Site icon كوش نيوز

المخرج المسرحي ياسر (جنجا): أقعدني المرض عن العمل فلجأت لبيع أثاث منزلي للحاجة

# مهدد بالعمى لهذا السبب (….)
# عملت في مجال الخبائز والحلويات لمواجهة الظروف
# نحن أكثر فئة عانت من النظام البائد

إذا لم تكن موالياً للممثل علي مهدي إذا قدمت (تايتنك) فلن تفوز

 

ما إن تطأ قدماك أرض منزله سريعاً حتى ينتابك شعور بالبؤس والإحباط، وأنت تشاهد الفقر المدقع يسكن جدران المنزل، وما تبقى من أثاثه، بالرغم من الابتسامة التي استقبلنا بها، وهي تزين وجهه متحدياً بها ويلات ومحن الزمن التي ابتلي بها، وما زال يتلظى بنيرانها دون وجيع.

كان الحزن والألم والمرض واضحين في ملامحه التي تحمل تفاصيل الشخصية السودانية الأصيلة من قوة وصبر واحتمال.

 

ياسر محمد عبد الله الشهير بـ(جنجا) مخرج مسرحي ودرامي معروف، كانت له إسهامات كبيرة في المجال المسرحي، مؤسس لفرقة الأشقاء الغنائية الاستعراضية للأطفال، وعضو مؤسس لإعادة تأهيل وافتتاح حديقة القرشي في العام ١٩٨٩، قبل أن يترك العمل بسبب ظروفه الصحية والمادية، ليصبح عاطلاً عن العمل، وهو يكابد ويجاهد لتوفير لقمة حلال، تسند بطنه وزوجته وابنه من الجوع.

 

(1)

ابتدر ياسر حديثه عن بداياته في المجال الدرامي وما تعرض له من مضايقات: (عملت في مجال الدراما من العام ١٩٨٢ إلى ٢٠٠٦، عانيت فيها ما عانيت، تمت محاربتي في العمل العام والخاص، في تلك الفترة قدمنا الكثير في مجال الدراما، لكن الوضع كان مؤذياً بالنسبة للفنان والمبدع؛ لأن الفنون تعري المجتمع؛ لذلك النظام البائد حاربنا لأنه كان لا يريد تعرية المجتمع بل تلميعه، تعرضنا لمضايقات من قطع أجور واعتقالات، نحن أكثر فئة عانت من النظام البائد.

 

(2)

كشف ياسر عن أسباب مرضه وعدم قدرته على مواصلة عمله: (كنت قد تعرضت لحادث وتعرضت لإصابة في الظهر والركبة حدت من نشاطي، لكنني لم أتوقف، وظللت أعمل مع الأطفال لتربية جيل جديد وتقديم رسالة حب الوطن والسودان، بعدها تكالبت عليَّ الدنيا والأمراض من غضروف ومشاكل في العيون، بعد ٢٨ سنة توقفت عن الدراما؛ لأن ما يُقدم عبارة عن تدليس للحقائق، فقط يريد أغلب الدراميين الظهور دون معرفة نوعية الرسائل التي يقدمونها عبر أعمالهم التي قد تضر بالمجتمع، بعض الزملاء (ربنا يسامحهم) عسكوا اتجاه الدراميين ١٨٠ درجة.

 

(3)

واصل: (بعد الغضروف تعطلت من الحركة، ذهبنا وآخرين يعانون أيضاً لاتحاد المهن التمثيلية، وتقدمنا بطلب مساعدات، كان الرد ليس لدينا ما نعطيه لكم، بالأصح البعض قال لنا: (انتو ما مشيتوا مع الموجة اكلو ناركم).

أشار ياسر للأعمال التي لجأ إليها لتلبية احتياجات أسرته: (عندما تعبت مع الحياة، اضطررت لدخول كورسات خبائز وحلويات التابعة لشركة سيقا، لكن الفرن الصغير الذي كنا نعمل به تعطل، فأتت زوجتي بفرن أهلها حتى نستطيع تلبية طلبيات العيد، لكن بمرور الوقت ارتفعت أسعار المواد (الدقيق والسكر والزيت واللبن) وغيرها، توقفنا نهائياً عن العمل وزادت المعاناة.

 

(4)

واصل: (لديَّ طفل عمره (٦) سنوات رزقت به بعد سنوات وطول انتظار، فهو يتشهى الأكل السمح؛ وحتى لا أحرمه ولمواجهة الظروف اضطررت لبيع جزء من أثاث المنزل، حتى الغرفة التي قررت تشييدها؛ حتى أستفيد مادياً بإيجارها قمت ببيع الزنك نسبة للحاجة الشديدة، زوجتي لا تعمل، كانت تدرس في جامعة أمدرمان الإسلامية قسم اللغة العربية في السنة الثالثة، إلا أنها تركت الدراسة، وضحَّت بشهادتها نسبة للظروف المادية الصعبة، وتفرغت لتربية ابننا الصغير (ربنا يقدرني أن أجازيها).

(5)

أضاف: (صراحة لا أشاهد الدراما السودانية؛ لسبب واحد هو أن الممثلين السودانيين لديهم إشكالات معينة عندما يجلس الممثل أمام الكاميرا لا ينتبه لحواره ، انتباهه يكون مركزاً مع الكاميرا أينما تحولت تحولوا معها؛ مما يشتت انتباههم عن النص، ما بعد الثورة الدراما اشتغلت الدراما في السطح، لم تتعمق في المجتمع لطرح القضايا المسكوت عنها حتى تكتمل الثورة.

(6)

عن عدم مشاركته في مهرجان البقعة الذي كان يتقلد مهامه الممثل علي مهدي، قال ياسر: (مهرجان البقعة عبارة عن شلليات، وعلي مهدي كنت أعمل معه في منظمة الأطفال في سوبا، لكن هي أيضاً كانت داخلها شلليات، أي شخص يقف مع علي مهدي يمكن أن يسافر ويفوز بجوائز، لكن إذا كنت غير موالٍ له، لو قدمت فيلم (تايتنك) فلن تفوز، لديَّ معه تجربة في مسرحية قمت بإخراجها بعنوان (زهرة البنفسج) قام باستبعادي من المسابقة.

(7)

لفت ياسر الانتباه لوضعه الصحي الحالي: (أعاني من الجلاكوما، استعمل قطرة دائمة، إلا أنني لديَّ مدة (٦) أشهر لم استعملها لعدم وجود المال لشرائها، واذا لم أستمر فيها فأنا مهدد بالعمى، حالياً بعد المغرب نظري ضعيف وغير قادر على شراء النظارة أيضاً، تبقى لي شيئان إذا فقدتهما لا داعي لحياتي، هما النظر والصحة).

(8)

اختتم ياسر: (أتمنى من الخيرين ممن يستطيعون مساعدتي لحفظ كرامتي من أجل لقمة عيشي أن يساعدوني بما يرونه مناسباً).

  حوار: محاسن أحمد عبدالله

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

Exit mobile version