حيدر المكاشفي يكتب: فضل الله برمة..دكتور جيكل ومستر هايد

منذ توقيع الاتفاق السياسي بين البرهان ورئيس مجلس الوزراء المستقيل د. عبد الله حمدوك الموقع في 21 نوفمبر 2021، ومرورا الآن بالوثيقة التي أعدها المركز الأفريقي لدراسات الحوكمة والسلام والتحول، ومركز دراسات السلام والتنمية بجامعة بحري، وهي الوثيقة التي تقول القيادية بحزب الأمة رباح الصادق المهدي أن أحد عرابيها هو محمود زين العابدين محمود، وتصف سيرته الشخصية بأن فيها عروقاً دساسة كثيرة: دباب، أمنجي ومنسق خدمة، ووقع على هذه الوثيقة في 20 ابريل الجاري 2022 ضمن الموقعين الآخرين اللواء فضل الله برمة، وظلت طوال هذا الزمن الممتد مواقف رئيس حزب الامة القومي المكلف، مربكة ومتأرجحة يشوبها الغموض والضبابية، وقد تسببت هذه المواقف المتأرجحة لرئيس الحزب في ارباك المراقبين والمحللين والصحافيين عن ادراك موقف الحزب الحقيقي كمؤسسة، هل هو من الموقعين أم الممانعين، فرغم تبرؤ غالب قيادات الحزب من هذه الوثيقة واعتبار أن توقيع رئيسه يحسب عليه شخصيا ولا علاقة لمؤسسات الحزب به، تبقى حجة عصية على القبول بها، فلو كان من وقع مثلا قيادي آخر من وراء ظهر المؤسسات كان يمكن أن تمر الحجة بعد بلعها بكوز موية، أما ان يكون من وقع سابقا على اتفاق البرهان حمدوك المرفوض من قبل مؤسسات الحزب هو الرئيس، ثم مرة أخرى يكون الموقع الان على الوثيقة اياها التي لا تعلم مؤسسات الحزب عنها شيئا هو الرئيس نفسه، فلا شك أن في الأمر إنَّ..

هذا الحال المتذبذب الذي عليه رئيس حزب الأمة القومي المكلف، لا يعفي الحزب من تبعاته ومترتباته ولا يبرئه من هذه المواقف المتقاطعة، خاصة ان رئيس الحزب كرر موقفه المتذبذب هذا غير ما مرة، دون ان تضع مؤسسات الحزب حدا لتذبذبه وتأرجحه بين المواقف المتقاطعة، وطالما ان الحزب غير قادر وربما غير راغب في وقف تذبذب مواقف رئيسه، سيكون بلا شك وضعه مثل وضع رئيسه، وما يؤخذ على رئيسه يؤخذ عليه، فاذا قيل مثلا ان فضل الله برمة ناصر رئيس حزب الأمة يتعامل بشخصيتين مختلفتين ويتحدث بلسانين متناقضين، سيصدق هذا الوصف ايضا على الحزب كمؤسسة، فرئيس الحزب يتخذ موقفا يسعى من ورائه لمصالحة الانقلابيين والوصول لتسوية معهم، وفي موقف آخر مناقض يريد ان يسقط الانقلاب، ومن المنطقي ان يجعل هذا التذبذب الذي عليه فضل الله برمة الكثيرين يتساءلوا بحيرة وأفواه فاغرة من الدهشة، هل حزب الأمة القومي يعاني داء الشيزوفرينيا ويتعامل بشخصيتين اعتباريتين في داخله، كما في الرواية العالمية للأديب الاسكتلندي روبرت لويس (دكتور جيكل ومستر هايد)؟، أحدهما يمثل جانب الخير بوقفته ضد الشر والشريرين والشرور، بينما يمثل جانب آخر السادية والشر…

 

صحيفة الجريدة

Exit mobile version