عدد من الأسباب فتحت الباب أمام عودة الإسلاميين إلى الواجهة، عقب ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام المؤتمر الوطني الإسلامي، وحلفائه من الأحزاب التي تم إسقاطها في أبريل 2019 م.
الفترة الانتقالية التي تعثرت أكثر من مرة في خطواتها نحو الديمقراطية وتأسيس دولة العدالة المنشودة، كانت ذاهبة نحو غايتها على الرغم من العثرات التي لازمت خطاها.
ليقوم المكون العسكري بخيانة شريكهم في السلطة الانتقالية بقيادة المدنيين، ليجد وزراء الحكومة الانتقالية أنفسهم في غياهب السجون، لتدخل البلاد في نفق مظلم، أقعدها في كافة النواحي الاقتصادية والأمنية والمجتمعية.
عقب الانقلاب وبعد أن اشتدت هوة الخلاف واتقدت جذوة الثورة مجدداً، وشبه تعطل للحياة، قدمت العديد من المؤسسات والأحزاب والأفراد مبادرات في محاولة لإنهاء الأزمة التي عقدت الحياة أكثر مما عليه.
لتأتي الجبهة الثورية الشريك الأصيل في حكومة الانقلاب بمبادرة تتفق في كثير من نقاط المبادرات التي طرحت إلا أنها تفردت، بفتح الباب أمام الإسلاميين والجلوس معهم ومحاورتهم لحل الأزمة.
حيث كشفت الجبهة الثورية عن حوار مع تيارات إسلامية بشأن الأزمة السياسية ولإحداث توافق وطني مطلوب.
وقال د. الهادي إدريس رئيس الجبهة الثورية وعضو المجلس السيادي لـ(الحراك السياسي) الحوار ينبغي أن يظل مفتوحاً لكل القوى السياسية عدا المؤتمر الوطني، حتى يتمكن الجميع من الإجابة على الأسئلة التي ترتبط بالأزمة الحالية. وأضاف بأن الحوار المطروح حوار لمرحلتين، المرحلة الأولى تضم الأطراف الموقعة على الوثيقة الدستورية ولن يتوقف (هنا). وأشار إلى الإشكاليات التي أفرزتها قرارات 25 أكتوبر والأزمة الوطنية الكبيرة الماثلة. وقال إدريس هذا نقاش ينبغي أن يديره كل السودانيين وأن يشاركوا فيه بلا استثناء عدا حزب المؤتمر الوطني. وتابع بأن الوطني حزب محلول ويواجه بقضايا أمام المحاكم وقال (ماعندنا مشكلة مع الإسلاميين) وأن الحوار سيكون شاملاً. وأشار لانتقادات من قبل البعض بسبب إقصاء الإسلاميين كتيار عريض، وقال الإسلاميون تيارات عريضة وتضم أشخاصاً لم يرتكبوا فساداً أو خلافه. وأضاف من ارتكب فساداً من الإسلاميين لن نتحاور معه والإسلاميون المعنيون بالحوار ليس لهم علاقة بالمؤتمر الوطني، ولهم أدوار معلومة. وأشار إلى مواقف حزب المؤتمر الشعبي وقال إنه حزب له مواقف جيدة، لكنه محسوب مع التيار الإسلامي العريض. وكشف الهادي عن اجتماع له مع الشعبي اليوم وتيارات إسلامية أخرى، وشدد بالقول سنتحاور مع الإسلاميين عدا المفسدين. وأضاف هناك فرق بين الإسلاميين والمؤتمر الوطني.
فيما قال المحلل السياسي ياسر علي، إن المبادرة التي قدمتها الجبهة الثورية، سوف تعقد المشهد السياسي أكثر مما هو عليه الآن، لأنها أقحمت الإسلاميين في الفترة الانتقالية التي حددت من قبل الشعب السوداني معالمها.
ولفت ياسر إلى أن هرولة الجبهة الثورية نحو الإسلاميين سوف تخلق حالة من عدم الرضا وقد يتواصل إلى العداء من قبل قوى الثورة. وأضاف: الشعب السوداني يعرف من هم الإسلاميون خلال فترة حكمهم الأخيرة، في محاولة لإعادتهم للمشهد تجعلهم الجميع (الإسلاميين- الجبهة الثورية) في مرتبة واحدة.
وقال المحلل السياسي إن الجبهة الثورية تمارس (الاستهبال) السياسي من خلال المبادرة التي طرحتها، وهذه الخطوة التي تنادي بها الجبهة الثورية هي ورطة أكبر لحل الأزمة السياسية الراهنة.
ويرى ياسر أن الجبهة لن تأتي بحل للأزمة، وعليها أن تحل الأزمة الأمنية بدارفور التي تشهد هذه الأيام سيولاً من دماء العزل. فحديثهم عن فتح الحوار مع الإسلاميين كسب وقت ولن يجدي نفعاً.
في ذات السياق يصف المحلل السياسي مصعب أحمد عمر الخطوة التي قامت بها الجبهة الثورية عبر مبادرتها بـ(الجريئة)، لأن الوضع الحالي يتطلب وفاقاً جماعياً دون إقصاء لأحد، وأن الجلوس مع الجميع في طاولة يؤتي أكله.
وقال مصعب، الحوار مع الإسلاميين سيجد معارضة شرسة من قوى الثورة، وقد يصنف الجبهة بأنها تميل نحو الحركة الإسلامية، وإنها تريد هندسة علاقتها معهم بإعادتهم للمشهد، وهذا في حد ذاته تحدٍ للجبهة، وعليها أن تمضي للأمام دون الاكتراث للأصوات المخالفة لهم.
وأردف بالقول: الهادي يريد أن يعلي من قيمة الحوار (السوداني – السوداني)، وأن الحوار بين المكونات يقرب المسافة بين الفرقاء. وقد تنجح الثورية إذا كانت مؤمنة بذلك وأن تعلم جيداً بأن الطريق لن يكون ممهداً لها في مهمتها.
الخرطوم: (صحيفة الحراك السياسي)