أحمد يوسف التاي يكتب: أرحلوا ياخ الله يرضى عليكم

 

(1)
نظام الحكم القائم الآن يُعد من أسوأ الأنظمة الشمولية التي استولت على السلطة منذ استقلال البلاد في يناير 56، وذلك لكونه نظاماً هلامياً غير محدد الشكل مشتت الذهن ضائع الهُوِّية، فلا هو حكم عسكري صرف لنظام استولى على السلطة بالإنقلاب، ولاهو حكم مدني جاء بالتوافق،أو التفويض، ولاهو حكم رئاسي برأس دولة واحد، ولابرلماني يرأس حكومته رئيس وزراء منتخب أو متوافق عليه بالتعيين..
مذبذبٌ بين ذلك ، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء..
استحلفكم الله هل قلتُ حقاً، أو تروني أكذب؟..
(2)
حقاً لاهو عسكري (كرب قاشو) وحسم التفلتات الأمنية، والنزاعات القبلية التي اهلكتنا ودمرت اعز مانملك، ولا آخرس النبرات العنصرية،
وخطاب الكراهية الذي بات غصة في الحلق، ولاعمل على استتباب الأمن وفرض هيبة الدولة بالقانون حسماً وحزماً وعزماً شأن كل الأنظمة العسكرية التي لاتنجح إلا في بسط الأمن فقط، لكنه للأسف فعل العكس، فقد تصاعدت على أيامه التفلتات الأمنية، وارتفعت معدلات الجريمة والسطو والنهب في البيوت والطرقات والأسواق ليس في الأطراف فحسب، بل داخل العاصمة التي تمور بالجيوش الثمانية، وقوات الشرطة والأمن، حتى غدت عاصمتنا الآن أشبه بغابة تعوي فيها ثعالب السياسة وضباعها نهاراً، وتجوب اسواقها السباع والتماسيح بلا مواربة ولاخوف، وتحوم في حماها الكواسر والوحوش والجوارح ليلاً ،عاصمة تعاني من الفوضى والتفلت وغياب الأمن بينما يثقل كاهلها تعدد الجيوش والقوات النظامية وغير النظامية، حتى توصلنا يقيناً إلى حقيقة مجردة هي أننا فقدنا الأمن حين تعددت الجيوش، بينما في بلدان كثيراً ترى أمناً ولاترى جيوشاً ولاقوات نظامية..!!.
استحلفكم بالله هل قلتُ حقاً، أو تروني أكذب؟.
(3)
وحقاً لاهو نظام حكم مدني استكمل هياكل السلطة المدنية الانتقالية من برلمان، ومجالس تشريعية، ورئيس وزراء مدني، ومحكمة دستورية ومجلس قضاء عالي، نظام هلامي، يعني لا (جيش راسو عديل) ولا مدني اتسق مع طبيعة ومتطلبات الحكم المدني ووسائله وأهدافه..بالله عليكم هل قلتُ حقاً ام تراني اكذب؟؟.
(4)
هذه الهلامية والشكل الأميبي غير المحدد للسلطة القائمة جعلت نظام الحكم الحالي مسخاً مشوهاً على نحو اغرى الطامعين في الخارج، وأمراء الحرب وأرباب الفوضى في الداخل، ومُثيري النعرات القبلية بمواصلة نشاطهم الهدام،
وما الأحداث الدامية المؤلمة في النيل الأزرق، ودارفور، والشرق إلا نتاجاً طبيعيا لحالة السيولة الأمنية والاسترخاء وانصراف من كانت وظيفتهم الأساسية حفظ الأمن إلى السياسة والتطلع إلى الحكم والرئاسة..
لذلك ليس غريباً أن تحشر السفارات انفها في شئوننا الداخلية بسبب الفراغ العريض والفجوة المتسعة بين فرقاء السياسة الانتهازيين، وليس بمستغرب أن تقام المجازر المدبرة في أطراف البلاد بين القبائل والإثنيات المختلفة وصولاً إلى الهدف النهائي وهو تمزيق البلاد وتقسيمها إلى دويلات وممالك، وسلطنات عرقية كما كنا قبل مئات السنين….اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق انه يراك في كل حين.

 

 

 

 

 

 

 

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version