زهير السراج يكتب: قانون الرِدة !

 

* تناقلت الصحف والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي نبأ إلقاء شرطة مدينة زالنجي بولاية وسط دافور القبض على عدد من المواطنين وملاحقة آخرين بتهمة الردة عن الدين الاسلامي، جاء فيه:

* ألقت شرطة زالنجي بوسط دارفور القبض على أربعة شباب من بينهم اثنان أشقاء وضعتهم في سجن زالنجي، وتلاحق خمسة اخرين بتهمة الردة عن الدين الإسلامي.

* وقال قريب أحد المتهمين ان أفراد من مباحث شرطة مدينة زالنجي داهموا كنيسة بحي الاستاد قبل أسبوع وألقوا القبض على أربعة شباب وصادروا كتبهم المقدسة ومكبرات صوت تخص الكنيسة، مضيفا ان الشرطة قامت باقتياد المتهمين الى سجن زالنجي قبل أن تعرض عليهم مغادرة الولاية مقابل اطلاق سراحهم، الأمر الذي رفضه الشباب.

* وحسب راديو درافور (24) الذي أورد النبأ، ان الشباب الأربعة مسيحيون تابعون لديانة أمهاتهم وليسوا مرتدين عن الدين الاسلامي، وذكر أن الشرطة لا تزال تلاحق خمسة شباب آخرين بذات التهمة، وهو ما دفعهم الى اخفاء أنفسهم.

* وقال محامي المتهمين، ان البلاغ تم فتحه بالرقم 1356في شرطة زالنجي، والشاكي فيه الشرطة تحت المادة 126 من القانون الجنائي، وهو خطأ إجرائي حيث تم فتح البلاغ بمادة تم إلغاؤها في العام قبل الماضي (2020 ) ضمن مواد أخرى من مواد القانون الجنائي لعام 1991 ، ووفقا لذلك أصبحت المادة 126 تجرِّم التكفير وإهدار الدم وليس الردة عن الدين (إنتهى الخبر).

* كان ذلك ما جاء في الخبر الذي احدث الكثير من الضجة في الوسائط، ولقد أخفيتُ أسماء المتهمين وإسم الشخص مصدر المعلومات (قريب المتهم) لحماية الخصوصية وحساسية الموضوع، وعدم تعريضهم لايِّ خطر محتمل!

* من المعروف أن المادة التي تجرِّم الردة ــ كما قال محامي المتهمين ــ ألغيت من القانون في عام 2020 وبالتحديد في شهر يوليو، وحسب تصريحات لوزير العدل السابق دكتور (نصرالدين عبدالباري) أدلى بها وقتذاك بعد توقيع رئيس مجلس السيادة على مشروع تعديلات متنوعة في القانون الجنائي وقوانين أخرى، فإن “مادة الردة ألغيت لوجود خلاف حول عقوبتها بين علماء المسلمين، كما انها لا تتسق مع الوثيقة الدستورية التي تمنح حرية الاعتقاد والتدين، وحلت محلها مادة اخرى تمنع تكفير المواطنين” ــ حسبما قال.

* وأوضح الوزير أن “القانون الجديد ألغى عقوبة الجلد إلا في الأحكام الحدية، وحدد سن التكليف القانوني ب 18 سنة، بعد أن كانت المحاكم تعتمد على ظهور أو عدم ظهور علامات البلوغ، كما ألغيت مادة في قانون الجوازات والجنسية كانت تلزم المرأة بأخذ إذن طليقها لاصطحاب أبنائها منه في السفر”

* ونفى الوزير إلغاء مادة “تحرم ممارسة الدعارة”، وأوضح أنهم “أحكموا صياغتها فقط بتغيير بعض الكلمات والعبارات الفضفاضة التي توسع نطاق التجريم، مضيفا أن الهدف من التعديلات هو “ضمان الحريات العامة وسيادة حكم القانون وعدم التمييز بين المواطنين” !

* وكان مجلس الوزراء قد أجاز التعديلات بعد مناقشتها باستفاضة وأحالها لمجلس السيادة الذي أجازها بدوره، ثم أجازها الإجتماع المشترك بين المجلسين (الذي يحل محل المجلس التشريعي في غيابه)، ووقع عليها رئيس مجلس السيادة لتصبح قانونا ملزما!

* قصدت العودة الى ملابسات إلغاء مادة الردة من القانون الجنائي ومشروع التعديلات المتنوعة وتصريحات الوزير للتذكير بما حدث قبل التعليق على نبأ القبض على بعض المواطنين ومساومتهم بالخروج من مدينة زالنجي في مقابل اخلاء سبيلهم، وملاحقة آخرين بنفس التهمة !

* بدون الدخول في موضوع الردة، أو ديانة المتهمين لانها موضوع خاص بهم، لا بد من التساؤل .. “ألم تكن نيابة زالنجي تعلم بأن مادة الردة ألغيت من القانون الجنائي قبل عامين كاملين، وتم نشر التعديلات في الصحيفة الرسمية وصدرت المنشورات القانونية الخاصة بها، أم انها كانت تعلم وتصرفت حسب رأيها الشخصي ومزاجها بما يخالف القانون ؟!

* إن كانت لا تعلم فالمصيبة كبيرة، وان كانت تعلم وتصرفت حسب هواها فالمصيبة أكبر !

 

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة
صحيفة الجريدة

Exit mobile version