف ياسر بأن الوحدة ستغطي أحياء ومناطق: القوز، الحلة الجديدة، اللاماب، العزوزاب، الشجرة، المنطقة الصناعية، يثرب، الكلاكلة القلعة، وغيرها من المناطق التي سيكون المركز لها دون إستثناء.
(5) أشار علي أحمد ياسين بأن الأشعة تعمل بصورة جيدة بينما تم سحب الكادر المختص فيها دون توفير بديل، مناشداً بدوره الوزارة لتكملة النقص هنا، وفي بعض الجوانب الأخرى مثل: قسم الأسنان وغيره، مشيداً بتعامل الكادر الطبي والإنفاق على بعض المتطلبات والاحتياجات من حر مالهم. الدكتورة (سلافة عبدالباقي) طبيبة الأسرة أشادت بمجهودات الشباب في الرميلة ووصفته بالأكثر من طاقاتهم، مؤكدة استمرار جهود الكادر الطبي في العناية بالمرضى من خلال ما هو متوفر من إمكانيات وإضافة ما يمكن إضافته من أجل العلاج والصحة، و بين أحد مواطني الحي لـ(الجريدة) بأن لجان المقاومة من خلال إطلاعها على الهيكل الوظيفي، استطاعت أن توفر مديراً إدارياً للمركز الصحي بعد الإعلان عن الحوجة في ذلك وفق أسس ولوائح وزارة الصحة، ويعتبر هو المسؤول عن شؤون المركز والمتابعة مع الوزارة في كافة اللوازم والمتطلبات، وتتمثل مجهود اللجان في التخطيط الكامل من أجل ديمومة واستمرارية الأمور في المركز.
محمد آدم بركة
صحيفة الجريدة

