زهير السراج

زهير السراج يكتب: في بريد د. حامد برقو !

 

* (التائه) كتاب الشاعر اللباني جبران خليل جبران نُشر بعد وفاته بعام اي في سنة 1933. في ذلك الكتاب يرسم نقده للتقاليد الاجتماعية وسخريته من ازدواجية البشر وتناقضاتهم التي تفتك بالناس من حولهم .

* كأنما جبران كان يستقرأ لوحة السودان ونظام الإنقاذ والفترة الانتقالية – والشخوص من شاكلة عبدالفتاح البرهان وحميدتي وبرطم والناظر ترك ومالك عقار .

* لم تمر بخلد الجنرال التائه عبد الفتاح البرهان من حيلة بقاء في السلطة إلا وجربها.
الحيل التي تراوحت ما بين تحريض الزعماء القبليين لإغلاق الميناء والطرق القومية في الشرق، الي تأجيج النعرة القبيلة وإشعال الفتنة بين السكان المحليين بأقليم النيل الأزرق، مرورا بإفتعال أزمة الفشقة مع الجارة إثيوبيا .

* ولم يتبقَ له غير إعلان الإتحاد السوداني للجمهوريات القبلية وذلك بجعل كل محلية من محليات السودان جمهورية مستقلة للقبيلة التي تقطنها على غرار ما يفعله رئيس الإتحاد الروسي فلاديمير بوتن بالدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق.

* مَن يُخبر الجنرال بان الحل في العودة الي ما قبل إنقلاب 25 أكتوبر. وذلك بعودة مجلس السيادة بأطرافه الثلاث (العسكريون، المدنيون وممثلو حركات الكفاح المسلح. (مع عودة حكومة الثورة بقيادة الدكتور عبدالله حمدوك).

* تألمتُ لغياب السودان عن قمة جدة بين الدول المحورية بالمنطقة والولايات المتحدة.
لولا الانقلاب المشؤوم لكان ممثل شعب السودان الدكتور عبدالله حمدوك نجم القمة.
المضحك والمبكي معاً ان ينوب الرئيس المصري عن تلميذه السوداني في الحديث عن المليشيات في الدول العربية والرسالة في بريد مليشيا الدعم السريع بالدرجة الأولى، لكن قد يدِّعي البعض شمول الميليشيات الشيعية في العراق واليمن ولبنان.

* مع حفظ تحفظات الناس هنا أو هناك على إتفاق جوبا للسلام بمساراته المتعددة، ورغم تواضع أداء قوات حركات الكفاح المسلح في حماية النازحين الذين من أجلهم حملت تلك الحركات السلاح ضد نظام الإنقاذ، ورغم مشاركة تلك الحركات أو تواطئها في جريمة الانقلاب على الحكومة المدنية، إلا ان مجمل الإتفاق مكسب كبير للسودان والسودانيين.
الإتفاق أوقف الحرب بين الحكومة المركزية وحركات الكفاح المسلح، وهو الهدف الرئيسي والمكسب الجوهري. على الناس ان يتخيلوا حجم الدمار الذي سيحل بالوطن وانسانه في حال إستمرار الحرب بين الطرفين حتى تاريخ يومنا هذا – لن يكن هناك وطن بالأساس.

* على الذين لم يختبروا الحروب والمعارك من قبل ألا ينظروا الي مسألة إلغاء إتفاق السلام ببساطة إغلاق جهاز التكييف بالغرف والمكاتب التي فيها يتواجدون منذ العقدين – وهو عمر إفتراش تلك الحركات للصحاري والادغال والوديان .لذا من الأفضل أن نحافظ على ذلك الإتفاق المصيري ونعود بالأمور الي ما قبل 25 أكتوبر .

* أخيرا، في تصوري ان اكبر عائق لاي مشروع وطني نهضوي طموح هو ما يسمى بالادارة الاهلية – وانا لا اتحدث بلسان من تعرض الي الظلم من قبل تلك الادارات المتحجرة، بل بلسان احد ابناء الادارة الاهلية، واتفهم مرارات ابناء القبائل خارج منظمومة تلك البيوتات الحاضنة لنظم الاستبداد والطائفية – يجب تغييب تلك الادارات بشكل تدريجي لانها البؤر التي تغذي مفاهيم القبلية والجهوية!

* كان ذلك ما كتبه الدكتور (حامد برقو عبدالرحمن)، وهو مثقف سوداني من الطراز الرفيع ومناضل عنيد من اجل الحرية والكرامة الانسانية، ووطني غيور شديد الإلتصاق بالقضايا الوطنية وله في كل شأن رأى حصيف، كما انه قارئ وناقد من الدرجة الاولى لا يفوته شئ مما يكتب ويقال عن السودان سواء في الصحف والمواقع السودانية أو الأجنبية، ورغم اختلافي معه حول اتفاق جوبا الهزلي الذي تم تحويل مساره وتجييره لمصلحة القوى الموقعة عليه لتحقيق مطامع سياسية شخصية، الا انني اتفق معه في ما كتبه حول مغبة إلغاء الاتفاق ولكن لا بد من خضوعه للمراجعة والتعديل إذا اردنا بالفعل تحقيق السلام والعدالة لاهل دارفور وضحايا الحروب الاهلية، ولكنه بشكله الحالي واصرار أصحابه عليه ونظرتهم القا صرة له لتحقيق مطامعهم فقط، فإنه لن يقود إلا للمزيد من النفور والتشظي والاحتراب خاصة مع استغلاله بواسطة الطغمة الانقلابية العسكرية وعلى رأسها الفرعون ورفيقه هامان، لفرض سيطرتهم على البلاد بدعم ومؤازرة وخيانة الجبهة الثورية وقادتها الطامعين في المناصب والساعين لتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب اهل المصلحة الحقيقيين والنازحين والضحايا، الذين يتحدثون باسمهم ويزعمون زوراً وكذبا انهم يمثلونهم ويدافعون عن حقوقهم!

 

 

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى