Site icon كوش نيوز

جعفـر عبـاس يكتب: هل الصلع مفتاح الثراء؟

من‭ ‬خصالي‭ ‬الحميدة‭ ‬القليلة‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أحكم‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬بمقتضى‭ ‬أشكالهم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الوسامة‭ ‬او‭ ‬المظهر‭ ‬العام‭ ‬او‭ ‬حتى‭ ‬طريقتهم‭ ‬في‭ ‬الكلام،‭ ‬ومن‭ ‬حسنات‭ -‬وربما‭ ‬مساوئ‭- ‬عملي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التلفزيون‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬أنه‭ ‬علمني‭ ‬عدم‭ ‬الانبهار‭ ‬بأشكال‭ ‬الناس،‭ ‬فقد‭ ‬رأيت‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬المذيعات‭ ‬اللاتي‭ ‬يحسبهن‭ ‬الآخرون‭ ‬عسلاً‭ ‬مصفى‭. ‬

رأيتهن‭ ‬على‭ ‬الطبيعة،‭ ‬وياما‭ ‬جالست‭ ‬الكثيرات‭ ‬منهن‭ ‬عند‭ ‬استضافتي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القناة‭ ‬التلفزيونية‭ ‬أو‭ ‬تلك،‭ ‬فكن‭ ‬يشبهن‭ ‬شمع‭ ‬العسل‭. ‬يعني‭ ‬وجوههن‭ ‬مليئة‭ ‬بالكلاكيع‭ ‬والأخاديد‭ ‬والأودية‭ ‬المتصدعة،‭ ‬وزاملت‭ ‬مذيعين‭ (‬رجالاً‭) ‬ترى‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬فتحسبه‭ ‬‮«‬جعفر‭ ‬عباس‮»‬‭ ‬زمانه‭: ‬شعره‭ ‬حرير‭ ‬وخدوده‭ ‬ملساء‭ ‬ورموشه‭ ‬مثل‭ ‬مكانس‭ ‬سعف‭ ‬النخيل،‭ ‬ثم‭ ‬جالستهم‭ ‬خارج‭ ‬بيئات‭ ‬العمل،‭ ‬في‭ ‬منتديات‭ ‬أو‭ ‬لقاءات‭ ‬اجتماعية،‭ ‬فارتفعت‭ ‬معنوياتي‭ ‬لأنني‭ ‬اكتشف‭ ‬أنني‭ ‬مقارنة‭ ‬بهم‭ ‬‮«‬مهند‮»‬‭ ‬زماني،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬شكلي‭ ‬طبيعي،‭ ‬ولا‭ ‬أستخدم‭ ‬مثلهم‭ ‬الموكيت‭ ‬لسد‭ ‬الثغرات‭ ‬في‭ ‬فروة‭ ‬رأسي،‭ ‬ولا‭ ‬أطلي‭ ‬وجهي‭ ‬بأي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الدهان،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬شكلي‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬مثل‭ ‬شكلي‭ ‬في‭ ‬الليل‭ ‬وشكلي‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬مثل‭ ‬شكلي‭ ‬في‭ ‬مارس‭. ‬وشعري‭ ‬طبيعي،‭ ‬وصحيح‭ ‬أن‭ ‬الشيب‭ ‬مارس‭ ‬معي‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وغزا‭ ‬كل‭ ‬شبر‭ ‬في‭ ‬رأسي‭ ‬بحجة‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬أسلحة‭ ‬الغبار‭ ‬الشامل،‭ ‬ولكنه‭ ‬يبقى‭ ‬شعري‭ ‬‮«‬حلالي‮»‬‭ ‬ولم‭ ‬أستعره‭ ‬من‭ ‬رأس‭ ‬ميت‭ ‬أو‭ ‬فقير‭ ‬باعه‭ ‬ليأكل‭. ‬وخدودي‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬أخاديد‭ ‬بسبب‭ ‬القنابل‭ ‬العنقودية‭ ‬التي‭ ‬قصفني‭ ‬بها‭ ‬الدهر،‭ ‬ولكنها‭ ‬ليست‭ ‬بحاجة‭ ‬حتى‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نيفيا‮»‬‭ ‬وأخواتها،‭ ‬ولا‭ ‬كولاجين‭ ‬ولا‭ ‬بوتوكس‭ ‬الذي‭ ‬ينفخ‭ ‬الخدود‭ ‬والشفاه،‭ ‬ولوني‭ ‬أسمر،‭ ‬والسمرة‭ ‬مكياج‭ ‬طبيعي‭ ‬وهبة‭ ‬ربانية‭ ‬يسعى‭ ‬ذوي‭ ‬البشرة‭ ‬الفاتحة‭ ‬لاكتسابها‭ ‬بالأصباغ‭ ‬المسرطنة‭ (‬بالمناسبة‭ ‬فإن‭ ‬أصحاب‭ ‬البشرة‭ ‬السمراء‭ ‬أقل‭ ‬عرضة‭ ‬لسرطانات‭ ‬الجلد‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬التعرض‭ ‬لأشعة‭ ‬الشمس‭)‬،‭ ‬ولكن‭ ‬ملامحي‭ ‬الجميلة‭ ‬الفتاكة‭ ‬تلك‭ (‬وموتوا‭ ‬بغيظكم‭ ‬يا‭ ‬جماعة‭ ‬الباروكات‭ ‬والدهانات‭ ‬والجل‭) ‬تؤكد‭ ‬حسب‭ ‬دراسة‭ ‬سخيفة‭ ‬شملت‭ ‬نحو‭ ‬3000‭ ‬شخص،‭ ‬أجراها‭ ‬باحثون‭ ‬في‭ ‬هونج‭ ‬كونج،‭ ‬أنني‭ ‬لست‭ ‬‮«‬وش‮»‬‭ ‬نعمة،‭ ‬لأنها‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬الصلع‭ ‬هم‭ ‬الأكثر‭ ‬ثراء،‭ ‬فقد‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬95‭%‬‭ ‬من‭ ‬المصابين‭ ‬بالصلع‭ ‬تبلغ‭ ‬مداخيلهم‭ ‬الشهرية‭ ‬نحو‭ ‬ستة‭ ‬آلاف‭ ‬دولار‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬وكلما‭ ‬ازدادت‭ ‬ثروة‭ ‬المرء‭ ‬الـ‭ (‬مالية‭)‬،‭ ‬نقصت‭ ‬ثروته‭ ‬وفروته‭ ‬من‭ ‬الشعر‭. ‬

فارفع‭ ‬يا‭ ‬صديقي‭ ‬يديك‭ ‬بالدعاء‭: ‬اللهم‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬شعري‭ ‬سبب‭ ‬فقري‭ ‬فخلصني‭ ‬منه،‭ ‬وليكن‭ ‬معلوما‭ ‬لديك‭ ‬أن‭ ‬قص‭ ‬الشعر‭ ‬بالكامل‭ ‬على‭ ‬الـ«زيرو‮»‬‭ ‬عند‭ ‬الحلاق‭ ‬لا‭ ‬يجعل‭ ‬منك‭ ‬أصلع،‭ ‬وعليك‭ ‬بالتالي‭ ‬أن‭ ‬تستخدم‭ ‬نوعية‭ ‬الكريمات‭ ‬التي‭ ‬تعصف‭ ‬بالشعر‭ ‬وتجعل‭ ‬الرأس‭ ‬قاعاً‭ ‬صفصفا‭! ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬يحيرني‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬أغنى‭ ‬رجل‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬بيل‭ ‬جيتس‭ ‬لديه‭ ‬شعر‭ ‬مثل‭ ‬عرف‭ ‬الحصان،‭ ‬فهل‭ ‬ينطبق‭ ‬قانون‭ ‬الصلع‭ ‬والثروة‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬هونج‭ ‬كونج؟

يخيل‭ ‬إليّ‭ ‬أنني‭ ‬أعرف‭ ‬الإجابة‭: ‬طبعاً‭ ‬حتى‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬ذكاء‭ ‬فيفي‭ ‬عبده‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬الصلع‭ ‬ليس‭ ‬مفتاح‭ ‬الثراء،‭ (‬هل‭ ‬رأيتم‭ ‬اللقطة‭ ‬التلفزيونية‭ ‬حين‭ ‬سألوها‭: ‬لو‭ ‬طلبوا‭ ‬منك‭ ‬ان‭ ‬تختاري‭ ‬التقاط‭ ‬صورة‭ ‬سيلفي‭ ‬هتكون‭ ‬مع‭ ‬مين؟‭ ‬صمتت‭ ‬قليلا‭ ‬–‭ ‬وليتها‭ ‬صمتت‭ ‬الى‭ ‬الأبد‭ ‬–‭ ‬وقالت‭: ‬هتكون‭ ‬مع‭ ‬ربنا‭!!) ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬لديه‭ ‬مال‭ ‬يفوق‭ ‬احتياجاته‭ ‬العادية،‭ ‬يصاب‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬السعار‭ ‬ويصبح‭ ‬أكثر‭ ‬حرصاً‭ ‬وميلاً‭ ‬إلى‭ ‬جمع‭ ‬المال،‭ ‬ومضاعفة‭ ‬مدخراته‭ ‬وودائعه،‭ ‬وكلما‭ ‬كثر‭ ‬المال‭ ‬ازداد‭ ‬الإنسان‭ ‬قلقاً‭ ‬وهلعاً،‭ ‬والقلق‭ ‬والهلع‭ ‬من‭ ‬مسببات‭ ‬الصلع‭… ‬وبالمقابل‭ ‬فإن‭ ‬شخصاً‭ ‬مثلي‭ ‬ينام‭ ‬قرير‭ ‬العين‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬سماعه‭ ‬أن‭ ‬بورصة‭ ‬كذا‭ ‬وكذا‭ ‬خسرت‭ ‬كذا‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬وأن‭ ‬أسهم‭ ‬الشركة‭ ‬الفلانية‭ ‬سقطت‭ ‬سقوط‭ ‬سلمان‭ ‬رشدي‭ ‬صاحب‭ ‬الآيات‭ ‬الشيطانية‭ ‬الذي‭ ‬شجع‭ ‬زوجته‭ ‬الجديدة‭ ‬لاكشمي‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬صور‭ ‬لها‭ ‬وهي‭ ‬عارية‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬كتاب‭ ‬يمجد‭ ‬الإباحية‭ ‬والعري‭.‬

 

أخبار الخليج

Exit mobile version