آراء

محجوب مدني محجوب يكتب: مدارس النوابغ الثانوية الخاصة بالدندر

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من سن سنة حسنة فعمل بها كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا، ومن سن سنة سيئة فعمل بها كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيئا).
هذا الحديث الشريف يحمل معان عظيمة وقيم يحتاج إليها المجتمع غاية الحوجة، فهو يرشد بعدم السلبية، وبعدم التفرج على أزمات المجتمع.
أما من يبادر إلى فعل الخير ويكون سببا في نشره، فسوف يكون له أجر كل من يعمل بعمله إلى يوم القيامة، فهل يوجد خير أكثر من هذا؟!
وكذلك من عمل شرا فإن كل من يتبعه، فسوف يحمل وزر من عمل معه إلى يوم القيامة، فهل يوجد شر أكثر من هذا؟!
المدارس الخاصة وما أدراك ما المدارس الخاصة؟!
بالنسبة للتعليم لا شك أنه لا يوجد أفضل من التعليم الحكومي المجاني.
ولكن نسبة لرفع الحكومات يدها عن هذا القطاع الحيوي، وتركت الحبل على الغارب من جهة الطالب وأسرته، ومن جهة المستثمرين في هذا القطاع من جهة أخرى، ونتيجة لذلك انقسمت المدارس إلى قسمين:
قسم أدرك عظمة الخلل في قطاع التعليم الحكومي، ولأنه لا يستطيع القيام بدور الحكومات في هذا المجال بادر بالمساهمة في حل هذه الأزمة داخل منطقته ومحيطه من جهة التخفيف في حل الأزمة، ورعاية من يهتم ويجتهد في التعليم، ومن جهة إعفاء الأسر من عناء السفر للعاصمة أو المدن القريبة من أجل البحث عن تعليم جاد يحقق الوصول به إلى النجاح والتفوق، وبالتالي الالتحاق بالتعليم الجامعي.
وقسم انتهز فرصة تردي التعليم في القطاع الحكومي مستغلا تعطش الطلاب وأسرهم، فقام بالولوج في الاستثمار في هذا المجال من أجل الهدف المادي فقط أما بالنسبة للعملية التعليمية لدى هذا القسم فلا تمثل عنده سوى الدعاية الإعلانية فقط الفارغة من كل محتوى تعليمي معتمدا في كل استثماره في التعليم على الشكليات فقط؛ ليجد الطالب وأسرته مع هذا القسم أنهم أمام سوءتين:
سوءة عدم حصولهم على العلم، وسوءة خسارتهم المادية التي لم يوفروها إلا بشق الأنفس.
ونسبة للجشع الذي يضرب البلد من أولها إلى آخرها، فللأسف فإن أغلب المدارس الخاصة انتسبت للقسم الثاني.
من حسن حظ مدينة الدندر أنها حظيت بكوكبة من معلمي الثانوي يشهد لها بالتأهيل والإخلاص في مجال التعليم، وبالتالي تبنت هذه الكوكبة المتمثلة في مدارس النوابغ الثانوية الخاصة بالدندر القسم الأول من أهداف التعليم الخاص وذلك لعدة أسباب:
* الدافع الذي حرك هذه المجموعة التربوية المؤهلة لإنشاء مدرسة خاصة هو إدراكهم للإهمال الحكومي الذي طال المدارس، فأصبح هذا القطاع بسبب أنه يسحب من خزينة الدولة ولا يودع فيها الأموال فقد أهملته الحكومات تماما شأنها في ذلك مع القطاع الصحي والخدمي.
فهي سياسة عامة اتبعتها الحكومات التي توالت على السودان، وهي أن ترفع يدها عن كل قطاع لا يستدر لها الأموال، فوجدت هذه الكوكبة أنها امام التعليم الخاص كحل لا بد منه.
فهو على الأقل يعني محاربة تردي التعليم في المنطقة، ويعني عدم تشتت الطلاب وعدم سفرهم خارج مناطقهم بحثا عن التعليم، فهذا شعور طبيعي ينتاب كل صاحب مجال ألا يصيب مجاله الهوان والضعف، فضعف المجال من ضعفه وقوته من قوته.
* إدراك هذه الكوكبة بأن نجاح عملهم ومجهودهم هذا يكمن في تقديم تعليم أصيل لهؤلاء الطلاب، فهم لا يقتنعون إطلاقا وذلك بحكم تخصصهم بالشكليات وبالدعاية في عملهم.
* تنتمي كوكبة هذه المدرسة إلى صميم المجتمع، فمن يطلب التعليم المتميز هم أهلهم وعشيرتهم، فلن يعملوا على إثقالهم بقدر ما يعملون على مساعدتهم وتقدير ظروفهم ظهر ذلك من خلال رسوم الدراسة والخدمات والامتيازات التي طرحت من قبلهم.
الحديث عن مدارس النوابغ الثانوية الخاصة بالدندر أرجو ألا يفهم بأنه دعاية للمدرسة بقدر ما يفهم بأنه إضافة لإنقاذ الدندر من ذيل القائمة في التعليم.
فرحت جدا لنتيجة حفيدة عمنا منصور طه محمد عبيد إلا أنني فوجئت بأنها لم تمتحن من مدارس الدندر، وإنما امتحنت من مدارس خاصة تابعة لمحلية سنار.
المقصد من كل ذلك أننا نريد من مدارس النوابغ الخاصة أن تحرك التنافس بين المدارس في الدندر سواء كانت حكومية أو خاصة من أجل سببين:
الأول: ألا يفكر أي ولي أمر طالب بعد نجاح المدرسة واستقرارها بإذن الله بأن يرسل ابنه أو ابنته خارج مدينة الدندر من أجل التفوق العلمي.
نريد أن نثبت لأنفسنا قبل الآخرين أن الدندر قادرة بأن تعلم أبناءها.
والأمر الثاني ألا نسمع خلال عام دراسي كامل بأن دخل إلى الجامعات السودانية من الدندر عدد قليل بل نريد أن نسمع أعدادا وأعدادا من أولادنا وبناتنا تفوقوا ودخلوا الجامعات السودانية، وأن يقفوا جميعا بافتخار وعزة بأنهم خريجو مدارس الدندر الثانوية، ولم يتلقوا تعليمهم خارج متطقة الدندر.
مدرسة النوابغ الثانوية الخاصة بالدندر مثال لمشروع تبناه معلمون ينتمون تماما لمنطقتهم، فأي نجاح ستحققه هذه المدرسة سيحسب لمنطقة الدندر.
وأي منافسة تدخل فيها هذه للمدرسة مع مدارس الولاية أو مع مدارس السودان، فإنها تعني منافسة الدندر مع بقية المناطق.
لا ينبغي أن ننظر لنجاح هؤلاء الكوكبة في مدرستهم بقدر ما ننظر لنجاح الدندر في إقامة مشاريعهم، وفي المساهمة في حل أزماتهم.
متع الله الوالد بالصحة والعافية، فهو من غرس فينا هذا الولاء لمنطقتنا، فكلما شاهدنا نجاحا بزغ فيها ملأ السرور قلوبنا، وكلما شاهدنا نجاحا في غيرها من المحليات تمنينا أن يكون من نصيبها.

 

 

 

 

 

 

صحيفة الانتباهة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى