حيدر المكاشفي يكتب: خليها بنفسجية يا أبو هاجة

لم اندهش أو استغرب، فالشئ من معدنه لا يستغرب، فالانقلابات ملة واحدة ومن معدن واحد، فانقلاب اكتوبر 2021 من نفس معدن انقلاب يونيو 1989، ولهذا أقول لم اندهش أو استغرب عند مطالعتي تصريحات مستشار البرهان الاعلامي العميد أبو هاجة، التي هدد فيها أجهزة الاعلام والصحف بعدم تجاوز الخطوط الحمراء، وتوعدها بالويل والثبور وعظائم الأمور ان هي تخطت خطوط الانقلاب الحمراء، واستبطنت تهديداته المغلفة العودة كما في النظام البائد لاستخدام الإجراءات الأمنية والعقوبات الإدارية والرقابة الامنية القبلية والبعدية والمصادرات والايقافات في حق الصحف واجهزة الاعلام،
وقد أعادت تهديدات ابو هاجة بعدم تجاوز ما أسماه الخطوط الحمراء الى ذاكرتي، حكاية طريفة حدثت لي مع أحد سائقي الأمجاد من النوع الثرثار وكثير السؤال على أيام النظام البائد، وحكايتي معه بدأت بعد استفساري له عن قيمة المشوار الذي أقصده، قال (خليها بالنية)، شعرت بأنه باجابته الفضفاضة هذه يمتحن شخصيتي ويختبر ذوقي، قلت تحاشيا للحرج (لا بل الأولو شرط آخرو نور)، بعد جدال قصير حول ما يراه وأراه اتفقنا على قيمة المشوار وصعدت الى داخل العربة، أدار المحرك وتحركت السيارة التي بدا واضحا أنها تحتاج (عمرة وسمكرة)، كان مذياع السيارة يعمل بصوت متحشرج، أظنه كان يبث احدى النشرات الاخبارية، كنت في شغل شاغل عنه، فقد كانت تشغلني مشكلة تحتاج لتدبير بعض المال، وبينما كنت مستغرقا في التفكير في الكيفية التي أدبر بها المبلغ، قطع علي السائق تفكيري بسؤاله المربك (خط أحمر يعني شنو يا أستاذ)، كان الرجل يتابع نشرة الأخبار المحلية وربما وردت فيها اشارة لهذا الخط الأحمر الذي يسأل عنه، قلت ماذا تقصد، قال الآن سمعت مسؤلا يقول ان الشئ الفلاني هذا خط أحمر، وكثيرا ما أسمع من كثير من المسؤولين يرددون عبارة أن الشئ العلاني أو الموضوع الفلتكاني أو الشخص الفلاني خط أحمر، حتى تشابهت علي واختلطت الخطوط الحمر، فلم أدر ماهي هذه الخطوط الحمراء ومن يحددها، وأريدك الآن أن تعرفني بها، ثم أضاف متراشقا (ياخي ما يخلوها مرة كدا بنفسجية) ..
كدت أن أجيبه على طريقة الكوميديان المصري سعيد صالح ، عندما باغتت الأبلة زميله الطالب الكوميديان الأشهر عادل امام، بسؤالها الذي أربكه (ماهو المنطق)، فحار جوابا واستعان بزملائه في الفصل ليعينوه على الاجابة، فتصدى لاعانته زميله سعيد صالح ولكن على طريقة (جيتك يا عبد المعين تعيني لقيتك يا عبد المعين تتعان)، فقد قال (أنا عارف بجيبو الأسامي العجيبة دي من وين)، ولكن طغت علي سودانيتي فاخترت أن أجيبه على طريقة تلك المرأة السودانية التي تشاجرت مع رفيقة لها وأنذرتها بعدم تعدي حدودها، وتوعدتها شرا حال تخطيها تلك الحدود، قائلة (حكووومة والناس مظلومة..وعشان كدا اعملي لاين وأقيفي بهايند..وأفهميها بقى وأعملي شخيت وأقيفي بعيد)، ثم غمغمت قائلا اللهم أكفنا شر الشياطين الحمر والخطوط الحمر وخليك في خطوط السير يا بتاع أمة الأمجاد والماضي العريق..الا صحيح يا أبو هاجة ماهي حدود هذه الخطوط ومن يحددها وما هي درجات اللون الأحمر..وعلى رأي سائق الأمجاد (ما تخليها بنفسجية أو على الأقل خاتفة لونين)..

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

Exit mobile version