حيدر المكاشفي يكتب: انتهى الكلام

 

انتهى الكلام جملة بسيطة من كلمتين اثنتين ولكنها تقول الكثير..فماذا يمكن أن يقال بعد مجزرة الخميس الثلاثين من يونيو غير انتهى الكلام..لقد أنهت تلك المجزرة البشعة أية فرصة للكلام، فحتى حوار الانقلابيين مع الانقلابيين الذي رعته الآلية الثلاثية انهاه الانقلابيون أنفسهم بالضربة القاضية، وبالضرورة لم تعد هناك أية جدوى من أي حوار من أي نوع مع الانقلابيين، بعد ان وضح تماما للكل ان عسكر الانقلاب لا أمان لهم ولا هدف لهم غير التشبث بالسلطة التي نالوها بالقوة والجبروت وعبر المكر والخبث ونقض المواثيق والعهود..فكلما أحسن البعض الظن بعسكر الانقلاب وجدوهم يفوقون سؤ الظن العريض.. لقد قطعت مجزرة الخميس قول كل خطيب، ولم تترك خيارا آخر للثوار والقوى المناهضة للانقلاب سوى التوجه بكلياتهم وحشد كل الجهود لمنازلة الانقلاب واسقاطه، ليس بالحوار والتفاوض الذي ثبت بالدليل القاطع أنه كلمة حق أريد بها باطل لتثبيت اركان الانقلاب واطالة عمره ومنحه شرعية باطلة وزائفة، وانما بالمدافعة على الارض وبكل الوسائل المدنية السلمية المجربة، بالتصعيد الميداني الدؤوب والمستمر عبر التظاهرات في الشوارع والاحياء، وبالاضراب والعصيان المدني..
لقد انتهى وقت الكلام، ولم يبق في الوقت متسع لمزيد من الحديث الشفاهي عن انهاء واسقاط الانقلاب، فانظار هذا الشباب الثائر الجسور الواعي تجاوز كل الماضي وطوى صفحاته، فانظارهم شاخصة نحو المستقبل وعيونهم موجهة نحو التغيير بتحقيق اهداف الثورة التي مهروها بدمائهم كاملة، ولم يعد بالنسبة لهم هناك مزيد من القول ولم يبق في قاموس الاعذار عذر جديد يمنع انطلاقتهم نحو تحقيق حلمهم في وطن جديد تشيع فيه قيم الحرية والسلام والعدالة، هذا الحلم الذي تأخر تنفيذه طويلا وكلفهم هذا التأخير أبهظ الاثمان وهل هناك ابهظ من ان يقدم المئات منهم ارواحهم لأجل بلوغه، واليوم لم يعد للجميع عذر، فالامر تم، والبيعة انعقدت للشعب وللثوار لرفع راية التغيير وانهاء الانقلاب، فانهاء الانقلاب هو واجب الساعة المقدم على كل الواجبات باعتباره المقدمة الضرورية واللازمة لكل الاصلاحات، وهو البوابة والمدخل لمواجهة حاسمة ونهائية تضع حدا لدورة البلاد الانقلابية الخبيثة، وان يكون انقلاب 25 اكتوبر آخر الانقلابات، لتنفتح بذلك الآفاق امام التغيير الشامل في حياتنا العامة وفي العمل الوطني العامِ..نعم لقد انتهى الكلام وحان وقت العملِ، ولا ادري كم من الشهداء وكم من الوقت يحتاج الواهمون ليسلموا بحقيقة ان الثورة ماضية وراجحة وان انقلابهم الى زوال.. و.. وحتما بمشيئة الله سيلتقي الثوار بالنور وينبلج فجر الخلاص كما قال شاعرنا الفذ محمد مفتاح الفيتوري رحمه الله..
أصبح الصبح
ولا السجن ولا السجان باقي
واذا الفجر جناحان يرفان عليك
واذا الحزن الذي كحل تلك المآقي
والذي شد وثاقا لوثاق
والذي بعثرنا في كل وادي
فرحة نابعة من كل قلب يا بلادي
أصبح الصبح
وها نحن مع النور التقينا
التقى جيل البطولات
بجيل التضحيات
التقى كل شهيد
قهر الظلم ومات
بشهيد لم يزل يبذر في الأرض
بذور الذكريات
أبدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا
بالذي اصبح شمسا في يدينا..

 

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

Exit mobile version