الصحة

كيف تشارك في خفض الانبعاثات الكربونية عبر تعديل أنظمتك الغذائية؟

إذا أردنا جعل تناول الأكل داخل المطاعم خيارا صديقا للمناخ، فمن الضروري إبراز كافة محتويات الأطباق -بما يشمل تأثيرها البيئي- داخل قوائم الطعام، وهو أسهل الخيارات المتاحة لملاك المطاعم.

تتعدد العوامل المؤثرة على حرارة كوكبنا، وتعمل الحكومات والمنظمات على خفض الانبعاثات الكربونية إلى النصف بحلول عام 2030، الأمر الذي أدى إلى ظهور السيارات الكهربائية، والتوقف التدريجي عن استخدام الوقود الأحفوري واستبداله بمصادر الطاقة المتجددة لتشغيل المصانع، والاهتمام بزراعة النباتات العلفية لتخزين الكربون في الأرض.

أما على المستوى الفردي، فما زال البحث جاريا عن كيفية خفض الانبعاثات الخاصة بكل شخص، الأمر الذي دفع عددا من الباحثين إلى دراسة طرق تغيير النمط الغذائي للأفراد بما يخدم مصلحة البيئة.

تعديل قوائم الطعام

نشر مجموعة من باحثي جامعة يوليوس-ماكسميليان-فرايبورج الألمانية دراسة في 11 مايو/أيار الجاري هدفها التعرف على تأثير تعديل الخيارات الأساسية للوجبات في قوائم الطعام بالمطاعم الألمانية، وقياس دور إضافة البطاقات التي تشير إلى البصمة الكربونية الخاصة بكل وجبة. ونُشرت نتائج هذه الدراسة في دورية “بلوس كلايمت” (PLOS Climate).

وأفاد البيان الصحفي المنشور على موقع “يوريك ألرت” (Eurek Alert) بأنه قد أُجريَت الدراسة عبر الإنترنت، وشارك فيها 265 متطوعا، بعضهم من مستخدمي فيسبوك وإنستغرام، والبعض الآخر من دوائر معارف مؤلفي الدراسة، واختار كل مشارك طبقا رئيسيا من إحدى قوائم الطعام التسع المتاحة.

وتضمنت تلك القوائم وجبات من مطابخ عالمية متعددة، كما تنوعت الخيارات لتشمل وجبات ذات انبعاثات كربونية مختلفة.

واستطاع المشاركون -مثلًا- الاختيار بين لحوم الأبقار ذات الانبعاث الكربوني المرتفع، والشاورمة ذات الانبعاث المتوسط، والفلافل ذات الانبعاث المنخفض.

وأشارت النتائج إلى إقبال المشاركين على اختيار الوجبات “صديقة البيئة”، وهي الوجبات التي امتازت بوجود بطاقات تُشير إلى كمية الكربون المنبعثة جراء تجهيزها، أو الوجبات منخفضة الانبعاثات الموضوعة كخيارات تلقائية في قوائم الطعام، مثل أطباق الخضروات أو البرغر النباتي.

وطبقا للبيان الصحفي، فقد عقب مؤلفو الدراسة على نتيجة أبحاثهم قائلين “إذا أردنا جعل تناول الأكل داخل المطاعم خيارا صديقا للمناخ، فمن الضروري إبراز كافة محتويات الأطباق -بما يشمل تأثيرها البيئي- داخل قوائم الطعام، وهو أسهل الخيارات المتاحة لملاك المطاعم”

التأثير على قرارات الأفراد

ينتمي التدخلان السابقان (استخدام البطاقات وتغيير الخيارات التلقائية) إلى أحد تطبيقات العلوم السلوكية المعروف باسم “الوكز” أو “الدفع”.

ويُعرف الباحثون “الوكز” بأنه إجراء الحد الأدنى من التغيير للتأثير على قرارات الأفراد بهدف توجيههم إلى ممارسة سلوك معين مفيد لهم ولمن حولهم، بشرط عدم تقييد حرية تصرفهم.

و”الوكز” يحث الأفراد على تعديل سلوكهم لما هو مفيد للصالح العام، ويعد أحد التدخلات المستنيرة سلوكيا؛ ويعني ذلك عدم استخدام التدخلات الصارمة أثناء محاولة التأثير على سلوك الأفراد، مثل: حظر استخدام شيء ما، وكذلك عدم الاعتماد على المكافآت أو العقوبات الاقتصادية لتعديل السلوك.

وفي الدراسة، قسَّم الباحثون البطاقات الكربونية إلى نوعين: البطاقات الإفصاحية، وهي بطاقات تمد الفرد بالمعلومات البيئية الخاصة بنوع الغذاء، مثل انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن تصنيعه وتناوله.

والنوع الثاني هو البطاقات التحذيرية، وهي بطاقات تقدم معلومات واضحة ذات قيمة عاطفية، مثل استخدام ألوان إشارات المرور لتوضيح مدى تأثير أنواع الغذاء على المناخ.
محاولة جديدة

طبقا لمؤلفي الدراسة، فقد أُجريت العديد من الأبحاث السابقة التي تعني بالعلاقة بين الاختيارات الغذائية والصحة العامة، وتأثير ما نأكله من طعام على البيئة، واعتمدت تلك الدراسات على استخدام كل من نوعي “الوكز” السابق ذكرهما على حدة، ولم يُجر أي بحث يستخدمهما معًا كما هي الحال في الدراسة الحالية.

وأشارت تلك الدراسات السابقة إلى نجاح تقنيات “الوكز” في التعديل البسيط لسلوك بعض الأفراد.

ويوضح المؤلفون وجود سببين لاتخاذهم قرار إجراء تلك الدراسة:

الأول هو ضرورة أن يخفض السكان -خاصة سكان الدول الصناعية- كمية انبعاثات الغازات الدفيئة الخاصة بهم لتخفيف حدة التغيرات المناخية.الثاني هو وجود إمكانية لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة عبر تعديل السلوك الغذائي للأفراد، وهو أمر مهم لأن تلك الانبعاثات الفردية الناتجة عن التغذية -في الدول الصناعية- تمثل نحو 15% من مجموع ما يصدر عن الفرد من تلك الغازات.

وبحسب الجزيرة نت، يختتم الباحثون توضيح أسباب إجرائهم الدراسة بدور المطاعم الرئيسي في تقديم الطعام لسكان الدول الصناعية؛ فزيارة المطاعم والمقاهي من الأنشطة اليومية التي يمارسها سكان تلك الدول

وتدعم ذلك الرأي نتائج إحدى الدراسات التي أُجريت في ألمانيا عام 2018، وأشارت إلى أن 20% من المشاركين في الدراسة تناولوا الطعام خارج منازلهم مرة واحدة على الأقل أسبوعيا.

الخرطوم(كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى