أحمد يوسف التاي يكتب: الأحزاب والخطاب.

 

(1)

لاتزال الساحة السودانية على صعيدها السياسي مرتبكة، بسبب المفاجأة التي أحدثها خطاب رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان والذي كان بمثابة حجر كبير اُلقي في بحيرة ظلت ساكنة راكدة، وبسبب الغموض الذي بات سمة أساسية لذات الخطاب…

وطبقاً لذلك تشعبت ردات الفعل السياسي إزاء الخطاب من جانب القوى السياسية المعنية بالخطاب، والمراقبين والمحللين السياسيين على حد السواء..

مواقف القوى السياسية جاءت مبنية على توقعات وتخمينات وتحليلات سياسية لا أكثر من ذلك، مثل كتاب الرأي تماماً، وكل على حسب مفاهيمه ودائرة التأثير المحيطة به، ومعلوماته الخاصة وتجاربه السياسية..

(2)

نظرت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) إلى الخطاب من واقع التجربة القصيرة التي حتمت عليها العمل سوياً مع البرهان والتي كانت مليئة بالتشاكس والمخاشنات، والتي افضت إلى فقدان الثقة بين الطرفين، لذلك كان طبيعياً أن تؤثر هذه الأشياء على نظرة وموقف مركزي قوى التغيير إزاء الخطاب..

وتأسيساً على هذه النظرة رفضت قوى الحرية والتغيير ما جاء في الخطاب بدواعي الشكوك وعدم جدية البرهان وفقدان الثقة في قراراته، وعدتْ الخطاب من قبيل المراوغة والتاكتيك..

(3)

بعض الحركات المسلحة، أيضاً رغم قرار البرهان باستبقائها بمواقعها وفقاً لما أقره اتفاق جوبا، إلا أن شكوكاً عظيمة انتابتها هي الأخرى لكن بدرجة أقل من قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، ولعل رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل إبراهيم قد عبر عن ذلك بوضوح في إشاراته ( خطاب البرهان يتسم بكثير من الغموض)، وفي نفس الوقت حذر حبريل من المساس باتفاق جوبا..

(4)

قوى التيار الاسلامي العريض بالطبع بدت غير سعيدة بسحب الجيش من الحوار والمفاوضات باعتباره خطوة لعودة القوات المسلحة الى الثكنات، وقد ابدى الكثير من أعضاء هذه القوى انزعاجهم من محتوى الخطاب، محذرين من خطوة سحب الجيش طالما ان هذه التيارات ظلت تدعو لتدخل الجيش وتفويت الفرصة على قوى الحراك الثوري، ولهذا قابلت الخطاب بشيء من الاستياء، هذا الاستياء الظاهر والمستتر شكل موقفها تجاه الخطاب..

(5)

قوى الميثاق الوطني باستثناء بعض الحركات المسلحة رحبت بالخطاب، ومضت معها في التأييد الخطاب قوى سياسية سبق لها أن شاركت النظام المخلوع، ويتوافق موقف حزب الأمة القومي مع مواقف هذه الطائفة من التنظيمات السياسية الى حد كبير.

(6)

عليه يمكن القول أن مواقف القوى السياسية بُنيت على أماني وطموحات وتحليلات سياسية مرحلية وهي في مجملها تستند إلى تخمينات وتوقعات، لكن لا أحد يدري على وجه الدقة ما الذي ستنطوي عليه نية البرهان في مقبل الأيام..هل ينوي سحب الجيش وإعادته للثكنات فعلاً، أو أن في الأمر مناورة وتاكتيك سياسي، ورهان على خلافات القوى السياسية التي يمكن أن تنتج أقوى التبريرات لاستيلاء الجيش على السلطة بصورة كاملة، وتنظيم انتخابات مبكرة تحت إشراف الجيش وحده …اللهم هذا قسمي فيما أملك.. نبضة أخيرة: ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

 

 

 

 

 

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version